مازالت السلطة الجزائرية تصر على التعتيم بشأن الوضع الصحي للرئيس بوتفليقة، ومدى قدرته على إدارة شؤون البلاد خلال الأشهر التي تفصل البلاد عن موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في نيسان/ أبريل 2014.
حيث اضطرت الحكومة لإلغاء مشروع قانون المالية التكميلي 2013 ، واستبعدت انعقاد مجلس الوزراء في المدى القريب، وهو المعطل منذ تسعة أشهر، بسبب غياب الرئيس، وهو ما يؤدي بالضرورة إلى خلو الدورة الخريفية للبرلمان من مناقشة مشاريع القوانين المقررة، باعتبارها لا زالت رهينة طاولة مجلس الوزراء.
ودخلت الجزائر حالة غير مسبوقة من الفراغ المؤسساتي والتناقض مع نصوص الدستور، نتيجة شلل المؤسسات وانحصار الصلاحيات في أيدي الرئيس المريض.
وهو ما لا تريد السلطة الاقرار به، بالرغم من تعطل حوالي 30 مشروع قانون، ولجوئها إلى العمل بـ»المُتاح» ولو على حساب روح الدستور والمؤسسات.
وجاء تأكيد الوزير الأول عبدالمالك سلال، للصحافة بمناسبة انطلاق الدورة الخريفية للبرلمان، أن البلاد ليست بحاجة حاليا لعقد مجلس الوزراء، ليكرس حالة الجمود المؤسساتي، بالرغم من الاستحقاقات المصيرية التي تنتظر البلاد.
وكتمويه للرأي العام أشار سلال إلى أن الحكومة تعمل باستمرار وتجتمع كل يوم أربعاء. وهي إشارة واضحة إلى أن رئيس الجمهورية الذي يخضع منذ عدة أشهر لعملية «إعادة تأهيل وظيفي»، بعد وعكته الصحية في أبريل الماضي، ليس جاهزا لاستئناف مهامه.
وقال سلال في نفس التصريح: « لسنا بحاجة حاليا لمجلس وزراء والأمور سارية كما ينبغي»، مضيفا أن «عددا هائلا من مشاريع القوانين ستعرض على مجلس الوزراء لتودع بعدها على مستوى البرلمان»، لكنه لم يعط أي تاريخ لاجتماع مجلس الوزراء المعطل منذ تسعة أشهر.
الأمر الذي جعل الدورة الخريفية للبرلمان تفتتح ليس فقط في غياب رئيس المجلس الشعبي الوطني، العربي ولد خليفة، الذي أجرى عملية جراحية أقعدته الفراش، ولكن أيضا بجدول أعمال خال من أي مشاريع قوانين جديدة، ما يعني أن الهيئة التشريعية مهددة بالشلل والجمود.
وأعلن الوزير الأول أنه يقوم بالتنسيق « تقريبا يوميا «مع الرئيس بوتفليقة، دون أن يشير إن كان ذلك في لقاءات مباشرة بإقامته حيث يقضي فترة النقاهة، أو تأتيه «التعليمات» فقط، وذلك بالنظر إلى أن كل اللقاءات التي جمعت بوتفليقة بالوزير الأول سواء في مركز «المعطوبين» أو في مكان إقامته لدى عودته من باريس يوم 16 جويلية الفارط، قد تم بث صور عنها، ما يرجح أن التنسيق الذي يتحدث عنه سلال لا يعني بالضرورة لقاءه بالرئيس وجها لوجه.
وتكشف تصريحات سلال أن السلطات الجزائرية تلجأ لـ»المتاح «لتسيير شؤون الدولة ولو على حساب المؤسسات والدستور، بما فيها مجلس الوزراء الذي يعد الإطار الذي تصدر فيه كل مشاريع القوانين والتعيينات في الوظائف السامية ومنح صفقات الاستكشاف عن المحروقات وغيرها.
ويمكن تغطيته باجتماعات الحكومة محدودة الصلاحيات، أو بتنظيم اجتماعات «تنسيق» مع رئيس الجمهورية.
ونفى سلال ما بدأ يتردد الحديث عنه، حول تغيير حكومي وشيك، سيما في ظل التغيير الحاصل في هرم الحزب الحاكم- حزب جبهة التحرير الوطني-، بتعيين عمار سعداني أمينا عاما للحزب. وتمسك سلال بنفس المقولة القديمة الجاهزة التي كان يرددها كل من سبقوه في قصر الدكتور سعدان، من أن «التغيير الحكومي من صلاحيات الرئيس بوتفليقة»، وذلك كدليل على انضباط أكثر منه تأكيد أو تبديد الإشاعات المتداولة.
من جانب آخر أكد وزير المالية كريم جودي، أن الحكومة «لن تلجأ إلى قانون مالية تكميلي لسنة 2013». مضيفا أن قانون المالية الأول ساري المفعول إلى غاية نهاية السنة المالية الجارية.
وتابع في تصريح على هامش افتتاح الدورة الخريفية لمجلس الأمة، «لا يوجد قانون مالية تكميلي للعام الجاري»، وتابع: «إن جميع العمليات المسجلة في قانون الموازنة التكميلي للعام الجاري الذي تم إلغاؤه، تم ترحيلها إلى قانون المالية للعام القادم الذي يوجد قيد التحضير. وحسب وزير المالية، فمن المتوقع ألا يتضمن قانون المالية لسنة 2014 ضرائب جديدة، معتبرا أن هذه المسألة يجب أن تناقش من طرف مجلس الوزراء. ويتوقع قانون المالية 2013 نموا يفوق الـ5 بالمئة، وعجزا في الميزانية يقارب الـ18بالمئة من إجمالي الدخل الوطني.
العرب – صابر بليدي