قال مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية إن القائمة التي قدمها النظام السوري إلى منظمة حظر الأسلحة
الكيماوية مكتملة ومشجعة وذكر المسؤول الأمريكي أن واشنطن مندهشة ومتشجعة إزاء الكشف السوري الذي كان كاملاً على نحو غير متوقع من دمشق.
بدورنا، فنحن لم نندهش أبداً من موقف بشار الأسد من تسليم أسلحته الكيماوية إلى الولايات المتحدة، وليس هناك معنى للقول بأنه سلم أسلحته للمنظمة المسؤولة، فما تلك المنظمة إلا جزء من النظام الدولي التي تقوده الولايات المتحدة، وبعض الدول النافذة. لم نكن لنندهش لأن الأسد استطاع أن يدمر ماضي سوريا وتراثها ويعتدي على حضارتها ويقتل أبنائها ويشرد أهلها فما الذي يمنعه من أن يسلم أسلحتها أيضاً.
ونحن لم نندهش أيضاً بسبب المخازي الكبيرة التي أنجزها الأسد لسوريا، فأبوه انتصر في عام 1967 عندما اغتصب وزارة الدفاع مع أنه طلب من الجنود الانسحاب من الجولان والقنيطرة، ثم انتصر مرة أخرى عام 1973 حيث خسرنا أرضاً جديدة. ثم عاود الانتصار عام 1982، إذ قتل في أيام قليلة أربعين ألف سوري في مدينة حماة، وأعلن انتصاره على الإرهاب من شاشة التلفزيون السوري، ونزل الهتيفة والشبيحة يصيحون بمجده في الشوارع والطرقات. وجاء الابن فانتصر على الفور في لبنان، حيث عبست الولايات المتحدة في وجهه وطلبت منه الانسحاب، فهرب مذعوراً لا يلوي على شيء ولكنه أوعز مع ذلك لإعلامه وجنده أن يغنوا ويرقصوا ويرفعوا شارة النصر بالخروج من لبنان. بل وأقيمت حفلات الدبكة في شوارع دمشق بمناسبة ذلك الانتصار العظيم. ومع أن اللبنانيين نادوا ثلاثين سنة بانحساب الجيش السوري إلا أنهم لم يفلحوا، ولكن عبسة أمريكية واحدة كانت كفيلة بهروب سريع غير منظم، بل وعمليات اغتيال وتصفية طالت على سبيل المثال غازي كنعان. عندما دمر حزب الله لبنان في العام 2006 أعلن الأسد أيضاً انتصاره، وإن كنا لم نفهم حتى الآن على وجه التحديد كيف انتصر، لكنه من المعلوم أن عمداء الكليات ورؤساء الجامعات دبكوا أيضاً ورفعت شارات النصر في كل مكان. لن أذكركم بالانتصارات التي حققها الأسد الابن على النساء في جامعة دمشق إذ مُنعن من الالتحاق بالتعليم بسبب النقاب، وأعلن انتصاره بعدها على الإرهاب والتطرف. ثم أعلن الأسد انتصاره على أطفال درعا، ثم نساء بانياس، وشيبة حمص، ثم مالبث أن رفع راية النصر في القصير وتل كلخ. أما في داريا فحدث ولا حرج، إذ انتصر بشار حتى الآن ثلاثاً وثلاثين مرة على الإرهاب هناك.
طلبت أمريكا من الأسد أن يسلم السلاح الكيماوي في أسبوع فوافق في دقائق معدودة، ثم طلبت منه أن يقدم قائمة بأسلحته فقدم واحدة فاقت التوقعات كما ذكرت في بداية هذا المقال. إنه بالفعل رجل متعاون ومنتصر.
الإعلام السوري وشبيحة الأسد يرفعون اليوم شارات النصر في كل مكان فقد انتصروا على أحد ما بتسليمهم الكيماوي. المشكلة أننا حتى اليوم لا نعرف بالضبط من الذي خسر المعركة وهزمه الأسد.
كل ما نعرفه أن صفقة أمريكية – روسية عقدت كي يستمر بشار بالحكم إلى العام 2014 على الأقل. والأسد مستعد، بكل تأكيد، للتنازل عن أي شيء في سبيل ذلك.
د. عوض السليمان. دكتوراه في الإعلام. فرنسا