تفاعلت قضية "النقاب" بين فئات المجتمع والحكومات ووسائل الإعلام من تونس إلى سويسرا مرورا ببريطانيا.
وتصاعد الجدل في بريطانيا إثر حكم قاض بعدم جواز تقديم امرأة مسلمة أدلة أمام المحكمة أثناء إجراءات محاكمتها وهي ترتدي النقاب، فيما أثيرت قضية النقاب مع اقتراب التصويت على قانون يحظر ارتداءه في سويسرا.
وتأتي هذه القضية في وقت تبحث فيه الحكومة كيفية تحسين إدماج 2.7 مليون مسلم في بريطانيا في المجتمع دون تقييد حق حرية التعبير الديني.
على صعيد آخر رفض أساتذة الجامعات التونسية "السماح للطالبات بارتداء النقاب" داخل فصول الدراسة لأنه "يمنع التواصل البيداغوجي" و"يمثل عائقا أمام عملية التعليم" و"يفرض تقسيما غريبا بين الطالبات داخل المؤسسة الجامعية"، وذلك في تحد صارخ لتصريحات وزير التعليم العالي والبحث العلمي والقيادي في حركة النهضة منصف بن سالم الذي أكد أنه "ضد منع النقاب في الجامعات".
واتهم المجلس العلمي لجامعات تونس العاصمة الوزير بن سالم بـ"محاولة تأجيج الوضع في الجامعات" في بداية الموسم الدراسي الحالي من خلال "إعادة طرحه لموضوع النقاب كما لو أنه قضية القضايا بالنسبة إلى منظومة التعليم والحال أنه مسألة هامشية بالنظر إلى ما تواجهه الجامعات التونسية من تحديات شاملة وعميقة تتعلق بمهامها العلمية والتربوية" في ظل الأزمة التي تمر بها البلاد والتي ألقت بظلالها على قطاع التعليم بجميع مستوياته.
ويشدد الأساتذة الجامعيون على أنهم "متمسكون بموقفهم الرافض للنقاب" مؤكدين على "ضرورة كشف الطالبة لوجهها خلال حصص الدراسة والتأطير والامتحانات".
وانتقل جدل النقاب إلى سويسرا، حيث ينتظر التصويت على قانون في الثاني والعشرين من سبتمبر الحالي، أطلق عليه "أنت برقع" يحظر على النساء ارتداء النقاب.
ويقود المجلس الإسلامي في سويسرا حملة لمطالبة المواطنين بالتصويت ضد أي تشريعات تحضر ارتداء النقاب، فيما تشير القراءات الأولية لردود الشارع السويسري أن هذه التشريعات مرحب بها ضد النقاب، حيث يقود المناهضون لارتداء النقاب حملة تحمل شعار "رجاء لا تحجر عليّ".
وأظهر الموقف السياسي البريطاني الوجه المتسامح حيال تعدد الأعراق في البلاد، فيما شددت غالبية الصحف على أهمية حرية المعتقدات والخيارات الشخصية، باستثناء الصحف الشعبية التي طالبت بمنع ارتداء النقاب في المدارس.
واستبعد رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كاميرون فكرة الطلب من البرلمان تحديد "ما على الناس أن يرتدوه في الشارع".
وقال نائب رئيس الوزراء نيك كليغ "نحن في بلد حر ولن يكون لبريطانيا حق في أن تقول للناس ما عليهم ارتداؤه" وهو الذي "يعتقد بقوة أنه لا ينبغي تقليد دول أخرى عبر إصدار مراسيم وقوانين"، في إشارة إلى القانون الذي صدر قبل ثلاث سنوات في فرنسا وبلجيكا والذي منع ارتداء النقاب ووُوجه برفض وتحد، أرغم السلطات الأمنية في البلدين على التساهل في تنفيذه.
واقترح سكرتير وزارة الداخلية البريطانية جيريمي براون منع النقاب للقاصرات مشيرا إلى منعهن من شرب الكحول والتدخين.
وقال براون "قد تكون هناك حاجة لاتخاذ إجراءات لحماية حرية الاختيار للبنات المسلمات اللاتي لا يستطعن أن يقررن ما إذا كن يرغبن بارتداء النقاب بسبب صغر سنهن"، ودعا إلى "إطلاق نقاش وطني حول دور الدولة في وقف فرض ارتداء النقاب على الفتيات، بسبب الجدل الدائر بأن مثل هذه الاجراءات تمثل تقييداً للحريات".
وأضاف الوزير البريطاني أنه "قلق بشكل غريزي بشأن تقييد حرية الأفراد لمراعاة دينهم، غير أن هناك نقاشاً حقيقياً حول ما إذا كان ينبغي على الفتيات أن يشعرن بالإكراه من ارتداء النقاب وفي مجتمع يكون فيه الأطفال غير قادرين على التعبير عن اختياراتهم الشخصية حيال مسائل أخرى، مثل شراء الكحول أو التدخين أو الزواج".
فيما دعا القاضي بيتر مورفي الذي أجاز للمنقبة المثول أمام المحكمة بنقابها، إلى أن يصدر البرلمان أو محكمة ذات الصلاحية "جوابا نهائيا" بسرعة.
وقال "أصبح النقاب حاجزا كبيرا داخل قاعة المحكمة". وأوجد حلا وسطا بأن المرأة تستطيع ارتداء النقاب خلال باقي أوقات المحاكمة التي تستمر في وقت لاحق من هذا العام والتي تواجه فيها اتهامات بترهيب شاهدة في قضية أخرى.
وجادلت المرأة – التي لا يمكن كشف إسمها لأسباب قانونية والتي بدأت ارتداء النقاب في مايو -2012 بأن كشف وجهها أمام رجال ليسوا من عائلتها يخالف معتقداتها.
لكن ميرفي قال إن القضاة يجب أن يراقبوا ردود فعلها حتى تتحقق العدالة.
ووجه المجلس الإسلامي في بريطانيا دعوة إلى الهدوء مشيرا إلى أنه "كلما فتح جدل حول النقاب واكبه سيل من التعليقات المتعصبة بخصوص ديننا ومكان الإسلام في بريطانيا العظمى".