يدافع فؤاد زويريق، كاتب وناقد سينمائي مغربي مقيم بهولندا، عن الدعارة وبائعات الهوى بالمغرب، مُطالبا بالاعتراف القانوني بالدعارة، أو على الأقل تقدير "الدور الذي تسديه لخزينة الدولة"، ومنتقدا النفاق المجتمعي السائد إزاء "العاهرة" التي يصفها بـ"الإنسانة المحترمة جدا".
وقال زويريق، في حديث مع هسبريس، إن ظاهرة الدعارة تعرفها كافة المجتمعات دون استثناء، ويجب الاعتراف بها، أو على الأقل الاعتراف بالدور التي تسديه لخزينة الدولة"، مضيفا أن "هذه حقيقة لا يمكن تجاهلها إلا لدى أصحاب العقول الوهمية التي تظن نفسها تعيش في المدينة الفاضلة".
الدعارة لا تضر..والمجتمع "منافق"
ولفت مؤلف "طيور عابسة" و"خطاب الصورة" إلى أن الدعارة كما يعرفها الجميع، موجودة ومنتشرة بكثرة في مجتمعنا، أحببنا ذلك أم كرهنا، لهذا ـ يضيف زويريق ـ وجب تقبلها كما هي، بل تقنينها حتى تستفيد منها خزينة الدولة بطريقة مباشرة ومشروعة، وفي نفس الوقت يستفيد منها المجتمع نفسه من خلال احتوائها في مرافق أو فضاءات خاصة بها بعيدا عن الأماكن العمومية، والحد من عشوائيتها غير الصحية".
ويرى الكاتب ذاته أن "الدعارة نفسها لا تسبب خطرا، ولا مضرة بقدر ما تسببه عشوائيتها، فعندما توفر البنية التحتية لهذه الظاهرة، من تطبيب ومراقبة وحماية وتوعية..، إذ ذاك ستصبح أقل وأخف ضررا، وهذا ليس بغريب عن المجتمعات المتحضرة التي استفادت منها استفادة كاملة، باعتبارها قطاعا هاما للاقتصاد الوطني، وليست عدوا أو وباء وجب محاربته واستئصاله".
وزاد بالقول إنه يتعين تقبل الأخر لبائعة الهوى "العاهرة"، التي تعتبر فاعلا أساسيا، وليست مفعولا به في مجتمعات تجاوزت بسنوات ضوئية واقعنا الضبابي المنافق والمتناقض مع نفسه"، مضيفا أن "مجتمعنا مجتمع مصاب بوسواس الأخلاق، والقيم، والتدين، وهو للأسف بعيد كل البعد عن هذه الصفات" وفق تعبير زويريق.
وتابع الناقد السينمائي بالقول إن "جولة واحدة داخل مدننا تكفي، خاصة السياحية منها، وستجد تناقضا مهولا فيما نؤمن به، وماهو موجود على الأرض، حيث إن شيزوفرينيا واضحة المعالم أصابت تفكيرنا، وعمى الألوان أصاب عقولنا، وعدم الاعتراف بالواقع الذي نعيشه يجعلنا نتأخر أكثر وأكثر في تحديد أعراض المرض ومعالجته، فبدل سياسة الانكار التي لن تجدي نفعا، علينا أن نواجه واقعنا بكل عيوبه ونتقبله" يؤكد المتحدث.
وانتقد زويريق ما قال إنه نفاق يسود المجتمع المغربي "نحن مجتمع متدين ومحافظ، لكن داخل بيوتنا ومساجدنا فقط"، مردفا أنه عند النظر إلى أنفسنا وإلى النصف الأخر من الوعاء، نجد أن أغلب الرجال يتسابقون نحن أوكار الدعارة، يصاحبون هذه، ويرافقون تلك، وفيما بينهم يحتقرونها، فأليس هذا شذوذا أخلاقيا وسادية فكرية" يتساءل الكاتب المغربي.
العاهرة..منسجمة وصبورة ومحترمة
وقال زويريق، في تصريحاته لهسبريس، إن "العاهرة" ـ وهو وصف قدحي يستحيي وصفه بها ـ منسجمة مع نفسها، وتتحمل أطنانا من الهموم والمشاكل اليومية، ومع ذلك توجد في خضم معركة خاسرة، تصارع أمواجها، وتقاوم مدها، لالشيء سوى لأنها دُفعت دفعا إلى هذه المهنة".
وأكد الكاتب ذاته أنه لا توجد واحدة من "العاهرات" رضيت بما تقوم به من أجل متعتها الشخصية، فهناك خلفيات ومسببات يجب الإطلاع عليها، حتى يعي أن هذه ''العاهرة'' إنسانة أولا وأخيرا، تحارب على جبهتين من أجل قضية عادلة، ليس بالضرورة أن تكون معلنة، قد تكون قضيتها شخصية أو عائلية".
وأوضح زويريق أنه لا يخجل من نعت "العاهرة" بالإنسانة المحترمة جدا، حيث إنه لو توفرت لها الفرصة كاملة، لكانت كذلك أو أكثر، فعلى الأقل ستستفيد منها الدولة أكثر مما تستفيد منها الآن، وبطريقة مشروعة، وذلك عوض اللعب على الحبلين، بتشجيعها في الخفاء، ومحاربتها في العلن".
ووجد الكاتب المقيم في هولندا أن العهر لا يوجد في "العاهرة" بقدر ما ينخر قطاعات أخرى، نحسبها عفيفة، لكن الدعارة ضاربة أطنابها فيها، إلى حد استوجبت استئصال القطاع كله، وتأسيسه من جديد"، من قبيل الدعارة الثقافية والسياسية، والعهر الاقتصادي والصحي".
وخلص زويريق إلى أنه يتعين التوجه أكثر إلى هذه القطاعات التي استشرى فيها الفساد، بدل التشبث بقضية خاسرة من بدايتها، وعوض سياسة "الحكرة" التي نمارسها على كائن ضعيف، ساهمنا بطريقة أو بأخرى في محنته، وأوصلناه الى ماوصل اليه بتشجيع منا، وفي الأخير ندعو إلى إعدامه تحت مقصلة ظالمة غير عادلة"، على حد تعبير الكاتب المغربي.
هسبريس ـ حسن الأشرف