تساءلت مجلة "فورين بوليسى" الأمريكية: إلى أي مدى يمكن أن تظل إسرائيل فى موقف المتفرج تجاه التطورات فى سوريا؟
وقالت المجلة أن إسرائيل ستراقب أي هجوم أمريكي ضد سوريا من على مقاعد البدلاء . وهى، بالطبع ، تتمنى نجاح الضربة الأمريكية المحتملة ولكن أيضا – وربما مثل الولايات المتحدة نفسها – لا يزال لديها شكوكا حول إمكانية توجيه ضربة عسكرية ناجحة.
كما أن القيادة الإسرائيلية لا يوجد لديها شكوك حول طبيعة خلفاء الطاغية السوري ، فهناك وجهة نظر من القدس ترى :" أن يحل محل قاتل وسفاح( الأسد) إسلاميون مرتبطون بتنظيم القاعدة ، هذا ليس انتصار على الإطلاق".
لقد كانت إسرائيل حتى الآن قادرة على عزل نفسها إلى حد كبير من الاضطرابات في الربيع العربي ، ولكن الضربة الأمريكية لسوريا قد تكون علامة على أن هذا العصر يقترب من نهايته . وفي حين كانت السنوات الثلاث الأخيرة الأكثر هدوءًا للمواطن الإسرائيلي العادي في أكثر من عقد من الزمان ، هناك دلائل على أن الجيش الإسرائيلي يجد صعوبة متزايدة في البقاء بمعزل عن الاضطرابات الإقليمية. .
فقد ضربت طائرات حربية إسرائيلية أهدافا في سوريا أربع مرات على الأقل منذ بداية العام ، وتم إطلاق صواريخ كاتيوشا من لبنان في الآونة الأخيرة على شمال إسرائيل ، وقامت قوات الدفاع الإسرائيلية بضرب لبنان في المقابل. وفي الوقت نفسه، استهدفت الصواريخ من شبه جزيرة سيناء مدينة إيلات في جنوب إسرائيل، مما تسبب في قيام الجيش الإسرائيلي بقصف مجموعة من الإرهابيين الإسلاميين في المنطقة . وهذه هي المرة الأولى التي تعتدى فيها إسرائيل على الأراضي المصرية منذ اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل في عام 1979 .
والمعروف أن مسؤلي وزارة الدفاع الإسرائيلية على اتصال وثيق مع نظرائهم في الولايات المتحدة بخصوص سوريا ؛ فقد زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى واشنطن هذا الأسبوع . ومن المفترض أن إسرائيل سوف تتلقى إنذارا مبكرا من الأمريكيين ، وذلك قبل بضع ساعات على الأقل من تنفيذ الهجوم على سوريا .
وقال مسؤولو دفاع إسرائيليون لي أن خطط الولايات المتحدة تتوافق إلى حد كبير مع المعلومات التي نشرت في وسائل الإعلام في الأيام القليلة الماضية . حيث أن الهجوم ، كما يقولون، سوف يكون عملية سريعة ، عن طريق وصواريخ كروز المتطورة والطائرات الحربية التى ستضرب بضع عشرات من الأهداف في وقت واحد في سياق 24 إلى 48 ساعة ، بهدف تدمير القواعد العسكرية السورية ، وبطاريات صواريخ ، بل وربما مخزونات من الأسلحة الكيميائية – إذا كان الأميركيون يمكن أن تكون على يقين من أن الأضرار الجانبية ستكون طفيفة.
وقال "أوباما" إن التدخل الأمريكي لا يهدف إلى إسقاط النظام السوري – والإسرائيليين يصدقونه . ويتوقع مسؤولو الحكومة الإسرائيلية أن يكون هدف الولايات المتحدة إضعاف موقف الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب الأهلية و ردعه عن استخدام أسلحة الدمار الشامل في المستقبل القريب.
وقالت المجلة إن هناك اختلافات كبيرة في الأسلوب بين الإسرائيليين والأميركيين في صنع الحرب . وخلافا لإدارة أوباما ، القيادة الإسرائيلية لا تنفق الوقت في محاولة لحشد الدعم الدولي لضرب سوريا، ويبدو أن الإسرائيليين غير متحمسين للعملية العسكرية.
ولكن الشىء المؤكد هو أن إسرائيل ربما تكون أكثر قلقا بشأن الحفاظ على مصداقية واشنطن في الشرق الأوسط مما هى عليه ، عن تحقيق هدف استراتيجي معين في سوريا . والطبيعى أن تكون إسرائيل قلقة من ضعف الولايات المتحدة فى المنطقة ، كما أن كبار المسئولين الإسرائيليين قد ينظرون إلى فشل الولايات المتحدة على أنه بمثابة الضوء الأخضر لإيران لتطوير أسلحتها للدمار الشامل .
ومع استمرار الأزمة السورية – فى ظل الأمل الضئيل بأن تنتهى الأزمة بعد الضربة العسكرية الأمريكية – تبدو إسرائيل مستعدة للحفاظ على سياستها المتمثلة في الاحتواء. فما يهم إسرائيل هو منع الأسلحة المتطورة من الوقوع في أيدي الجماعات الإرهابية ، وهو ما جعلها تشن أربع غارات جوية على ضوء مزاعم بأن سوريا تحاول تهريب صواريخ "أرض –أرض" ، وصواريخ مضادة للسفن ، ومضادة للطائرات لقوات حزب الله في لبنان . ورغم أن الأسد هدد بالانتقام لهذه الضربات ، لكنه لم يتصرف حتى الآن.
وقدم مستشارو الاستخبارات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تقاريرًا تقول له :" أنه لا يوجد سوى احتمال ضعيف أن يرد النظام السوري على ضربة أمريكية عن طريق ضرب إسرائيل . وتشير كل الدلائل إلى أن الأسد يركز بشكل أكبر على محاربة المتمردين السوريين ، وليس عنده استعداد لافتعال إشتباك مع أمريكا أو إسرائيل . ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي هو أيضا يدرك تماما ، مثل معظم الإسرائيليين ، أن ضبط النفس لا يمكن أن يستمر طويلا ، وهذا ما يفسر تهديدات رئيس الوزراء المستمرة للأسد.
ومثلها مثل الولايات المتحدة ، فإن إسرائيل ليس لديها خيارات جيدة في سوريا . ونتنياهو يدرك أن بقاء الأسد في هذه المرحلة من شأنه أن يمثل إنجازا كبيرا لمحور إيران وحزب الله ، والذي يمثل الخصم الرئيسي لإسرائيل في الشرق الأوسط من ناحية أخرى، فإن رئيس الوزراء لديه مخاوف حول وجود تنظيم القاعدة المتنامي.
ومما لاشك فيه أن إسرائيل لاتتمنى فوز أى الطرفين فى الحرب السورية ، لأن فوز أحدهما سيمثل مشكلة لإسرائيل