توضيح : الحروب دوما تحكمها المصالح .. ولا حرب دون مصلحة .. فالكل يعرف ذلك .. الا من كانت على عينيه غشاوه او لا يفهم في السياسه .. وثانيا .. كاتب هذه السطور مع الثورات .. ( ان كانت حقا ثورات) وتقييمه لها يأتي من خلال الواقع .. ( انتهى)
لنبدأ اولا بالولايات المتحده الامريكية ..
ففي الوقت الذي فيه تساند اسرائيل في ذبحها للشعب الفلسطيني .. ولم يتحرك لها رئيس ولا حتى صعلوك لكي يقول لاسرائيل توقفي .. نراها تتباكى على الشعب السوري .. فالولايات المتحده الامريكية هي التي ذبحت الشعب الفيتنامي .. والعراقي .. والافغاني. وقتلت ملايين من اليابانيين في قنبلتها الذريه الاولى .. ومن ثم الثانية.. وهي التي أمدت الجيش الاسرائيلي باسباب القوه بما فيها الكيماوي والطائرات الحديثه وجعلته اقوى جيوش الشرق الاوسط .. وتاريخها ينبىء عنها .. فهي التي قامت باحتلال الارض التي سكنها الهنود الحمر منذ الاف السنين .. وهي التي ذبحت الالاف المؤلفة من البريطانيين وعائلاتهم واولادهم والقت بجثثهم في الانهر والبحيرات والبحار مع ما سمي من ذلك حرب التحرير ..
تباكي امريكا على الشعب السوري كالصياد الذي يذبح العصافير ودموعه تنذرف بفعل البرد والصقيع .. فيظنه الناس يبكي حزنا على ذبح العصافير .. أفبعد هذا التاريخ المشين يستيقظ الضمير الامريكي فيبكي على الشعب السوري الذي ضربته الكيماويات .. علما بان هذا الضمير لم يتحرك للقتل والذبح في كلا الطرفين .. منذ ان قام التحرك السوري ضد النظام .. وما الفرق ان يموت الانسان بالكيماوي او بالرصاص ام بالخنق ام بالشنق .. في النهاية الموت واحد .. ولكن الحجة والمصلحة هما نبراس امريكا في هذه المعادله .
ولنبدأ ثانيا بسوريا
لا شك ان ما يحدث في سوريا لا يقبله انسان .. ولا نريد ان نسفه احد المتقاتلين او نمدحه .. فكما قلنا نحن مع الثورات .. ولكن الثورات اذا ما ضغط عليها تنحرف او تحاول الانحراف .. ولكننا لم نر او نسمع على مدار الثورات التي ادلعت خاصة في القرن العشرين تقبل ان يتدخل لصالحها من يشك في نواياه .. او افعاله .. والولايات المتحدة الامريكية بتاريخها ( العريق) نواياها سيئه .. وافعالها مشينه . اذن فنتيجة تدخلها هو لمصلحتها او لمصلحة الطرف الاسرائيلي .. وهذا هو بيت القصيد .
ولا ينكر احد ان قوة الجيش السوري هي التي تقلق امريكا .. ليس امريكا فقط .. ولكن اسرائيل ايضا .. مع ما امتلكه ويمتلكه الجيش السوري من معدات حديثة ووسائل قتال متطوره .. ولا تقولوا لي ان الجيش السوري لم يطلق على اسرائيل طلقة واحدة منذ احتلالها الجولان .. فموازين القوة اختلفت وما زالت تختلف في هذا الزمان .. وتكديس السلاح في الجيش السوري لم يكن للزينة او للمهرجانات التي تقام في المناسبات .. بل كان يعد العدة للدفاع عن نفسه اذا ما اعتدي عليه .
وينبئنا الوضع القائم ان سوريا تقاتل الضد منذ سنتين او اكثر .. وان الجيش ما زال على قوته .. وهذه حقيقة جعلت المعارضة السوريه تستعين بامريكا وغيرها لمجابهة الجيش .. وتلك سبة في جبين المعارضة .. فمن يطلب العسل عليه ان يتحمل قرص النحل .. والعسل في هذه الحالة هو الحكم .. ولا يهم احدا ان كان دكتاتوريا او ديمقراطيا او بين بين .. المهم ان تنجح هذه المعارضة بالاستيلاء على الحكم تماما مثلما حدث في العراق .. ونحن نرى العراق اليوم وما آل اليه حال الشعب العراقي من تشرد وقتل وذبح على الهوية .
ونحن اذ نكتب لا نؤيد الحكم السوري او جيشه فيما يفعل .. ولكنها حقيقة يجب ان تكتب .. واولى بالمعارضة بدلا من الاستعانة بالاجنبي ان تجلس الى طاولة تجمع السوريين لكي تحل المعضلة .. وحجتها في ذبح مائة الف من السوريين المدنيين ( هذا ان كانوا كلهم مدنيين ) حجة لا يؤخذ بها وقت الحروب .. ولا يغيبن عن بالهم بان الجيش السوري ايضا كان فيه الموت بالالاف نتيجة التقاتل .. والجيش السوري سوري ايضا .. فكما انكم تألمون فانهم يألمون مثلكم .. ولكن الجري وراء الكرسي من كلا الطرفين يجعل المذبحة ما تزال قائمه .
ولنبدأ ثالثا باسرائيل
اسرائيل ( دولة ) قوية .. ولكنها تعيش حالة من عدم الثقة بنفسها .. فانهيار واحد للجيش الاسرائيلي في الحرب يعني انتهاء الدولة .. ويستتبع انهياره انهيار المجتمع الاسرائيلي بكل مكوناته .. فهي دولة قوية من الخارج ولكنها هشة من الداخل .. وعدم تماسك المجتمع فيها ينم عن فكرة عميقة لديه بانه محتل للارض .. وان وجوده غير شرعي سواء صفق له العالم ام لا يصفق .. ولهذا فان ذلك المجتمع يعيش آنيا في بحبوحة يؤيد فيها الجيش الاسرائيلي بان يكون القوة الرادعه .. حتى يظل احتلال الارض مستداما ..
أما سر التأييد الامريكي الاعمى لاسرائيل فليس نابعا الا من الفكر والتجربه .. وتماسك المنظمات اليهودية في الولايات المتحده .. فاسرائيل تشبه تماما امريكا عند قيامها .. فامريكا قامت على اطلال شعب آخر .. واسرائيل ايضا قامت على نفس هذه الاطلال .. مع فارق واحد ان الفلسطينيين ما زالوا احياء يرزقون .. اما الهنود الحمر فقد ذاب جلهم في المجتمع الامريكي . لذا فان التأييد الامريكي لاسرائيل يأتي فكرا يستتبعه رفدا لوسائل الحياة والقوة .. فالتجربة نجحت في امريكا .. وتريد لها ان تنجح في اسرائيل .. وقس على ذلك تقسيم هذا العالم الى دويلات عاجزة تعتمد في حياتها على ما تعطيه امريكا .. ولا تملك من وسائل القوة ما يمكنها من ان تدافع حتى عن نفسها ..
بعد ان حيدت اسرائيل معظم الدول العربية باتفاقات وموافقات سرية او علنية مثل كامب ديفيد واوسلو لاحقا .. واخرجت الجيش المصري والثورة الفلسطينية من المعركة ضدها .. ظلت سوريا ( حتى وان كانت لا تقاتل اسرائيل مباشرة ) هي المرشحة للمقاومه .. خاصة بعد بروز حزب الله الذي رفدته سوريا بكل الامكانيات القتالية .. وسواء كان هذا الرفد من ايران او من سوريا .. فان المحطة النهائية لرفده تكمن في لبنان عبر الاراضي السوريه ..
ظلت سوريا تستورد السلاح التكنولوجي والامكانات القتاليه .. حتى وصل الامر باسرائيل ان تخشى الصواريخ المتطورة التي تستخدم ضد الطائرات .. ومعروف ان سلاح الجو الاسرائيلي هو العامود الفقري للجيش في حروبه .. وللمجتمع الاسرائيلي المدني في استقراره .. وان الخطورة اصبحت على حدودها .. لذا فان التحرك الدولي لمصلحة اسرائيل هو الدافع القوي لضرب سوريا لاخراجها من المعركة كما اخرجت الجيوش العربية فعلا سواء بالجبن او بالاتفاق .. وليس الدافع كما تدعي امريكا حرصها على سلامة المدنيين السوريين في قتالهم ضد النظام . فالمصلحة واضحة تماما في هذا الامر .
ولا يقولن احدكم ان الفئات المعارضة القتالية اذا ما نجحت في مسعاها فانها ستحارب اسرائيل .. او تكون خطرا عليها .. فتلك الفئات اذا ما استقرت في الحكم فانها سوف تصفي نفسها بنفسها .. ففي سوريا اليوم اكثر من ثلاثين فئة تقاتل منفصلة عن بعضها .. ولا يربطها رابط سوة المصلحه .. عدا الجيش الحر الذي لا يمتلك امكانات القتال ويقاتل في ما بيده .
نخلص ان الاعتداء على سوريا يهدف الى تحييد الجيش السوري كما حيدت جيوش العرب .. فالضربة ان حصلت سوف تجعل السوريين يبنون جيشهم على مدار خمسين سنة قادمه .. وبذا تنعم اسرائيل بالهدوء وتظل شوكة في حلوقنا جميعا .. ولسوف تكون الضربة قاصمة لما تمتلكه امريكا من وسائل قتالية متقدمه .. وربما لن يجرح لها جندي واحد خلال تلك الضربه .. تمام مثلما حدث في ليبيا ..
ولنبدأ رابعا بالدول العربية مجتمعه
الدول العربية في مجملها عاجزة تماما .. فالرفاه الذي يتمتع به الخليجيون يجعلها لا تهتم لا لفلسطين ولا لسوريا .. وان كانت بعض الكلمات تستخرج من الافواه عنوة لرفع العتب ، او ممالئة لايران خيفة منها . فمنهم من يؤيد النظام السوري .. ومنهم من كانت شجاعته قد اهلته لان يؤيد الثورة السورية .. ولكنهم كلهم بما يحويه جيشهم لا يستطيعون حماية ذلك الرفاه .. وطائرة اسرائيلية واحدة يمكن ان تدمر بناهم التحتية بما تحويه من قوة في حديد التسليح .. لذا فانهم مشغولون جدا في اقامة المشاريع التي ترفدها امريكا وغيرها بالخبرة ولكنها تعرف تماما ان جنوحها نحو هذا او ذاك يمكن ان يردعها .. لذا فمعظمها يمالىء اسرائيل سرا و يؤيد هذا وذاك جهرا ..
هذا عن الخليج .. اما الدول العربية المحيطة باسرائيل فهي عاجزة تماما ولا تمتلك من ضرورات القتال او حتى العيش ما يمكنها من المجابهة او الانحياز .. وكل ما نسمعه او نراه على الفضائيات مجرد كلام فارغ لا يشبع نهم الانسان العربي الذي يتمنى ان ينجح هذا ويسقط ذاك .. نتيجة لتعبئته بالفكر سواء كان جيدا او منحرفا ..
فمصر مشغولة بما هي فيه .. وجيشها مقيد باتفاقات مذله .. وسوريا نعرف ما فيها .. ولبنان يعجز عن يحمي القصر الرئاسي سواء كان الاعتداء عليه من اسرائيل ام من داخلها .. والاردن الذي يستقبل مخيمات اللاجئين السوريين لا يمتلك من وسائل العيش ما يمكنه من البقاء الا بمساعدة امريكا ..
نخلص من نتيجة هذا الوضع المزري الى اسلوب واحد في التفاهم .. والا فالوطن العربي يصبح في مقبل الايام خمسين دولة كل دولة فيه لا تستطيع اطعام نفسها فكيف بها ان تقاتل .
على السوريين ان يكفوا عن العناد ( سواء كانوا من النظام او المعارضه ) عليهم ان يتفاهموا لكي يحلوا مشاكلهم دون تدخل خارجي .. والا فعلى سوريا السلام .. وان نهر الدماء الذي يسيل مجانا سوف تكون نتيجته مجانية ايضا .. ورغم اننا في هذه الكلمة لا نؤيد هذا او ذاك ..فان التصالح هو خير العمل .. ولا نريد ان نكون واعظين .. فالوعظ في موقع الدم لا يستمع اليه . .. ولكننا نربأ بانفسنا ان لا يكون لنا نصيب في النصيحه ..
السوريون شعب عريق .. ومن عراقة الشعب في اية دولة يأتي العقل المدبر .. ولا نريد نحن ان تحكمنا البرانيط بعد ان رأينا ما فعلته العمائم في مصر وليبيا وتونس .. نريد ولو مرة واحدة في التاريخ ان نكون اسياد انفسنا .. والا فنحن من العبيد .. ولنا الله .
وليد رباح