زعم موقع "ديبكا" الاستخباري الإسرائيلي في تقرير نشرته الأسبوعية، أن ثلاثة أمراء آل سعود وأحد كبار المؤثرين في القصر الملكي يغامرون باتباع نهج جديد للحكم في السعودية، بأن يبدأ التحرك بعيدا عن مصالح العائلة المالكة "الضيقة" إلى نهج أوسع نطاقا، يهدف تدريجيا إلى الإصلاح في الداخل وسياسة خارجية نشطة في الخارج.
ويرى التقرير أن السير في الاتجاه الجديد تقوده الرباعية الماسكة بالقرار السعودي، وأورد الموقع أسماءهم وهم: الأمير بندر بن سلطان، مدير المخابرات العامة، وزير الداخلية محمد بن نايف بن عبد العزيز، قائد الحرس الوطني الأمير متعب، وهو ابن الملك عبد الله ، ورئيس الديوان الملكي خالد التويجري، وموقعه يعادل منصب رئيس الوزراء، وهو المستشار الشخصي للملك.
وتركيبة هذه الرباعية تثير الاهتمام لأسباب عديدة منها:
1. الملك عبد الله اطمأن إلى أن اثنين من أعضائها يرجعان إليه في القرارات العسكرية والسياسية الرئيسية. ومع ذلك بسبب تقدمه في السن (91 عاما)، يقول التقرير، تدهور صحته، فإن أكثر هذه القرارات تؤول بالضرورة إلى هذا الثنائي.
2 . في عام 1970 صدر مرسوم الملك فيصل بشأن ترتيب الخلافة يقوم على مبدأ انتقال الحكم بين أبناء الجيل الأول للمؤسس بن سعود، وفقا للعمر والقدرة. الآن، ولأول مرة خلال 40 عاما، انتقل الحكم في المملكة إلى مجموعة أمراء لا يطبقون هذا النظام.
مراقب محنك للمشهد السعودي يتذكر تعليق الأمير بندر يوم أن كان سفيرا في واشنطن قبل 30 عاما، أنه يأمل في يوم ما تشكيل سياسات بلاده بعيدا عن "اعتبارات العائلة المالكة"، والآن قد بلغ المنصب الرفيع في الرياض، ويبدو أنه قوي بما يكفي لبدء كسر الاتفاقية القديمة.
في الوقت نفسه، فإن معظم الخبراء السعوديين يتوقعون عملية مطولة وتدريجية للإصلاح على مدى سنوات.
3 . يلاحظ أن اثنين من الشخصيات السعودية القوية يدعمان اللجنة الرباعية: ولي العهد ووزير الدفاع سلمان بن عبد العزيز و"القطب الدولي" الأمير الوليد بن طلال آل سعود، الذي سخر علاقاته الدولية الممتدة وثروته الضخمة لتسهيل مهمة الرباعية.
4 . اتفق أعضاء اللجنة الرباعية على أربعة مبادئ توجيهية للسياسات لتعزيز الإصلاح في جميع مناحي الحياة السعودية، كما أورد التقرير، في الوقت الذي تحاول فيه تحريك وتنشيط السياسة الخارجية.
وترى مصادر نشرة "ديبكا" الأسبوعي في هذا النشاط نهجا جديدا وقطيعة مع النظرة التقليدية لكل من الرئيس الأمريكي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين.
وفي حين تعارض النخبة الأميرية بحزم سياسة الولايات المتحدة الحالية في الشرق الأوسط والحرب على الإرهاب، فإنها تتناغم في كثير من الأحيان مع السياسة الروسية في هذين المجالين مع
تأييد رؤية موسكو.
5 . القيادة السعودية تعترض بشدة على سياسات أوباما في قضيتين: مبادرة لتقارب الولايات المتحدة مع إيران والاعتراف بجماعة الإخوان المسلمين كقوة سياسية صاعدة ومؤثرة في المنطقة الرئيسية.
وفي هذا، يرى بندر في نهج الرئيس الأميركي تجاه إيران رخصة أمريكية لطهران للحفاظ على الأسلحة النووية، وهو لا يثق بتعهد أوباما المعلن لمنع حدوث ذلك، أو يعتقد أنه لن يلجأ إلى القوة العسكرية لتحقيق هذه الغاية.
ويقول التقرير إن الرياض ترى في تنظيم الإخوان المسلمين قوة مؤثرة ومحركة "في "الحركة الإرهابية الإسلامية"، وتهديدا لحكم المملكة العربية السعودية. وبالتالي فإن السعوديين (كما أورد التقرير) جاهزون لدعم أي قوة في المنطقة على استعداد لمحاربة جماعة الإخوان ومقاومة "مرونة" إدارة أوباما مع هذه الحركة.
وقد كان لصراع المصالح السعودية والأمريكية تأثير قوي في التحولات التي شهدتها مصر في الفترة الأخيرة.
وقد رمت السعودية بثقلها السياسي والعسكري والمالي خلف قائد الانقلاب الجنرال عبد الفتاح السيسي ورؤساء السلطة القضائية، وقد تم حظر جماعة الإخوان هذا الأسبوع وصدر أمر بتجميد أصولها المالية.
ويقول التقرير إن السياسة السعودية النشطة تجاه القاهرة نجحت في تخليص النظام العسكري المصري من الاعتماد (ولو إلى حين) على المال الأمريكي والمساعدات العسكرية وربط اعتماد الانقلابيين على المملكة العربية السعودية للحصول على القوت، وفقا لما أورده التقرير.
وقد تمكنت الرباعية السعودية من دفع عجلة الانقلاب القطري، والذي تنازل فيه الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عن الحكم لصالح ابنه تميم وأُزيح رئيس الوزراء الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، الذي كان يُتهم بدعم صعود الإخوان السياسي في المنطقة، وهي تؤثر في المغرب وتونس (وتهيئ لهذا في سوريا) للغرض نفسه: إبعاد الإخوان وإفشالهم في الحكم.
وفيما يتعلق بالحرب السورية، فإن الرباعة السعودية الحاكمة وقفت ضد سياسات أوباما، وهي على قناعة أنها سوف تُنهي حكم بشار الأسد، وتؤجج الصراع ضد محور إيران وسوريا وحزب الله.
6 . رغم الاختلافات الجوهرية بين الرياض وموسكو حول سوريا وإيران، فإن زيارة الأمير بندر إلى موسكو في 31 يوليو، واجتمع طويلا مع الرئيس بوتين وتبادل الرأي معه وربما توصلا إلى أرضية مشتركة كافية لتمهيد الطريق لسلسلة من مجالات التعاون بينهما.
والأهم من ذلك كله، فهما يشتركان في نظرة واحدة بخصوص محاربة صعود جماعة الإخوان، وأجمعوا أيضا على جانب واحد من المسألة السورية: مصالح الطاقة المشتركة بينهما.
خدمة العصر