" لو إفترضنا إن ما يجري الآن في إيران من أحداث يتم بإدارة الإمام كما إدعي نجادي، فلماذا لايستطيع أن يقضي على العصابات؟ وهل تسعيرة الأرز من تدبيره أيضا؟" آية الله مهدوي كني.
لم يكن النزاع السابق بين القطبين النجادي والخامنئي جديدا، رغم إنه بدأ بالفوران بعد إنتخاب نجادي للمرة الثانية رئيسا لإيران. فالواجهة الأمامية كانت نزاعا دينيا بينهما بسبب إختلاف وجهات النظر حول ظهور الإمام المهدي وعلاقته بالإثنين، وتأثير تلك العلاقة بالساحتين الداخلية والإقليمية. لكن الواجهة الخلفية كانت سياسية خالصة، وبات المهدي قربانا للصراع بين الديكين. المهدي وإن كان حبيسا في سرداب سامراء، لكنه حرا ومطلق الصلاحيات في إيران منذ أن حشره الخميني في الدستور الإيراني عنوة. فقد جاء في المادة( 5 ) منه " في زمن غيبة حضرة ولي العصر(عج) تكون ولاية الأمر وإمامة الأمّة في الجمهورية الإسلامية بعهدة فقيه عادلٍ وتقيّ، مطّلع بزمانه، شجاع، مدير ومدبّر". وإشتغلت الماكنة الإعلامية الإيرانية بأقصى طاقتها لتوسيع المد المهدوي إلى خارج رقعتها الجغرافية، سيما إن الرئيس نجادي في معظم خطاباته يشير إلى لقاءاته بالإمام المهدي مبشرا بظهوره القريب تحت عنوان( أنت في زمن الظهور) وهو الشعار الذي دغدغ مشاعر الناس منذ زمن الخليفة الرابع ولحد الآن.
ولأن ظهور الإمام له مدلالات جديدة بعد أن فشلت المدلالات القديمة، فأن الإعلام المؤيد للرئيس السابق نجادي تمخض عن إكتشافات جديدة يستشف منها بأننا (في عصر الظهور) بعضها يثير السخط، والآخر يثير التقزاز، والمتبقي يثير الفتن. على سبيل المثال شُبه الخامنئي بالخراساني. ونجادي بشيب بن صالح رئيس أركان قوات الإمام. والسيد حسن نصر الله بالسيد اليماني. والنفس الزكية السيد باقر الحكيم. وعبد الله جلالة الملك عبد الله شبه بالسفياني. وأعتبر موت جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز هو موعد زفاف الإمام. ويلاحظ إن توزيع الادوار على شخصيات المسرحية الإيرانية مستمد من طبيعة الموقف السياسي للنظام الإيراني من الدول والزعماء. ومن البديهي أن يزعج هذا الأمر الخامنئي وأنصاره الرافضين لفكرة الظهور على أقل تقدير خلال حكم نجادي. ويلاحظ إن بعض المراجع ومنهم(علي أصغر سيجاني)يحملون الخامنئي مسئولية تطور قضية المهدي وتقديمها لنجادي على طبق من ذهب. ففي شهر نيسان من العام الماضي ذكر سيجاني" إن ولي أمر المسلمين(الخامنئي) نفسه بشر بظهور الإمام المهدي. وأستذكر بهذا الصدد تصريحه عام 2008 بأن العالم اليوم مليء بالجور والظلم ويتعطش العالم لعدالة الإمام المهدي". لكن أنصار الخامنئي يرون إن هذا التصريح يظهر شدة الحاجة للإمام، ولا يبشر بالظهور. وهناك فرق كبيا بين الحالتين.
تبور الموقف الشعبي من قضية المهدي بثلاثة إتجاهات:-
الأول: يمثله أنصار مرشد الثورة علي الخامنئي وأبرزهم آية الله أحمد جنتي. الذين يعتبرون الخامنئي النائب الشرعي والوحيد للإمام المهدي ولا يجوز منازعته في هذا الأمر! وإن نيابته عامة للعالم الإسلامي وليست خاصة لإيران فقط. وهي نيابة دينية ودنيوية بصلاحيات مطلقة مما يستوجب طاعته من قبل المسليمن كافة له. وهذا الإتجاه يكذب إدعاء نجادي بالإتصال بالإمام المهدي ويقصر هذه المهمة على الخامنئي وحده. متمسكين بحديث الخامنئي " يدعي البعض حوادث خرافية وغير عقلانية كرؤية الإمام المهدي والتشرف بلقائه، والصلاة وراءه، إنها ادعاءات مخجلة وبدع باطلة هدفها زعزعة إيمان قلوب المؤمنين بالإمام. لابد أن يعرف الناس بأن كل الإدعاءات بشأن الاتصال بالإمام وأخذ الأوامر منه يعد باطلا".
الثاني: يمثله أنصار الرئيس السابق نجادي وأبرز دعاته( اسفنديار رحيم مشائي) وهو صهر نجادي ومستشاره الأول. ويعتبرون نجاح حكومة نجادي إنما مستمدة من رضا ومباركة الإمام المهدي، والتأكيد بإن الرئيس نجادي له إتصالات غير منقطعة بالإمام، ويستمد منه العون والمشورة في القضايا الداخلية والخارجية. لذلك فإن طروحات نجادي بشأن قرب ظهور المهدي هو واقع حال بسبب تلك الصلة المباشرة بينهما.
الثالث: وهو إتجاه وسط يضم الإصلاحيين والبراغماتيين يتزعمه هاشمي رافسنجاني وهو أكثر عقلانية من الإتجاهين السابقين. ففي الوقت الذي يؤكدون فيه أهمية ودور الإمام المهدي في الثورة الإسلامية، لكنهم يعارضون إستخدامه كورقة بيد الأحزاب تستغلها لأهداف سياسية. كما يرفضون ربط الإمام أو إتصاله بالرئيس نجادي أو خامنئي. لأن الثورة الإيرانية وليدة رجالها وليست وليدة الإمام المهدي. لذلك علق رفسنجاني على إدعاءات نجادي بشأن إتصاله بالإمام" يدعي البعض أن لديهم اتصالاتً مع الإمام المهدي، ويحاولون من خلالها خداع الناس، هذه الحالة كانت موجودة دائما وليست جديدة، لكنها اليوم تروج الآن بقوة في إيران".
الله إختار الخامنئي لزعامة إيران!
أحد أبرز علماء الدين في إيران آية الله (أحمد جنتي) الذي يشغل منصبا مهما في مجلس صيانة الدستور أعلن من حسينية جمكران بأن الله تعالى هو الذي إختار الخامنئي لزعامة إيران بعد وفاة الخميني" الله هو الذي اختار خامنئي لقيادة إيران وحول إليه مهمة الحفاظ على الثورة الإيرانية وديمومتها. إنه ذخر لأيام الضيق ويحمل مهمة إلهية"! ولم يحدثنا جنتي كيف عرف بإختبار الله تعالى للخامنئي؟ هل عبر الوحي، أما الحلم، أو الرؤية؟ على أي حال لنسبر إغوارهذه الدعوة الجوفاء الصادرة من آية وهو يقف على باب قبره(84عاما) ونفهم السبب؟ ويأتي الطارق سريعا كالبرق محدثا إنه الطمع وحب الذات والدنيا ومظاهرها حبا يعجز الدين عن كبح جماحه وإن الطمع لا يعترف بحدود السن أو قرب موعد لبس الكفن! فقد عين الخامنئي هذا الآية الدجال بمنصب رئاسة مجلس صيانة الدستور. إذن إذا عرف السبب بطلً العحب!
أما آية الله مشكيني ويشغل منصب( رئيس مجلس خبراء الحكم) فإنه وضع في أفواهنا لقمة كبيرة لايمكن بلعها أو حتى مضغها بقوله إن" ملائكة الرحمن وضعوا في ليلة القدر من شهر رمضان الاسبق، لائحة تضم أسماء وعناوين نواب البرلمان السابع بين يدي الامام المنتظر وانه وقع عليها جميعها". مشكلة هذا الآية المشكيني(نشكيه لله) أنه عضو في مجلس مهم ينتخب ويقيم إداء مرشد الثورة والحكومة. أي له منصبين سياسي وديني رفيعين ففرط بهما كما فرط بآخرته! إذن نستشف من هؤلاء الأمعيين الذين يمسكون برقبة الشعب الإيراني بأن البرلمان الإيراني غير منتخب من قبل الشعب وإنما من الإمام الذي وقعه ووافق عليهم جميعا، الجيد منهم والسيء. وملائكة الرحمن هم الذين تولوا مهمة السعاة في ليلة القدر! إنه تفسير الملالي لسبب نزول الملائكة في ليلة القدر! فلم يفصل لنا الذكر الحكيم الغرض من ذلك، وعجز المفسرون الأوائل والأواخر من معرفة ذلك السر الرباني. لكن العلامة الفهامة مشكيني توصل إليه وحصره بمسلمي إيران فقط!
نترك الرد على دعوى المشكيني لمواطنه مهدي كروبي فالحال أشبه بحلبة مصارعة كل يستعرض عضلاته قبل سماع صافرة الحكم! لقد أراد مشكيني توجيه ضربة للخامنئي تحت الحزام، فإذا بالحكم يحسبها نقطة ضده فيخسر المباراة! والحقيقة إن كروبي كان دبلوماسيا في رده على مشكيني فقد دسٌ السم بالعسل وقدمه بأتكيت راقي لخصمه. ففي البداية إمتدحه وأشاد بمكانته الكبيرة في الحوزة العلمية، ولما إسترخى مشكيني قليلا بالمعسول من الكلام. بدأ مفعول السم" رغم إن نظامنا قائم على أسس ومبادئ الاسلام، لكن الشعب الإيراني هو الذي إنتخب أركان النظام، لذلك ليس من المنطق الربط بين إنتخاب الناس والقضايا السماوية والالهية. ومع إحترامنا لنواب البرلمان السابع وأمنياتنا لهم النجاح، لكنهم منتخبون من قبل الشعب وليس من قبل إمام الزمان". وتساءل بحدة: لو كان الامام المنتظر وافق على هؤلاء النواب، فلماذا يقف بعضهم عائقا دون المصادقة على إعتماد زملاء لهم ممن كانوا أعضاءا في البرلمان السابق؟
وإختفى مشكيني في قبو الخزي لعدم تمكنه من مواجهة كروبي، لكنه أحنى ظهره قليلا ليمتطيه إبنه حسين مشكيني الذي أطلق العنان لنفسه لردم حفرة السيد الولد قدس سره بقوله" وفقا لأحاديث أهل البيت، فإنه من ليلة القدر الحالية الى ليلة القدر في السنة القادمة، تضع الملائكة بين يدي الإمام المهدي قائمة بالأحداث والوقائع التي تحصل في العالم خلال عام ومن ضمنها أوامر عزل وتعيين المسؤولين، وإن حضرته يوافق على البعض، ويرفض البعض الآخر". ردم الإبن حفرة أبيه، ولكنه حفر لنا بقربها حفرة أعمق وأوسع هذه المرة. فالمهدي بموجب هراء الإبن إله أو شريك للرب وليس إماما! بل ليس مخلوقا خلقه الرب عزً وجلً! لاحظ مستوى الجهل الفادح الذي وصل إليه الشعب الإيراني على أيدي الملالي ليؤمنوا بمثل هذه الخزعبلات.
إذن بموجب هذا الهراء نتوصل إلى أن لإمام المهدي مكتب إعلامي ومراسيلين من الملائكة، يزودونه بتقارير يومية بكل وقائع العالم – وبكل اللغات- بما فيها عزل المسؤولين الإيرانيين بإعتباره هو الذي يقرر شأنهم! بربكم هل هذا منطق بشر له ذرة من العلم والوعي ونحن نعيش في الألفية الثالثة! لو قيل هذا الكلام في العصر الجاهلي وليس الآن لسخروا منه وعابوا قائله! رحم الله ابن القيم وهو يعلق في كتابه المنار المنيف على هؤلاء الدجالين" لقد أصبح هؤلاء عارًا على بني آدم، وضحكة يسخر منهم كل عاقل". فهل يصلح هؤلاء الهمج لأن يحكموا إيران ويتخذوا من الاسلام شعارا لإسم جمهوريتهم البائسة؟ وهل يمكن إئتمان جانب من يمتلك هذه العقلية المتخلفة في إمتلاك الأسلحة النووية؟ اليس الأمر أشبه بمنح مجنون بندقية؟ وأي مستوى من الوعي المعرفي والثقافي أوصل هؤلاء الدجالين الشعب الإيراني المسلم ليتقبل مثل هذا اللغو والدجل المكشوف؟
من الجدير بالإشارة لأحد الكتاب من مطايا الملالي (دكتور نعيم بشير) -المصيبة إنه يحمل لقب أكاديمي عالي- يذكر" إيران هي الدولة الممهّدة لظهور الإمام، لأنها تتمثّل بنموذج حضاري". لاحاجة إلى التعليق على النموذج الحضاري المعجب به الدكتور فقد لمسناه بأنفسنا في العراق والبحرين واليمن ولبنان وسوريا. وخير من يرد على نعيم بشير هو الزعيم الإيراني المعارض(مير حسين موسوي) بقوله "هناك في السلطة من تمادى في توقع ظهور الإمام المهدي، وعلى هذا الأساس خططوا السياسات الخارجية والداخلية للبلاد وزينوها بإطارالخرافة. فالبعض يعتقد أن ظهور المهدي سيكون بعد ستة أشهر أو العام المقبل. ولهذا السبب أوقفوا تنفيذ مشرعات صناعية ونفطية، إنهم يشلون إقتصاد البلاد بحجة الانتظار فقط".
هل نحن في زمن الظهور أم في زمن الرياء؟
توزع رجال الدين في إيران بين حانة الخامنئي ومانة نجادي فهم شهدوا حربا ضروسا جرت في الدهاليز بين الزعيمين. فأنصار نجادي لمحوا بأنه مندوب مباشر عن الإمام، حيث ذكر الشيخ علم الهدى إمام الجمعة في مدينة مشهد وهو من أنصار نجادي بأن" الرئيس نجادي يمثل الإمام المهدي في الحكم. وإن الذين يسخرون من هذا الادعاء فهم لا يفقهون حقيقة المذهب الشيعي". كما إن حديث نجادي مع آية الله جواد آملي بعد مشاركته في دورة أعمال الأمم المتحدة في أيلول 2005 بأنه أي نجادي" كان محاطا بهالة نورانية" خلال إلقاء كلمته صبت في نفس الإتجاه. وقد صاحب هذا الدجل قيام الملحقية الثقافية الإيرانية في لبنان بنشر دراسات مكثفة حول مكانة المهدي في فكر نجادي بعنوان(الإمام المهدي والمهدوية في خطابات الرئيس أحمدي نجادي) أشرف عليها محمد حسين المستشار الثقافي في السفارة ووزعت مجانا على نطاق واسع داخل وخارج لبنان. كما إغلقت صحيفة(إعتماد) وهي التي تقف بالمرصاد لهفوات نجادي سيما المتعلقة بموضوع المهدي(بالطبع بغمز من الخامنئي). وهجم أتباع الخامنئي هجوما قاسيا على الرئيس نجادي بسبب نيابة الإمام ومنهم حجة الإسلام(على أصغري) الذي نصح نجادي بأن" يترك مسائل الإمام جنبا ويتفرغ للاهتمام بمشاكل شعبه العديدة". من جهة أخرى أعترض آية الله (يوسف سعاني) على الإعتماد المتزايد للرئيس نجادي على الخرافات والشعوذة.
وأنبرى حجة الإسلام (غلام رضا مصباحي) للرد على تصريحات نجادي بقوله" إذا كان نجادي يريد القول بان الإمام الغائب يدعم قرارات حكومته فهذا الأمر غير صحيح! فالغائب لا يرضى أن ترتفع نسبة الغلاء في المعيشة 20%"! لكن نجادي ردً بأن الإمام الغائب لم يعترض على حكومته بسبب الغلاء والأزمات الاقتصادية. وأضاف مصباحي بأن" الرئيس نجادي هو الذي يدير شؤون الحكومة وليس الإمام المهدي. ولو أن حكومة الأمام ارتكبت كل هذه الأخطاء وقامت بنشر الفقر والحرمان والأزمات فأن الإيرانيين سوف لا يرحبون بظهور الإمام إطلاقا". إن سبب خلل الحكومة هو نجادي وليس الإمام المهدي! وفي الختام قدم نصيحة ثمينة لنجادي" إرم المسئولية في شباك الشيطان الأكبر ولا تنسبها للأمام المنتظر، فهذا الأمر يريح جميع الأطراف ويتناسب مع طروحات الثورة الإسلامية".
من جانبه دعا حسين سبحاني – من أعضاء الهيئة الرئاسية في البرلمان- حكومة نجاد الى التصدي لأفكار تيار الانحراف، مؤكدا بأن مستشاري نجادي يهدفون إلى تخريب معتقدات الناس عن طريق وضع توقيت لظهور الامام المنتظر لأجل النيل من هيبة ومكانة الولي الفقيه. أما(محمد تقي رهبر) رئيس لجنة الروحانيين في البرلمان فقد أطلق لقب (تيار الانحراف) على مروجي ظهور الامام المنتظر من أتباع نجادي موضحا بأن الغرض منه هو التشويش على الايرانيين في يوم تجديد البيعة للمرشد خامنئي. وأن إختيار يوم السبت يصادف ذكرى تنصيب المرشد خامنئي من قبل مجلس الخبراء بعد رحيل الخميني، لذلك فأن تيار الانحراف يهدف الى تدمير تلك المناسبة حسب رأيه. حتى( داوود احمدي نجادي) شقيق الرئيس الايراني شارك جماعة الخامنئي في الحملة ضد حكومة أخيه مؤكد بأن رحيم مشائي – مستشار نجادي وصهره- " يقود تيارا منحرفا داخل الحكومة، ويسعى لعقد تحالفات مع جهات غير موالية للمرشد خامنئي".
الخامنئي وولاية الفقيه
ذكر السيد المرتضى علم الهدى حول ولاية الفقيه بأن مسئولية تعيين الأئمة تقع على عاتق الله وليس الأمة، بل إنه حرم تنصيب الإمام وتشكيل الحكومة في زمن الغيبة• لأن ذلك ليس بأيدي الناس وإنما بيد الله مؤكدا بشكل قاطع" ليست إقامة الامام واختياره من فروضنا". وهذا الأمر يناقض إعلان المرشد الأعلى علي خامنئي نفسه نائباً للإمام المهدي وأن طاعته واجبة على المسلمين كافة. وكانت تلك المرة الأولى التي يصرح فيها الخامنئي بأنه نائب للإمام المهدي، وأوضح بأن طاعته أمست واجبة كنائب عن المعصوم من قبل المرجعيات الدينية كافة. بالطبع إن ولاية الفقيه هي أفضل الحلول لخامنئي لأنهاعلى أقل تقدير تكتفي بشرطي الفقه والعدل في نائب الإمام، ولا تشترط فيه العصمة أو النص الإلهي أو الإنتساب لآل البيت. وقد دعم دعوة الخامنئي هذه، آية الله جنتي بقوله" يجب على الشيعة أن يتبعوا الخامنئي خلال فترة غيبة المهدي بإعتباره الولي الفقيه مثلما كان الإمام علي حامي حماة الإسلام القرآني المحمدي فاليوم يقوم الخامنئي بنفس المهمة وإلا إنتهى الإسلام". بمعنى اصبح مصير الإسلام بيد الخامنئي وسينتهي في حال مخالفة الخامنئي!
وأطرف بدع أنصار الخامنئي جرت على يد حليفه آية الدجل(محمد سعيدي) إمام جمعة مدينة قم، فقد خرج لنا برواية تشابه حديث السيد المسيح وهو في المهد مدعيا بأن آية الله خامنئي كان قد نطق عند ولادته كلمة (يا علي) وليس يا الله. مستندا إلى رواية حكتها أو حاكتها أصابع أخت خامنئي لأبيه. وملخصها "أن أخته ذكرت بإن القابلة التي حضرت ولادة مرشد الثورة الخامنئي بعد سماعها الطفل القائد يكررعبارة(يا علي)بصوت عال صاحت يحميك علي بن أبي طالب". لا تستغربوا دجل سعيدي مطلقا! إنه نوع من ردً الجميل للخامنئي فقد عينه إماما لمدينة قم، وقلده مناصبا أخرى كرئيس المجلس الثقافي للمحافظة، ورئيس لجنة إحياء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإدارة مكتب ضريح فاطمة المعصومة. بالطبع إنتهزها نجادي كفرصة ذهبية لتحريض رجال الدين ضد الخامنئي. بل أعتبر أنصار نجادي إن هذه الدعاوى بمثابة إعلان حرب عليهم. فقد ذكر(مصباح يزدي) الذي يعتبر الأب الروحي للرئيس محمود أحمدي نجاد" إنهم يجرون إيران إلى حرب مفتوحة"
يعتبر مستشار نجادي(رحيم مشائي) الجوكر الرئيسي في الحملة ضد الخامنئي من الناحيتين الدينية والسياسية، فهو مصدر ثقته العمياء ويعول عليه في تأليب رجال الدين ضد الخامنئي، كما إن إصرار نجادي على ظهور الإمام المهدي قريبا( أنك في عصر الظهور) من شأنه أن يستقطب رجال الدين والسياسة إلى صفه ولاسيما المنتفعين والإنتهازييين منهم وهي الصفة الغالبة على رجال الدين والسياسة في إيران. على إعتبار إن ولاية الفقيه بظهور الإمام الغائب تلغي ولاية نائب الفقية الحاضر شرعا ودستوريا. ومن شأن إستمرار الغيبة دعم حملة الخامنئي وتعزيز موقفه إتجاه بقية المراجع الدينية. لذلك كانت ثمرة سقطة مستشار نجادي بظهور المهدي (يوم السبت من العام الماضي) في سلة الخامنئي. كما إن ثمرة محمد سعيدي بأن الخامنئي تحدث بالمهد قد سقطت في سلة نجادي.
أخيرا رحل نجادي ولم يأتِ الغائب! فمن سيكون حلقة الوصل القادمة بين الغائب والحاضر. ومن سيُقيم عمل الحكومة والبرلمان الإيراني؟ ومن الذي سيوقع على الأومر الحكومية وتعيين الوزراء؟ وهل سيحضر المهدي مع الرئيس الجديد روحاني في إجتماعات الأمم المتحدة؟ أم يتركه لوحده يتخبط في الوحل الإيراني؟ لأن صداقته فقط مع نجادي!
سنشهد خلال الخريف الإيراني الدائم تساقط المزيد من الأوراق المهدوية الذابلة. فهل سيستفيد منها الشعب الإيراني لصنع ربيع قادم بلا غيبيات ولا متاهات ولا شعوذات، هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة.
علي الكاش
كاتب عراقي