حسب جريدة "الفيغارو" الفرنسية، فقد قام الرئيس الجزائري، عبدالعزيز بوتفليقة، "عشية الانتخابات الرئاسية التي ستجري بعد أشهر، بتفكيك جهاز الاستخبارات القوي وتشكيل حكومة جديدة تضم الموالين له.
وتنقل الجريدة عن ضابط استخبارات جزائري أنه "كوريث لبومدين، يعرف بوتفليقة أنه إذا لم يسيطر على الجيش، فهو لا يسيطر على شيء"! ويلقي هذا التعليق ضوءاً على القرارات الصادرة عن الرئاسة الجزائرية في الأيام الأخيرة..
فحسب عدد من صحف الجزائر، أسفرت مراسيم رئاسية غير منشورة عن تقليص صلاحيات جهاز الاستخبارات العسكرية الجزائري (دي إر إس، أي "دائرة الاستعلام والأمن))، وهو يشكل العمود الفقري الحقيقي للنظام، من أهم صلاحياته:، وهي المعلومات والاتصالات و"الأمن العسكري"، الذي سيصبح ضباطه وأفراده الذين يحملون صفة الضابطة القضائية تابعين للقضاء العسكري من الآن فصاعداً.
أي أنهم لن يعودوا تابعين للمدير "الأسطوري" لـ"دائرة الاستعلام والأمن"، الجنرال "توفيق محمد لامين مدين" (74) سنة)، بل سيصبحون تابعين لرئيس أركان الجيش الجزائري، الجنرال قايد صلاح (73) سنة) الذي أصبح نائب وزير الدفاع الوطني بموجب التغيير الوزاري الذي جرى قبل أيام.
ويقول أحد ضباط جيش البر: "قائد صلاح، مثل كل الجيش، مؤيد للرئيس. وستسفر المناورات الرامية إلى تقليص صلاحيات الاستخبارات عن تقوية نفوذ بوتفليقة. ولكن، حذار، فلا ينبغي أن يظن أحد أن التغييرات ستمسّ أجهزة الاستخبارات في صميم عملها. لأن شيئاً لن يتغير في حقيقة الحال.
"فالأمن العسكري كان، أصلاً، يرفع تقارير لهيئة الأركان. أما بالنسبة لوظيفة "الاستعلام"، فسيظل جهاز الاستخبارات يمارس عمل الاستخبارات لأنه مبرّر وجود أي جهاز لمكافحة التجسس"!
بالمقابل، تؤكد المصادر المناوئة لجهاز الاستخبارات في القصر الرئاسي في "المرادية" أن الجنرال "توفيق" تلقى ضربة قوية، مشيرة ً إلى أن الحكومة الجديدة التي ما زال عبد الملك سلال يرأسها تتألف بمعظمها من موالي لبوتفليقة.
وتضيف صحيفة "الفيغارو" أن هذه ليست أول محاولة لإضعاف "إدارة الاستعلام والأمن". فقد سعى الرئيس الجزائري السابق "الشاذلي بن جديد" لتفكيك الجهاز العملاق الذي كان يسمّى "الإدارة المركزية للأمن العسكري".
"ولكن المحاولة لم تنجح، لأن جهاز المخابرات لا ينحصر بهيكليته التنظيمية، بل هو يتألف من رجال وشبكات بالدرجة الأولى. وطالما لم يوقّع بوتفليقة على مرسوم إحالة "توفيق" إلى التقاعد، حيث إنه بات مؤهلاً للتقاعد مثل جميع الضباط منذ أن بلغ65 سنة، فلن تتعرض إدارة الاستخبارات لخسارة لا تُعوّض"، حسب أحد الضباط الجزائريين.
أما داخل جهاز الاستخبارات العسكرية نفسه، فإن بعض الضباط يعلّقون بأن التغييرات الأخيرة التي تجري قبل أشهر من انتخابات الرئاسة، وفي مناخ صراع على المناصب.
هي حصيلة "تسوية" في واقع الأمر!، وحسب "الهواري عدي"، وهو أستاذ في معهد الدراسات السياسية في مدينة ليون، فإن "جهاز الاستخبارات العسكرية قَبِلَ الانسحاب من بعض المواقع، وبالمقابل فإن أياً من ضباطه لن يتعرض للمساءلة في قضايا الفساد التي تورط فيها". ويضيف: "كان مستحيلاً أن يغادر وزير الطاقة السابق، "شكيب خليل" (المتهم بقضايا فساد كبيرة في شركة "سوناطراك" البترولية)، البلاد من دون مساعدة جنرالين أو ثلاثة"!
ولكن أحد ضباط الاستخبارات العسكرية الجزائرية يعتقد أن ما حدث هو "حل وسط" من منظور انتخابات الرئاسة في العام 2012. ويقول: "لا يشن بوتفليقة الحرب على أجهزة الاستخبارات سوى لتعزيز سلطته. ونحن نشهد الآن المرحلة النهائية لعملية تفكيك الأجهزة التي بدأت في العام 2004. بالمقابل، فإن "توفيق" يحتفظ بوظيفته ويؤيد ترشيح بوتفليقة لولاية رابعة. إن نتيجة المباراة بين توفيق وبوتفليقة هي 1 مقابل 1 حتى الآن، والكرة في وسط الملعب"!
يعني كل ما سبق أن سيناريو الولاية الرابعة، الذي بدا مستبعداً كلياً بعد نقل الرئيس بوتفليقة إلى فرنسا للعلاج في شهر أبريل، قد عاد بقوة الآن.
خدمة العصر