في الثالث من أيلول/سبتمبر، أعلنت البحرين عن فرض قيد آخر على ديمقراطيتها المحدودة للغاية – يسمح بإجراء انتخابات دون إقامة أحزاب سياسية. وقد جاء القرار الجديد واضحاً على الأقل بالنسبة للبحرين، ومفاده بأن: على "الجمعيات" السياسية القائمة في الجزيرة طلب الإذن بمقابلة دبلوماسيين أجانب، على الأقل ثلاثة أيام قبل موعد المقابلة، وحال حصولهم على الإذن عليهم أن يوافقوا بأن يحضر اللقاء مراقب تُعينه الحكومة. وليس هناك شك بأن اللائحة الجديدة قد استهدفت جماعات المعارضة الشيعية التي انسحبت من البرلمان عام 2011 عقب قمع الحكومة للتظاهرات العنيفة، الأمر الذي أدى إلى تدخل المملكة العربية السعودية المجاورة بإرسالها جنود ودبابات لدعم حكومة العاهل السني الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
وتبدو القيود – التي تنطبق أيضاً على منظمات سياسية أجنبية غير محددة – بأنها نتيجةً انعقاد اجتماع مشترك ونادر للمجلس الوطني في تموز/يوليو، وهو البرلمان المكون من مجلس النواب (المنتخب) ومجلس الشورى (المعين). وقد أسفر ذلك الاجتماع عن إصدار اثنين وعشرين توصية شملت تقييد التواصل مع الدبلوماسيين الأجانب ومنع التجمعات في العاصمة. ومنذ أن استقالت المعارضة الشيعية قبل عامين كان يُنظر إلى المجلس الوطني على أنه يعكس الآراء المتشددة للعائلة المالكة، ولا سيما تلك التي يمثلها رئيس الوزراء وعم الملك الشيخ خليفة بن سلمان، الذي يعتقد أنه يقف وراء التغيير الأخير.
وقد أصدرت حركة "الوفاق" (التي تمثل "الجماعة" الشيعية الرئيسية في الجزيرة) وجمعية "الوعد" الأصغر حجماً (وهي جماعة علمانية) تصريحات تتحدى فيها اللائحة الجديدة، كما انسحبت حركة "الوفاق" من اجتماع كان من المزمع عقده مع ما يسمى "الحوار الوطني" احتجاجاً على تلك اللائحة. وفي غضون ذلك تدرس السفارة الأمريكية وغيرها من السفارات الغربية الأخرى المسألة للتوصل إلى رد رسمي – وكانت هذه السفارات ضالعة بشكل عميق في تشجيع الإصلاحات السياسية من قبل المعارضة والحكومة. وحتى الآن أشار الدبلوماسيون إلى أنهم يعتبرون أن هذا القرار ينطبق على مواطني البحرين وليس عليهم مؤكدين بأنهم لا يزالوا مستعدين لمقابلة أي شخص يطلب مقابلتهم.
وتتمثل معضلة واشنطن المحلية باستضافة البحرين للقيادة العامة للأسطول الأمريكي الخامس. وفي 5 أيلول/سبتمبر، التقى قائد الأسطول نائب الأدميرال جون ميلر مع ولي العهد سلمان بن حمد، وهو نجل الملك المعروف بوجهات نظره المعتدلة نسبياً. وفي خطوة تعكس مدى خطورة هذا التطور الجديد، عقد سلمان أيضاً اجتماعاً منفصلاً مع السفير الأمريكي توماس كراجيسكي، الذي تعرض كثيراً لانتقادات حادة في وسائل الإعلام البحرينية إثر انتشار مزاعم بتدخله في الشؤون السياسية للجزيرة. وصرحت بعد ذلك وكالة الأخبار الرسمية بأن ولي العهد دعا إلى "اتباع نهج شامل فيما يتعلق بالموقف الراهن" وأنه أشاد بدعم واشنطن للخطوات التي اتخذت بالفعل.
ومن المشاكل الجوهرية التي تعاني منها البحرين الاعتقاد السائد بين أغلبية السكان الشيعة بأن القصر لن يتنازل بتاتاً عن صلاحيات سياسية جوهرية طالما أن المتشددين في العائلة المالكة ينظرون إلى الشيعة بأنهم متعاطفين مع إيران التي زعمت يوماً أن الجزيرة هي من ضمن محافظاتها. وتدعي شرطة البحرين أنها توصلت إلى روابط تجمع بين الشيعة المتورطين في مصادمات ليلية مع قوات الأمن وخلايا يديرها «حزب الله» وطهران. وفي 5 أيلول/سبتمبر، أصدرت السفارة الأمريكية "تحذيراً من قيام مظاهرة" أخرى – وهو الإشعار الواحد والخمسين التي تصدره هذا العام – أخطرت بموجبه المواطنين الأمريكيين تجنب التواجد في وسط مدينة المنامة في 6 أيلول/سبتمبر بسبب احتمال وقوع "مصادمات بين القوات الحكومية والمحتجين".
وعلى الرغم من أن الأزمة الأخيرة تعتبر جزءاً من سلسلة طويلة من الأزمات، إلا أنها تعكس أيضاً مخاوف جديدة منبثقة عن الجدل الثائر حول استخدام سوريا للأسلحة الكيماوية. ويبدو أن الحكومة البحرينية – التي يعرف بأنها تشعر بالقلق من سياسات إدارة أوباما حول سوريا والبرنامج النووي الإيراني – قد قررت أن الوقت كان سانحاً للمجازفة بإثارة غضب واشنطن.
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج و سياسة الطاقة في معهد واشنطن .