أجرى الرئيس الجزائري تغييرات جديدة في الأجهزة التي تتحكم بمفاصل السلطة، وطال التغيير هذه المرة جهاز الاستعلامات، وهي تغييرات توقع مراقبون أن تنتهي إلى انتفاضة قوية داخل السلطة مستفيدة من توتر الوضع الأمني والاجتماعي بالبلاد.
وأنهى عبد العزيز بوتفليقة مهام مدير الأمن الداخلي ومكافحة التجسس على مستوى جهاز "المخابرات"، كما شمل التغيير أيضا مدير الأمن الخارجي.
ويأتي هذا في سياق حملة كبرى لـ"تطهير المؤسسات" ممن يمكن أن يهدد بقاء السلطة في أيدي عائلة بوتفليقة، وخاصة الأخ الصغير سعيد الذي تقول الدوائر الجزائرية المختلفة إنه يمسك بكل الملفات.
لكن مراقبين مقربين من السلطة يتوقعون ردة فعل قوية قد تحدث في أي لحظة من جهاز المخابرات الذي تم استهدافه بشكل كبير.
وينتظر المراقبون أن تكون ردة الفعل هذه من اللواء محمد مدين الذي اشتهر باسم الجنرال توفيق، الذي أمسك بمأمورية جهاز الاستعلامات، وكان وفيا لبوتفليقة قبل أن ينقلب عليه بدعم وتحريض من أخيه سعيد.
وكشف هؤلاء أن توازنات جديدة داخل الأجهزة العسكرية يتم ترتيبها بتنسيق تام بين سعيد بوتفليقة والقيادات العسكرية التي تم تصعيدها في المواقع الهامة للتخلص من الموالين للجنرالات القدامى الذين تمت إزاحتهم رغم كل التضحيات التي قدموها لبوتفليقة خاصة في ملاحقة المجموعات المسلحة وتصفيتها واستقطابها.
وكان بوتفليقة الذي يعاني من المرض إثر إصابته بجلطة دماغية قبل خمسة أشهر، قد أجرى تغييرا حكوميا كبيرا قبل أسبوعين شمل وزارات الداخلية والخارجية والدفاع.
وكانت "العرب" توقعت، اعتمادا على مصادر خاصة، أن يعمد بوتفليقة بعد عودته من رحلة التداوي في باريس إلى إجراء حركة واسعة شملت قيادات وألوية المؤسسة العسكرية بغاية ترقية قيادات جديدة موالية له، والتخلص من كل من يغرد خارج السرب.
وابرز هذه الخطوات فرض شخصية عمار سعيداني على رأس الحزب الحاكم، وهو الذي يعرف بعلاقته القوية مع الرجل رقم واحد في الرئاسة، المستشار والشقيق، سعيد بوتفليقة.
ويعتقد المراقبون أن شق الرئاسة قد لا يهنأ بنجاح خطته، وأن الشق المنافس قد يستفيد من الاحتجاجات التي تحدث هنا وهناك لاعتبارات اجتماعية أو ثقافية عرقية.
وهي أوضاع أشارت إليها أكثر من جهة جزائرية، فقد حذر منذ أيام رئيس الحكومة الأسبق والمرشح لانتخابات 2014 أحمد بن بيتور من "انهيار" الدولة وبروز "العنف الاجتماعي والإرهاب".
من جانبه اعترف وزير المالية كريم جودي، بأن الارتفاع الأخير للنفقات العمومية، مقابل عجز الميزانية. كان بسبب القرارات السياسية التي اتخذتها القيادة من أجل امتصاص غضب الشارع.
وهي إشارة واضحة إلى مسار "شراء" السلم الاجتماعي بأموال الريع النفطي الذي انتهجته السلطة منذ هبوب رياح "الربيع العربي"، لضمان استمرارها في الحكم.