تساؤلات كثيرة صاحبت الزيارة التي قام بها السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان, علي رأس وفد رفيع المستوي الي طهران منذ أيام, خاصة أنه اول ضيف يحل علي الرئيس حسن روحاني بعد توليه رئاسة الجمهورية الايرانية, وفي ظل ظروف اقليمية ودولية معقدة واحداث متلاحقة.
ورغم نفي وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن يكون قد تم طرح أي موضوع خاص بشأن الولايات المتحدة خلال الزيارة, إلا أن كل المؤشرات تتجه نحو دور أكثر تقدما لسلطنة عمان في العلاقات الإيرانية الغربية بشكل عام وأزمة الملف النووي الإيراني بشكل خاص.
ففي السنوات الاخيرة نجحت سلطنة عمان ومن خلال استثمار فرص تقاربها مع ايران و الغرب في حل بعض المشكلات بين الجانبين, وقام السلطان قابوس بالوساطة بين طهران والعواصم الاوروبية لإطلاق سراح مواطنين معتقلين من الجانبين, مثل إطلاق سراح ثلاثة امريكيين اعتقلوا في ايران لدخولهم غير الشرعي للبلاد حيث تم نقلهم الي مسقط بطائرة عمانية خاصة قبل أن يعودوا الي الولايات المتحدة, وقيام الولايات المتحدة العام الماضي باطلاق سراح الاستاذ الجامعي الإيراني مجتبي عطاردي الذي كان يقبع في السجون الاميركية, وكذلك اطلاق سراح السفير الإيراني السابق في لندن نصر الله تاجيك الذي كان مسجونا في بريطانيا, والافراج عن الإيرانية شهرزاد ميرقلي خان من سجون الولايات المتحدة.
ومن جهة اخري, فإن التيار الذي جاء الي السلطة في ايران بعيد الانتخابات الرئاسية الاخيرة, يرغب في التوصل الي اتفاق مع المجتمع الدولي لانهاء العقوبات والحظر المفروض علي البلاد, ويعرف الرئيس الجديد حسن روحاني جيدا أهمية دور الوساطة التي قامت بها سلطنة عمان علي الصعيدين الاقليمي والدولي,فالرئيس روحاني زار مسقط عدة مرات خلال فترة ترؤسه المجلس الاعلي للأمن القومي الايراني, واجري مع السلطان قابوس مباحثات حول عديد من القضايا, ويقول روحاني بشان هذه المباحثات ان سلطان عمان زعيم محنك وله خبرة طويلة في قضايا المنطقة والعالم.
وفي هذا السياق ذكرت مصادر دولية مطلعة أن الزيارة جاءت في إطار دعم الجهود العمانية الرامية إلي القيام بمبادرة لحل ملف أزمة السلاح النووي الإيراني, والتي تستهدف تهيئة الأجواء للتمهيد لاستضافة السلطنة لقاء بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس روحاني, وهو ما يؤكده قاسم محب علي المحلل الإيراني في صحيفة بهار الإصلاحية بقوله إن زيارة سلطان عمان لإيران قد تشير إلي أن هذه الدولة تريد أن تلعب فيما بعد دور المضيف لمفاوضات إيران وأمريكا بدلا من دور الوسيط في العلاقة بين هذين البلدين.
كما اهتمت زيارة سلطان عمان لإيران بالأوضاع الإقليمية, حيث أكدت مصادر مطلعة ان السلطان قابوس نقل رسالة من مجلس التعاون الخليجي, تطلب من ايران وقف تدخلها في البحرين اضافة الي تأكيد موقفها من الأوضاع في مصر والأزمة في سوريا.
وكانت الأشهر القليلة الماضية قد شهدت اتصالات عمانية مكثفة مع أهم العواصم العربية والعالمية في إطار الترجمة العملية لمواقف السلطنة الداعية إلي دعم الجهود الرامية إلي التوصل إلي حلول عاجلة للمشكلات والأزمات التي تمثل تهديدا للسلم والأمن إقليميا وعالميا.
وفي التوقيت نفسه شملت الاتصالات المكثفة العربية و العالمية مع إيران زيارة مساعد الامين العام للأمم المتحدة للشئون السياسية الامريكي جيفري فيلتمان الي طهران للتباحث مع المسئولين الايرانيين بشأن الاوضاع في كل من مصر و سوريا ولبنان, وهي الزيارة الأولي لمسئول رفيع المستوي في الامم المتحدة الي ايران منذ زيارة الامين العام بان كي مون العام الماضي للمشاركة في قمة مجموعة دول عدم الانحياز.
ولم تخل زيارة السلطان قابوس لطهران من دعم للعلاقات الثنائية بين البلدين, حيث شدد روحاني علي رغبة ايران في ترسيخ علاقاتها مع السلطنة في مختلف القطاعات, خصوصا التجارية والاقتصادية, ووقعت عمان و إيران علي مذكرة تفاهم في مجال استيراد الغاز الي عمان استكمالا لمذكرات التفاهم السابقة بين البلدين,ووفقا لهذه المذكرة فقد اتفق الطرفان علي بدء عمليات مد خط انابيب نقل الغاز الايراني الي السلطنة خلال فترة قصيرة جدا.