تناولت صحيفة " نييورك تايمز" الأمريكية في تقرير مطول تداعيات الضربة الأمريكية المحتملة على سوريا، ورد فعل الأخيرة تجاه ذلك. وقالت الصحيفة إن البعض يشكك في أن واشنطن أو أي دولة أخرى لديها المعلومات الكافية لفحص الهجوم بدقة، واعتبروا أن الولايات المتحدة تستعد للدخول في صراع ليس فقط مع سوريا، وإنما ستدخل في مستنقع إقليمي متقلب يشمل إيران، وتنظيم حزب الله الشيعي اللبناني، ضد تنظيم القاعدة المدعوم من السعودية والمستفيدين في الخليج العربي.
وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما، إنه يفكر في هجوم عسكري ضد سوريا، وهي الخطوة التي يخشى كثير من خبراء الشرق الأوسط أنها قد تفاقم العنف في البلاد وتكثف النضال من أجل النفوذ الإقليمي بين إيران والمملكة العربية السعودية.
وأوضحت الصحيفة أن مؤيدي عرض الرئيس الأمريكي أكدوا أنه يمكن القيام بهجوم تأديبي محدود دون تأجيج الوضع المحتقن بالفعل، ولكن عدد من الدبلوماسيين والخبراء يقولون أن الأمر سيؤدي إلى مجموعة من العواقب غير المقصودة.
وبحسب تقرير الصحيفة، فإن تلك العواقب تشمل بدءاً من زيادة معاداة الولايات المتحدة الأمريكية التي يمكن أن تدعم موقف الرئيس السوري بشار الأسد، إلى صراع إقليمي أوسع قد يمتد لدول أخرى، بما في ذلك إسرائيل وتركيا.
ولم تجب الإدارة الأمريكية على العديد من الأسئلة أثناء وضع الخطوط العريضة للخطة، وقال دبلوماسيون مطلعون على الأسد أنه لا يمكن التعرف على رد فعله ويتساءلون ماذا ستفعل واشنطن إذا اختار الأسد الهجوم الكيميائي أو أي انتقام رئيسي ضد المدنيين.
ويكمن التحدي أمام واشنطن في إيصال رسالة مقصودة للأسد بدون فتح الباب لاستيلاء من قبل ثوار مرتبطون بتنظيم القاعدة أو انهيار مؤسسات الدولة أو تصعيد رئيسي من قبل حلفاء سوريا.
وقالت الصحيفة أن خبراء يشككون في أن واشنطن أو أي دولة أخرى لديها المعلومات الكافية لفحص هذا الهجوم بدقة، وذلك جزئياً لأن الولايات المتحدة تستعد للدخول في صراع ليس فقط مع سوريا وإنما أصبح مستنقعاً إقليمياً متقلباً يشمل إيران وتنظيم حزب الله الشيعي اللبناني ضد تنظيم القاعدة المدعوم من السعودية والمستفيدين في دول الخليج.
وهناك مخاوف أيضاً أن العراق التي تقودها الشيعة بإمكانها إرسال آلاف من المسلحين لمساعدة الأسد إذا شعرت بأنه مهدد بالفعل، وهذه الخطوة سوف تشجع في المقابل الجهاديين من أهل السُنة على كلا الجانبين من الحدود مع سوريا.
ونقلت الصحيفة عن العديد من الدبلوماسيين والمحللين، اعتقاداتهم بأن الانتقام أمر غير محتمل، ولكن العواقب قد تكون قاتمة، فأعلنت إسرائيل أنها سوف ترد بقوة إذا هاجمتها حزب الله مما يدخل لبنان في حرب، وإذا أطلقت سوريا صواريخها تجاه إسرائيل وردت هي بهجوم جوي عبر المجال الجوي اللبناني ستعتبره حزب الله مبرراً للهجوم على تل أبيب.
وفي الشأن السوري، لم تستبعد "نيوورك تايمز" سقوط ضحايا من المدنيين، سواء من الصواريخ الأمريكية الطائشة، أو بين الناس المتواجدة بالقرب من المواقع المستهدفة، والخسائر الكبيرة للغاية في الأرواح التي يقول المسؤولون الأمريكيون أنهم يقومون بحمايتها يمكن استغلالها من قبل الحكومة السورية.
أما عن المواقع المحتمل استهدافها فهي المناطق التي ظلت آمنة نسبياً حتى الآن بما في ذلك الممر من الضواحي الغربية من دمشق إلى الحدود اللبنانية، وفي دمشق ذاتها أعرب السكان عن خوفهم أنه في أعقاب ذلك قد تندلع الاشتباكات.
إن هذا الأمر من شأنه أن يخلق أزمة إنسانية جديدة وتدفق جديد للاجئين إلى جيران سوريا المثقلين بالفعل، وبالرغم من أن المسؤولين الأمريكيين يقولون أنهم لا يتوقعون حدوث أزمة اللاجئين لطبيعة الهجوم المحدودة إلا أن منظمة حقوق الإنسان ناشدتهم للتخطيط لما هو غير متوقع.
وقالت الصحيفة إن التحقق من المعلومات في سوريا أمر صعب للغاية، وهناك خطر آخر مهما كان يبدو بعيدا لواشنطن هو أنه تبين أن حكومة الأسد لم تكن مسؤولة عن الهجوم الكيميائي.
واسترجعت الصحيفة الذاكرة في ما يتعلق بخطأ المعلومات الاستخبارية، التي أدت إلى الحرب على العراق، وانطباعها لدى العديد في المنطقة، وهي من جعلت قطاع واسع من الجمهور غير مقتنع في ذلك، معتبرة أن الأمر ذاته يسمح لـ"الأسد" بتصوير نفسه أنه ضحية للتدخل الأمريكي الظالم، ويجذب المزيد من المؤيدين.
وبالرغم من كافة هذه الأمور، لا يقترح أحد أن تُغلق الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى أعينها عن استخدام الأسلحة الكيمائية أو معاناة المدنيين في البلاد التي مزقتها الحرب لأكثر من عامين، بحسب الصحيفة.