النقاش العام الدائر حول توجيه ضربات لسوريا منح «حزب الله» وايران متسعاً كبيراً من الوقت كي يُصعّدا من حدة خطابهما وتهديدهما بالانتقام. فقد صرح عضو البرلمان الإيراني منصور حقيقت بور قائلاً، "إذا وجّهت الولايات المتحدة ضربة عسكرية ضد سوريا، فإن جمرات الغضب الذي يستعر في ثورات المنطقة سوف تتجه نحو النظام الصهيوني". وقد رد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسرعة وبشكل حاسم بقوله: "إن دولة إسرائيل مستعدة لأي سيناريو. نحن لسنا جزءاً من الحرب الأهلية في سوريا ولكن إذا حددنا أي محاولة على الإطلاق لإلحاق الأذى بنا فسوف نرد، وسنرد بقوة".
ويسعى «حزب الله» للإبقاء على بشار الأسد في السلطة حفاظاً على مصالحه ومصالح إيران على حد سواء. فقد ظلت سوريا على مدى سنوات بمثابة النصير الموثوق لهذه الجماعة الإسلامية، وهي علاقة لم تتعمق جذورها إلا في ظل حكم الأسد. والدليل على ذلك أنه بحلول عام 2010، لم تقم سوريا بالسماح بشحن الأسلحة الإيرانية إلى «حزب الله» على طول البلاد وعرضها فحسب، بل أفادت التقارير بمنحها الجماعة المسلحة صواريخ سكود بعيدة المدى من ترسانتها.
ويحرص «حزب الله» على ضمان بقاء هذه الممرات الجوية والبرية مفتوحة للحصول على الأسلحة والأموال وغيرها من المواد من طهران. وحتى لحظة اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، كانت الطائرات تحلق من إيران باتجاه مطار دمشق الدولي لتنقل حمولتها إلى الشاحنات العسكرية السورية حيث يتم اصطحابها بعد ذلك إلى لبنان بهدف تسليمها إلى «حزب الله». والآن هذا «الحزب» هو بأشد الحاجة إما إلى تأمين نظام الأسد أو سيطرته على المطار والطرق المؤدية إلى لبنان أو، على أقل تقدير، ترسيخ الهيمنة العلوية المحكمة على المناطق الساحلية، وذلك لكي يتمكن من تلقي الشحنات المرسلة عن طريق مطار اللاذقية وميناءها، كما كان عليه الحال في الماضي.
وفي هذا الصدد – وفي حال عدم قدرة إيران و«حزب الله» وسوريا على هزيمة الثوار واسترضاء الأغلبية السنية – يقوم «حزب الله» بتوظيف وكلاء محليين يستطيع من خلالهم الحفاظ على نفوذه في البلاد.
وبينما تستمر الولايات المتحدة بدراسة طريقة الرد، يفعل أيضاً «حزب الله» الشئ نفسه. وبالفعل، هناك دلائل تشير إلى أن جميع الأطراف تستعد لأي ضربة عسكرية. ففي سوريا، هناك تقارير تفيد بأن قوات نظام الأسد تُخلي المباني التي تضم مراكز القيادة بل وتنقل صواريخ سكود وغيرها من المعدات العسكرية الثقيلة بعيداً عن أماكن الخطر. وتردد أن عوائل المسؤولين السوريين يفرون من المنطقة عن طريق رحلات جوية من مطار رفيق الحريري الدولي في العاصمة اللبنانية بيروت.
وفي الوقت نفسه، استدعت إسرائيل جنودها الاحتياطيين بشكل محدود كي تظهر استعدادها، كما نشرت دفاعات صاروخية استراتيجية. وحركت الولايات المتحدة أربع مدمرات نحو أحد المواقع في البحر المتوسط لتكون قادرة منه على ضرب سوريا، وقام «حزب الله» بحشد قواته في جنوب لبنان.
لقد تكبد «حزب الله» خسائر فادحة في سوريا، ولكنه يبقى عدواً له خطورته. فبإمكانه إطلاق صواريخ على إسرائيل، كما تتمتع شبكته العالمية بنفس قدراته ويُمكن أن تنفذ هجمات إرهابية تستهدف المصالح الإسرائيلية أو الغربية. فقد زُعم أن «حزب الله» قام في تموز/يوليو 2012 بتفجير حافلة تقل سياحاً إسرائيليين في بلغاريا كما نجح تقريباً في تنفيذ مؤامرة مماثلة في قبرص في الشهر نفسه. بالإضافة إلى ذلك تم اكتشاف عملاء لـ «حزب الله» في نيجيريا في أيار/مايو هذا العام وبحوزتهم كميات كبيرة من الأسلحة يُزعم أنهم كانوا يعملون على استهداف مصالح إسرائيلية وغربية. وفي ضوء هذه المؤامرات وغيرها التي حيكت، وصفت الحكومة الأمريكية «حزب الله» بأنه "شبكة عالمية واسعة" تقوم بـ "إرسال الأموال وعملائه السريين لتنفيذ هجمات إرهابية في جميع أنحاء العالم".
والسؤال هو : ما مدى شدة الضربات الجوية التي [قد] تستهدف سوريا وبأي صورة سيكون رد «حزب الله» الانتقامي على مثل هذه الهجمات؟
ماثيو ليفيت هو مدير برنامج ستاين للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن ومؤلف كتاب "«حزب الله»: البصمة العالمية الواضحة لـ «حزب الله» اللبناني".