يختصر هذا العنوان حالة الإعلام الرسمي السوري إثر التهديد الأمريكي بضربات عسكرية لقوات الأسد. ولست هنا بصدد الحديث عن مستوى الإعلام السوري وآليات عمله، فقد أشبعت ذلك بحثاً في مقالات سابقة. وإنما نريد في هذه العجالة أن نذكر أن الإعلام السوري، يفتقر إلى الوسائل التي تجعله يواجه أي أزمة تمر بها البلاد، ويقع في حالة من "الاضطراب" فور حدوث أي مشكلة مها كانت صغيرة، وكما أشرت سابقاً فيسمى ذلك أزمة الإعلام عوضاً عن إعلام الأزمة.
يقول السيد زكريا أبو يحيى لشاشة الفضائية السورية:" يا أوباما يا حقير يا من تخليت عن شرفك ولم تنتقم للسود الذين ظلمهم البيض، يا أوباما هنا سوريا فخفف لهجتك، يا حقير خفف لهجتك فليست سورية التي تهزم. إذا حاولت أمريكا ضرب سورية، فالمقاومة ستأخذ الجليل وستغلق إيران مضيق هرمز وصواريخنا جاهزة، وقد قررت القيادة العسكرية أن تبيد "إسرائيل" إذا تعرضت سورية لأي هجمات. والله الذي رفع السماء بلا عمد، إذا فكرت أمريكا بالتدخل في سوريا سنبيد إسرائيل". قد لا تحتاج مثل هذه التعليقات إلى تعقيبنا، ويكفي أن نذكر بأن يحيى أبو زكريا قال من على شاشة الفضائية السورية مستهزئاً بأمير قطر السابق: وكل طويل أهبل، ثم تذكر المسكين أن بشاراً طويل، فقال على الفور إلا بشار الأسد طويل ولكنه ذكي.
بثينة شعبان، المستشارة الإعلامية لبشار، يذكر السوريون لها وخاصة أهل درعا أنها وعدتهم برفع الراتب ألف ليرة سورية مقابل أن يعودوا إلى بيوتهم، متناسية أنهم خرجوا في ثورة كرامة. وقد قالت بعد شهرين من اندلاع الثورة السورية: "إن الثورة انتهت وأصبحت وراء ظهورنا وأنا متأكدة من ذلك". اليوم تطل علينا بثينة لتقول من قناة سكاي نيوز الإنجليزية إن المعارضة المسلحة" الجماعات الإرهابية" قامت بخطف ألف وأربعمائة طفل من اللاذقية ونقلتهم إلى الغوطة في دمشق ثم أطلقت عليهم غاز السارين لتصورهم وتثير العالم ضد الأسد. ولا أدري لماذا لم تقم الحكومة السورية بإجراء مقابلات مع أهالي المخطوفين وتثبيت أسمائهم وأسماء أهليهم وتقديم ذلك للرأي العام.
هذه هي حال متحدثي النظام السوري، وقد استوقفني ما قاله السيد طالب إبراهيم لقناة الدنيا السورية قبل أيام، من أن الجيش السوري سيدمر الطائرات الأمريكية المغيرة على سورية وسيحطم المدمرات العدوة بخمس دقائق فقط. ولا غرابة في هذا الأمر فطالب إبراهيم قال في الشهر السادس من العام 2001 على قناة العربية أن تركيا خطفت عشرة آلاف سوري وأوهمت العالم بأنهم لاجئين.
لم يتجاوز السيد إبراهيم ما قالته ريم حداد مديرة التلفزيون السوري سابقاً في الشهر نفسه لتلفزيون بي بي سي من أنه لا يوجد لاجئون في تركيا: وأضافت ردا على سؤال حول نزوح مئات اللاجئين السوريين إلى تركيا: «أنا مذهولة من أن قصص اللاجئين، أريد فقط التوضيح أن هذه القرى حدودية والكثير من السكان هناك لديهم أقارب يعيشون في القرى المجاورة على الجانب التركي، هذا تفصيل، ولكنه مهم لتوضيح الصورة». وتابعت: «العبور سهل جدا بالنسبة إليهم لأن لديهم أقارب هناك. الأمر أشبه بأنه لديك مشكلة على الشارع الذي تعيش فيه، وأمك تعيش في الشارع المقابل، فتذهب لزيارة أمك لفترة".
بكل حال يجب أن نعلم أن ريم حداد هي من إنجازات السيد عدنان محمود وزير الاعلام الأسبق في نظام الأسد وهو الوزير الذي لم يكن يملك رخصة لقيادة السيارة، فبعث حاجبه ليقدم الفحص نيابة عنه ويحصل له على شهادة السياقة. وبالمناسبة فقد درست مع عدنان محمود في جامعة دمشق وأعرف أنه كان محشوا في الإعلام حشواً حاله كحال نهلة عيسى وكلاهما محشو على خلفية طائفية فحسب لا لكفاءة ولا لمهنية على الإطلاق.
بقي أن أذكر أن بسام أبو عبد الله صرح للتلفزيون السوري أن كل صاروخ سيسقط على دمشق سنرد عليه بمائة صاروخ على تل أبيب. أما وئام وهاب وأختم مقالي بعنتريته فقد قال من على قناة المنار إن كل طلقة تطلق على سورية سيُرَد عليها بعشرة آلاف صاروخ على المدن الفلسطينية في اليوم الأول فقط.
لعل أفضل تعليق على كل تلك التصريحات هو أن السوريون يقولون "الكلب الذي ينبح لا يعض".
د. عوض السليمان دكتوراه في الإعلام . فرنسا