لم تبق مبررات للانقسام الفلسطيني .. فقد كانت حجة حماس انها فصيل مقاوم .. وان فتح او رام الله فصيل قد ادمن الدفاع عن الامن الاسرائيلي وهو مطواع لهم .. ولكننا بعد ان ( هرشنا ) الاتفاقات التي تمت بين حماس والاسرائيليين بوساطة مصرية او عربية .. ندرك الان ان مبررات الانقسام قد ولت .. فكلاهما حماس وفتح ورام الله ومن لف لفهم .. اصبحوا في حضن الاسرائيليين سواء رغبوا ام عزفوا .. تبجحوا ام كذبوا .. وليس في الاسطر العليا بيت القصيد .. وانما ما يجري بين حماس ومصر .. والتدخل السافر في الشأن المصري .. ولقد آثرت ان تكون هذه الكلمة عن مصر .. وليس عن سوريا والمواقف الساخنة في شرقنا الاوسط .. فكل يعرف طريقته في الدفاع عن نفسه .. ولسنا منجمين لكي نعلم هل تضرب سوريا ام لا تضرب ؟ رغم كل المؤشرات .
اولا: لا دخان بدون نار .. ولو ان مصر لم تحصل على ادلة مقنعة بتسرب بعض المتشددين من الفلسطينيين الى سيناء لما سربت ذلك لوسائل الاعلام .. فمصر ليست بحاجة الى مشكلة جديدة تجابهها فعندها ما يكفي .. وثانيا : حتى في عهد الدكتاتور المخلوع الاول كانت فلسطين حاضرة في مصر .. وقد انشئت القصبات الهوائية التنفسية من مصر الى غزة في عهده .. و .. اليس الجيش المصري بقادر على ان يدمر تلك الانفاق منذ بدايات انشائها .. ولكن خوف الدكتاتور من الشعب المصري جعله يتغاضى عن تلك الانفاق ..
مصر الكبيرة سواء سفكت الدماء فيها بفعل الخلاف والاختلاف والتعنت .. ام انها ركنت نحو الهدوء والتعقل .. ليست بحاجة الى حماس او حتى للفلسطينيين كافة .. ولكنها وفقا لمبادئها والتزامها بفلسطين .. تحاول قدر جهدها الدفاع عنهم ومدهم بوسائل الحياة وخاصة في غزه .
واذا كانت مصر حاليا قد دمرت سبل الحياة لغزة لهدمها الانفاق .. فان ذلك حفاظا على امنها القومي مما يجري في سيناء والتسلل الذي قد جعل سيناء مركزا للارهاب والقتل رغم النفي الحمساوي . الا ان ذلك ليس مبررا (للقتل الانساني) او الضرر لابناء غزة .. فالشعب الفلسطيني في غزه ليس كله (حماس) او اخوانا للمسلمين .. وفي هذا الامر ذهب الطائع بجريرة العاصي ..
وقد يغضب البعض ان كاتبا فلسطينيا يقول الحق حتى ولو على نفسه .. الا ان الصراع اكبر من ان يدخل فيه مصري او فلسطيني ليقول رأيه .. وما نعيب فيه على الاعلام في مصر انه قد عمق واضر بالاخوة المصرية الفلسطينية .. من خلال التحريض الاعمى ضد الفلسطينيين كافة .. ولا يفرق فيه بين هذا وذاك . ووضعهم في سلة واحدة .
ودعونا نأخذ مصر نفسها مثلا .. هل كل المصريين اخوانا للمسلمين .. ؟ .. هل كل مصر ارهابية ؟ هل كل مصر مع السيسي او مع مرسي رغم ان الاول يقوم بما يقوم به حسب رؤيته ,, والثاني تقوم جماعته وفق رؤيتها ولهما مؤيدين ومعارضين داخل اروقة المجتمع المصري ؟ رغم ان السيسي ليس مجرما ومرسي ليس ارهابيا .. ومع كل ذلك فان السيسي حسب رؤيتي ليس بطلا قوميا .. ومرسي ليس الها لكي تسيل من اجله الدماء .. ومن يتذرعون بالشرعية حجتهم ضعيفه .. اضافة لطرف ثالث لا يعلم عما يجري في مصر .. وانما يجري نحو اللقمة فقط وهم كثر .. لان الحال الاقتصادي فيها قد وصل الى مرحلة الخطر . هل نقول ان مصر كلها ضد الفلسطينيين .. حتى في اوج مقاومة الفلسطينيين كان هنالك مصريون مطبعون ، وكان هنالك مصريون مع المقاومة الفلسطينية .. حتى كان فيها مقاتلون مصريون ابدعوا في مجالاتهم . وهلا لا يوجد بين الفلسطينيين ما هو ضد سياسة مصر .. ؟
ان وضع جميع الفلسطينيين في سلة واحدة من الخطل .. ووضع المصريين في نفس السلة خطأ فادح .. وقد كان على مصر الرسمية ان تتحرى الامر جيدا قبل ان تسرب لوسائل الاعلام ما هو معاد للفلسطينيين .. وكان على الفرع الفلسطيني المتهم .. ان يثمن مواقف مصر طيلة عقودها وعهودها .. وهذه هي قدره مصر .. فليس بالامكان ابدع مما كان .
ان مصر ليست بحاجة الى حماس .. بل حماس هي التي تحتاج مصر .. فالاختناق الذي يمارسه العدو الصهيوني لا يعدم قصبة هوائية تأتي من مصر للتنفس .. ولو ان تلك القصبة اغلقت فعلى الفلسطينيين في غزة السلام . وسيعاني قطاع غزة من الامراض والجوع والمسغبة مما يندى له جبين العرب . ومع كل ذلك فان الكل يقول انه من المسلمين .. أهذا هو الاسلام الذي قام بنشره محمدا عليه السلام .. ام ان ذلك كله يجري تحت اسم السياسة التي لا تدين بدين معين .. بل تتقلب اهواؤها حسب المصالح الشخصيه .
لست بحاجة للتذكير ان مصر قد سالت دماء ابنائها دفاعا عن فلسطين .. فكلنا يعرف ذلك .. ولسنا ايضا بحاجة للتذكير ان فلسطين تدين لمصر بالكثير .. يكفي الالاف المؤلفة من الشهداء الذين لاقوا ربهم دفاعا عن فلسطين .. افنأتي بعد كل ذلك أن يزعزع البعض من المارقين امن مصر ..
وصدقوني .. لو انهارت مصر فسوف تنهار كل قيم الامة العربية .. وسيلحقها ايضا جموع قطعان العرب وبلدانهم وبما تحويه من نفط وعمارات حديثة وفضائيات مبرمجة العقول وجسور و ( حضارة ) مزيفه ترفه الانسان ولكنها لا تحميه .. اذ تستطيع طائرة اسرائيلية واحدة ان تجعل كل ذلك ركاما .. فعرب آخر الزمان قد اختاروا الرفاهية .. ولكنهم لم يحاولوا ان يمتلكوا التكنولوجيا الحديثة التي يمكن ان تدافع عن تلك الرفاهيه .. وقد نستمع بعد عقد او عقود بانهيار ذلك التزييف على رؤوس اصحابه .
نحن نحب مصر .. لانها كانت الرائدة في احتضان فلسطين .. ولو كان بعض اهل فلسطين من حكام غزة عقلاء لتركوا مصر تداوي جراحها بنفسها ان لم يستطيعوا المساعده .. اما ان يزيدوا الجرح اتساعا فذلك لا يقبله من هو عاقل .. ولا اريد ان يتنطح لي احدهم من السلام السياسي ليتهمني بالكفر والضلاله لانه من الاخوان المسلمين .. كما لا اريد ان يتهمني من هو متنور بالتزلف .. فمصر ليست بحاجة لي ولا لاحد . مصر بحاجة لابنائها فقط . واني لاطمئنكم ان مصر سوف تداوي جراحها .. وسوف تعود رائدة للعمل العربي عامة .. فمصر التي نزفت جراحها على عقود سالفه .. داوت جراحها ونهضت من كبواتها .. ووقفت امام اعتى القوى تدافع عن نفسها وعن العرب .. ولا يعدم ذلك بعض الكبوات ..
يا مصر .. انت غالية علينا .. وعلى الفلسطينيين خاصة .. ونحن ندعو الله صبحا ومساء ان لا يصيبك سوء او حتى بعض سوء.. فانت الامل .. ونحن بانتظار هذا الامل .
وليد رباح- نيوجرسي