"سأتجرع السم وأوقف إطلاق النار من أجل إيران ".. قال الزعيم الروحي الإيراني الراحل ، الإمام الخميني هذه الكلمات في عام 1988 بعد أن وصل عدد القتلى الإيرانيين إلى مليون وصار المعوقون مليونين وشرد أكثر من أربعة ملايين بسبب الحرب مع العراق، والتي استمرت ثماني سنوات.
بنفس هذا المنطق، دعى الكاتب المصري والمفكر الإسلامي، فهمي هويدي، المعروف بتوجهه الإسلامي، في مقالة له نشرتها أمس جريدة "الشروق" المصرية الخاصة، جماعة الإخوان المسلمين إلى أن "تتجرع السم من أجل مصلحة الوطن، رغم فداحة الثمن الذي دفعته، والظلم الذي وقع عليها، وتنهي الصراع الدائر مع السلطة"، معربا عن ثقته في حكمة ووطنية قيادات الجماعة.
ورغم أن هويدي، أعلن في ختام مقالته أنه لم يكمل فكرته، وسيعرض باقي تفاصيلها الأسبوع المقبل، إلا أن دعوته أحدثت جدلا ، خاصة أن البعض قرأها في سياق أنها تمثل تحولا في مواقف هذا الكاتب الذي يعد من أبرز معارضي خارطة الطريق التي طرحها الفريق أول عبد الفتاح السيسي في 3 يوليوز الماضي، واعتبرها في عدة مقالات انقلابا على شرعية الرئيس المنتخب محمد مرسي.
وإذا كان الكاتب قد تنبه في مقاله إلى حساسية مثل هذه الدعوة لدى القاعدة العريضة من شباب الإخوان، وقال انه يقدر مشاعر قواعد الجماعة في تجاوبها معها، فإن ما توقعه حدث بالفعل، وامتلأت صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" منذ صباح أمس بعشرات التعليقات من شباب الجماعة من بينها: "هذه دعوة للجلوس في البيت".."هذه دعوة للقبول بالظلم" .. "يعني لو استجبنا لهذه الدعوة، بنفس المنطق تقبل غزة بالأمر الواقع وتسلم أرض فلسطين بلا أي مقاومة لإسرائيل".
وحتى أمس، لم يصدر أي بيان رسمي عن الجماعة حول مدى تجاوبهم مع هذه الدعوة، كما رفض هاني الديب، القيادي بالجماعة، والمقيم في لندن، التعليق عليها، وقال لمراسل الأناضول: "نفضل الانتظار حتى يكمل الأستاذ هويدي فكرته الأسبوع المقبل".
في المقابل، فإن حسام مؤنس، المتحدث باسم التيار الشعبي، الذي يقوده حمدين صباحي، والتابع لجبهة الإنقاذ المعارضة للإخوان رأى أن الإخوان لم يعد أمامهم من سبيل سوى الاستجابة لها.
وفي تصريحات خاصة لمراسل الأناضول، وصف مؤنس الدعوة بأنها " متأخرة "، لكنها بمثابة " قشة الغريق" التي يمكن أن يتشبث بها الإخوان "حتى يصبحوا جزءا من المجتمع المصري"، على حد قوله.
وأضاف قائلا: "الإخوان أخطأوا أخطاء فادحة خلال عام من حكم البلاد، ويصرون على الخطأ بسبب عنادهم، وهو ما سيتسبب لهم في خسائر أكبر"، معتبرا أن "هناك إرادة شعبية رافضة لهم الآن، وعليهم أن يستوعبوا ذلك".
وحول رد فعل السلطة حال تجاوب الإخوان مع دعوة هويدي، أوضح مؤنس ان "السلطة القائمة لا تسعى لاستئصال الإخوان، ولكن أفعالهم هي التي تدفع في هذا الاتجاه"، مسشهدا بأنه سبق أن وجه الجيش الدعوة لرئيس حزب الحرية والعدالة محمد سعد الكتاتني للمشاركة في الاجتماع مع القوى السياسية لإقرار خارطة الطريق في 3 يوليو الماضي، وكذلك توجيه الدعوة لنفس الحزب لترشيح ممثلا في لجنة الخمسين لكتابة الدستور وتابع: "الإخوان وبدلا من التجاوب مع هذه الدعوات، اختاروا العناد والصدام".
من جانبه، وصف جواد الحمد رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط ومقرة العاصمة الأردنية عمان، الدعوة بأنها " مثالية ".
وفي تصريحات خاصة لمراسل وكالة الأناضول، قال الحمد : "حل الأزمة في مصر لا يكون إلا بالجلوس على مائدة حوار، وبأن يكون كل طرف على استعداد لتقديم تنازلات، أما القول بأن طرف من الطرفين يتنازل عن كل مكتسباته بلا أي مقابل، فهذه مثالية لا توجد لدى الإخوان، كما أنها لا توجد لدى العسكر".
الأناضول