كشفت مصادر عربية قريبة من الأسرة الحاكمة في قطر أن أمير الدولة السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني يبحث جدّيا في كيفية إيجاد موقع للشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية السابق يعوّضه عن اضطراره إلى التخلي عن كلّ مناصبه. وأوضحت أن أمير قطر السابق يسعى إلى أن يصبح حمد بن جاسم أمينا عاما للأمم المتحدة خلفا للكوري الجنوبي بان كي مون الذي تنتهي ولايته آخر سنة 2016.
وكان الشيخ حمد بن خليفة تنازل عن موقع أمير الدولة في يونيو الماضي لنجله تميم، وهو من زوجته الشيخة موزة المسند، وبات يفكّر حاليا في كيفية إيجاد موقع لحمد بن جاسم الذي فقد كلّ مناصبه في الوقت ذاته، بما في ذلك موقع نائب رئيس صندوق الثروة السيادية المعروف بـ" هيئة الاستثمار القطرية" الذي كان عمليا تحت إشرافه. ويدير هذا الصندوق ما بين 300 و400 مليار دولار من الاستثمارات القطرية في العالم.
وأوضحت المصادر نفسها أن الأمير الأب يركز حاليا على كيفية جعل حمد بن جاسم يتولى موقع الأمين العام للأمم المتحدة. ويعتقد الأمير الأب، استنادا إلى قريبين منه، أن في استطاعة قطر القيام بحملة ديبلوماسية تصبّ في إيصال رئيس الوزراء السابق إلى موقع الأمين العام للأمم المتحدة، خصوصا أن لديها متسعا من الوقت والإمكانات لذلك.
ولاحظت المصادر أن قطر لعبت دورا أساسيا في العام 2006 في إيصال بان، الذي كان وزيرا للخارجية في كوريا الجنوبية، إلى موقع الأمين العام للأمم المتحدة الذي تولاه في 2007.
وأشارت إلى أنّ الدوحة كانت من بين العواصم العربية القليلة التي ألقت بثقلها خلف بان وقد نجحت في حملتها في حين كانت دول عربية أخرى، بينها المملكة العربية السعودية تدعم مرشّحا آخر.
واعتبرت أنّ خطوة حمد بن خليفة دعم ترشيح حمد بن جاسم ليصبح أمينا عاما للأمم المتحدة ليست عائدة فقط إلى إعجابه بالرجل الذي كان مساعده الأوّل طوال فترة حكمه بين 1995 ومنتصف 2013، بل هناك أيضا حسابات أخرى في ذهن الرجل.
ومعروف أنّ حمد بن جاسم يبلغ الثالثة والخمسين من العمر، وهذا يعني أنه تقاعد باكرا كسياسي ورجل أعمال، وذلك في وقت يعتبر نفسه في عزّ عطائه، كما أنه في حال صحّية معقولة نسبيا. فهو لا يعاني إلاّ من الأرق ومن الحساسية تجاه بعض المأكولات وآلام في الظهر. أما الأمير الأب فهو في الرابعة والستين ويعاني من مشاكل صحية كثيرة من بينها أنه يعيش بكلية واحدة زرعت له بعدما تبرعّت بها له إحدى شقيقاته. وقد اضطر أخيرا إلى اتباع نظام حمية بعدما تمكّن السكّري منه.
وفي حال نجح الأمير الأب في إيصال حمد بن جاسم إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة، يكون أبعده عن الاهتمام بالسياسات الداخلية لقطر وعن الدوحة نفسها، حيث الأمير الجديد الذي يكنّ كرها شديدا لرئيس الوزراء السابق وأولاده وأفراد أسرته المقربين.
وكان الشيخ تميم أصرّ على ترك حمد بن جاسم لكل مناصبه، بما في ذلك الاستثمارات قبل أن يقبل بخلافة والده. لكنّ الأمير الأب يخشى من مناورات يمكن أن يقدم عليها حمد بن جاسم في حال وفاته تؤدي إلى إضعاف الأمير الجديد الطريّ العود.
وفي هذا المجال، أفادت مصادر قطرية أنّ حمد بن جاسم يعتبر نفسه مؤهلا لأن يكون أميرا لقطر نظرا إلى أنه ينتمي إلى أحد فروع العائلة التي يحقّ لأحد أفرادها أن يكون أميرا. وقالت شخصية قطرية مرموقة إنّ ما يدلّ على ذلك حرص حمد بن جاسم على أن يسمّى حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني. ويعتبر جبر الجد من كبار رجالات الأسرة الحاكمة في قطر ولا يختلف اثنان على مكانته داخل الأسرة وتثبيت الحكم لآل ثاني.
وأضافت هذه الشخصية القطرية أن أكثر ما يخشاه الأمير الأب هو المقارنة بين الأمير الجديد من جهة وحمد بن جاسم من جهة أخرى. فالأمير الجديد لا يمتلك خبرة طويلة وكبيرة في الشؤون العربية والدولية، كما أنه ليس معروفا عنه القدرة على متابعة ملفات عدة في وقت واحد إضافة إلى أنه يتأثر بمستشارين معروفين بأفقهم الضيّق في المجالات التي يتعاطون فيها.
في المقابل، فإن حمد بن جاسم معروف بأنه يمتلك خبرة واسعة في الشؤون الدولية والعربية وهو لا يتردد في التعاطي مع قياديين من "طالبان"… أو مسؤولين إسرائيليين يزورهم ويزورونه. والأهمّ من ذلك كلّه أنه شخص منظم يعمل ما لا يقلّ عن خمسة عشرة ساعة في اليوم ولا يتردد في الاستعانة ببعض أفضل المستشارين السياسيين والاقتصاديين ودفع مبالغ كبيرة لهم متى دعت الحاجة إلى ذلك.
أما نقاط ضعف حمد بن جاسم فهي عائدة إلى أن لا حدود لطموحاته ولرغبته في جمع المال بأي ثمن كان، فضلا عن أنه يستعين أحيانا بأشخاص تافهين لتنفيذ مهمات وضيعة، خصوصا في مجالي الاستثمارات والإعلام. كذلك، فإن حمد بن جاسم ليس شخصا محبوبا داخل الأسرة الحاكمة في قطر أو لدى الأسر القطرية الكبيرة الأخرى، مثل آل العطية. وهذا ما خلق له أعداء كثيرين يأخذون عليه انعدام أي نوع من الوفاء لديه.
وخلصت المصادر القريبة من الأسرة الحاكمة إلى القول إن الأمير الأب لا يستهدف استرضاء حمد بن جاسم فحسب، بل إن هدفه النهائي إبعاده عن قطر أيضا وذلك كي يتمكن خليفته من امتلاك هامش أوسع للتحرك في كلّ الاتجاهات في السنوات الأولى من عهده.
العرب