قال مهندسو اتّفاق أوسلو الذين أداروا لقاءات المفاوضات مع الإسرائيليين في مقابلات مع الإعلام الإسرائيلي: "ياسر عرفات كان الزعيم الفلسطيني الوحيد الذي يستطيع التوقيع على اتفاق وكسب الرأي العام الفلسطيني".
وإثر مرور 20 سنة على اتّفاقات أوسلو، جرت مقابلة عدد من المسؤولين الفلسطينيين في الإعلام الإسرائيلي، وأقرّ معظمهم بفشل أوسلو.
فقد اعترفت حنان عشراوي، عضوة اللجنة التنفيذية لمنظمة تحرير فلسطين إبّان المحادثات السرية بين الإسرائيليين والفلسطينيين قبل التوقيع على اتفاقات أوسلو في حديقة البيت الأبيض الجنوبية، في مقابلة مع الإعلام الإسرائيلي أنّ أكثر ما أزعجها هو الاتّفاق نفسه، قائلةً: "أرانا أبو مازن إذّاك مسوّدة الاتفاق بين الوفود الإسرائيلية والفلسطينية. نظرتُ إلى المسوّدة، وأذكر أنني حذرتُ من أن الاتّفاق يمكن أن يؤدي إلى كارثة كبرى. سألتُ أبا مازن لمَ لا يمكننا العمل عليها أكثر. ماذا يمكن فعله للتغيير؟ أخبرني أبو مازن أنه لا يمكن تغيير أي شيء، لأنّ عرفات وقّع على الاتفاق بالأحرف الأولى. بدا الأمرُ غريبًا بالنسبة لي. كيف يمكن التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق دون مناقشته في منظمة التحرير؟ كان الرد الفوري لأبي مازن أنّ هذا هو أفضل ما يمكن الحصول عليه من الإسرائيليين، وأنّ الأكثر أهمية هو عودة القيادة الفلسطينية إلى أرض الوطن. أوضح لي أبو مازن كم كان مهمًّا لعرفات أن يعود إلى الوطن".
وأضافت عشراوي أنه دون عرفات، ما كان يمكن للاتفاق أن يتمّ. "لم نكن لنوقّع على معاهدة مع الإسرائيليين دون عرفات. رأيتُ التغيير الذي حدث لدى عرفات. من قائد ثورة شعبية إلى رجل سلام. كان الزعيمَ الفلسطيني الوحيد القادر على اتّخاذ قرارات صعبة. كان الزعيمَ الوحيد الذي يستطيع كسب الرأي العام الفلسطيني إلى جانبه، ونقله إلى طريق السلام".
ووجّه أمين سرّ اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عبد ربه، الشريك الأساسي لعرفات في أوسلو، إصبع الاتهام لكلا الجانبَين، وادّعى أنّ المفاوِضين تسرّعوا: "على الأرجح، تسرّعنا. كانت هذه عملية مشبعة بفرط ثقة. لو منحنا العملية مزيدًا من الوقت لسدّ كل الثغرات، بحيث لا يتمكّن أي زعيم فلسطيني أو إسرائيلي أو أية قيادة مستقبلية أخرى من استغلال الثغرات في الاتفاق لإبطاله، كنّا سننجح أكثر. أعلم أننا تسرّعنا. كان علينا منح العملية وقتًا أطول، ليس سنواتٍ بالضرورة، بل بضعة أشهر إضافية لسدّ جميع الثغرات".
وشدّد عبد ربه هو الآخر على الدور الهام الذي لعبه عرفات في العملية: "ما كان أوسلو ممكنًا دون عرفات. كان عرفات الرجل الذي، في لحظات حاسمة جدًّا في المفاوضات، لحظات تردد فيها الكثير من القياديين الفلسطينيين، خلع القفاز وقاد السفينة. دونه، ما كان يمكننا التقدم خطوةً واحدة إلى الأمام، أو حتى سنتيمترًا واحدًا".
وأوجز عبد ربه، وهو من لاجئي مدينة يافا عام 1948، في المقابلة أنّ أهمية أوسلو تكمن، من جهته، في الحقائق التي كرّستها على الأرض. "نحن، الفلسطينيين، واقع موجود. لا يمكن التغاضي عنّا. الهدف الأساسي للعملية، بنظري، هو بدء آلام مخاض استقلالنا كفلسطينيين. قبل ذلك، كان كل شيء حلمًا، مجردَ نظرية. أمّا الآن، فنقترب أكثر فأكثر من استقلالنا".
أمّا أحمد قريع (أبو العلاء)، الذي كان شريكًا في العملية التاريخية، بفعل منصبه القيادي في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، فقد كان متفائلًا: "أوسلو هو اتفاق مرحلي جيّد. وأشدّد على أنه اتفاق مرحلي صالح لخمس سنوات فقط. ما كان يمكن أن يكون اتّفاقًا نهائيًّا. لم يكن من الخطأ التوقيع على الاتّفاق، حسب رأيي. إذا كان ثمّة من يدّعي أنّ أوسلو مات، فيجب بالتالي دفنه وإنتاج اتّفاق جديد بناءً على أوسلو. للأسف، ما زال تقسيم الأراضي إلى مناطق A، مناطق B، ومناطق C قائمًا، وليت بالإمكان دفنَ هذا التقسيم، وإنتاج أراضٍ متصلة قابلة للحياة في إطار اتّفاق جديد. لا خيارَ بديلًا في الوقت الحالي. فالاتفاق الذي يعمل الجانبان على أساسه هو أوسلو".
* نقلا عن المصدر الاسرائيلي