نشرت صحيفة (الشروق) الجزائرية هذا التقرير حول عودة دولة مبارك بتخطيط من قيادة الجيش المصري:
بعد ثورة أبهرت العالم بسلميتها وصمودها وتكاتف كل فئات الشعب المصري بمساندة قوى المعارضة لإسقاط نظام أهلك البلاد والعباد بالفساد والفقر والقمع والاستبداد، والإطاحة بحاكم دام في منصبة أكثر من ثلاثة عقود بالتزييف والتزوير، وظنا من ثوار يناير أن دولة مبارك قد سقطت مع سقوط رأسها في الحادي عشر من فبراير 2011، إلا أن الجميع الآن يراها تعود بكل قوتها دون أي تصدٍّ لها من القوى الثورية التى كانت على قلب رجل واحد فترة الثمانية عشر يوماً قبل الإطاحة بالرئيس المخلوع. وكأن كل الفترة السابقة منذ 11 فبراير 2011 حتى انقلاب الثالث من يوليو الماضي كانت مجرد فترة استجمام لنظام مبارك يستقوى فيها ويسد ثغرات الضعف التى تسببت في إسقاطه والتى كان من أهمها تلاحم الشعب المصري وتكاتف قوى المعارضة، الأمر الذي جعل دولة مبارك وعلى رأسها المؤسسة العسكرية التى كانت اللاعب الأساسي في كل ما حدث والوحيدة التى لم تأخذ فترة هدنة بعد إسقاط كبيرها "مبارك". وظلت هي الحاكم الفعلي والحقيقي لمصر منذ إسقاط مبارك حتى الآن. وكان من أهم أهدافها طوال الفترة الماضية هو تفتيت القوى الثورية التى خرجت لإسقاط نظام مبارك، مستغلة في ذلك حماقة أو طمع البعض منهم أو أخطاء البعض الآخر..
ونجحت في ذلك إلى حد أن إطلاق سراح مبارك لم يؤثر في الشارع الثوري شيئا، الأمر الذي فسره محللون بأن الهدف منه هو جس نبض مدى تنازع القوى الثورية أو تكاتفها حول هدف يفترض أنه نقطة اتفاق والتقاء بين كافة القوى الثورية التى شاركت في الإطاحة بنظام مبارك وهو "محاكمة المخلوع"، وجاء الرد للأسف بأن خروج المخلوع أظهر للمدبرين أن هناك فجوة كبيرة بين قوى ثورة يناير والنزاع بينهم أكبر إلى الحد الذي لم يجعلهم يلتفون مجددا حول هدف من أهم أهداف ثورة يناير وهو محاكمة قتلة ثوار يناير وأخذ كل منهم يلقي اللوم على الآخر في مشهد مثير للضحك والشماتة من قبل أذناب النظام المباركي!!
التخطيط لإجهاض ثورة يناير لم يكن وليد الأيام الحالية أو حتى عقب انقلاب الثالث من يوليو ولكن الأمر مدبر له منذ وقت بعيد ولكن سرعان ما ظهرت نتائجة بشكل متتال وسريع ومرتب في تحد صارخ للجميع بعد أن نجح المدبرون في "تكفير" قطاع كبير من الشعب في ثورة يناير بافتعال الأزمات الأمنية والاقتصادية والسياسية وأيضاً نجاحهم في إسكات أو تهديد شخصيات كانت مؤثرة فيما قبل وقمع قوى سياسية كبرى مستغلة في ذلك أخطاءها السياسية وبدعم من الإعلام ومؤسسات الدولة التى ما زال ولاؤها لمبارك حتى الآن.
إجهاض الديمقراطية
الحديث عن الديمقراطية وتبادل السلطة والإرادة الشعبية أحد أهم الأسباب التى كانت ولا زالت صداعا شديدا في رأس نظام الرئيس المخلوع قبل وبعد ثورة يناير، فقبل الثورة كانت الديمقراطية تعنى حكم الحزب الوطني فقط لكل مؤسسات الدولة وأن تبقى المعارضة تمارس دورها إلى الأبد وتجنيد البعض منها أحزاباً وأشخاصا لتأييد وتمثيل دور المعارضة بالحدود التى تضعها الدولة. أما بعد ثورة يناير والحديث عن الديمقراطية التى أساء الكثيرون فهمها واستخدامها كان بمثابة المناخ غير الطبيعي وغير المألوف على الدولة العميقة ورجال مبارك وبالتالي كان من أولويات "الثورة المضادة" التى تحارب ثورة يناير هو تشويه فكرة الديمقراطية من خلال تشويه نتائجها عبر صناديق الاقتراع، فأصبحت الديمقراطية محل سخط للبعض من القوى والنخب التى تدعي الامتثال للديمقراطية بعدما جاءت بنتائج لا ترضاها ولا تريد التعاون معها. وظلت تستغل أخطاءها لمحاربتها إلى الحد الذي جعلها لم تتوار في التصالح مع النظام الذي كانت قد خرجت ضده من أجل الإطاحة بنظام لا ترضاه جاء لأول مرة عبر انتخابات ديمقراطية نزيهة وعبر المعايير الديمقراطية التى تدعيها وتروج لها عبر فضائياتها!!
الاستبداد الأمني وقمع المعارضة
لم تكن ممارسات الأمن قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير ببعيدة عن ممارساته بعد انقلاب الثالث من يوليو الماضي، فمن ممارسات الاعتقال والسحل وتلفيق التهم والتعذيب قبل ثورة يناير إلى نفس الممارسات بعد انقلاب الثالث من يوليو وبشكل أشد حيث تطور الأمر إلى قتل المتظاهرين وبالمئات دون حسيب أو رقيب وممارسة التعذيب دون التخفي كما كان يحدث قبل الثورة أو حتى إنكار ذلك، إلى الحد الذي أصبحت فيه الصفحة الرسمية للشرطة المصرية تعلن عن ممارساتها أو تحريضها بشكل علني، فضلاً عن انتشار الأكمنة في كافة محافظات مصر واعتقال كل من يشتبه فيه أنه من المعارضة أو المحسوبين على التيار الإسلامي أو حتى مؤيد لهم!!
حتى إنه بعد إطلاق سراح الرئيس المخلوع كانت هناك التهديدات التى يلوح بها النظام ضد كل من يحاول إثارة الأمر من القوى التى سوغت الانقلاب أو دعمته أو أيدته، وأصبحت التهم جاهزة ضد شخصيات كانت من أبرز اللاعبين في انقلاب يوليو منهم محمود بدر مؤسس حركة تمرد، والذي وجه إليه اتهام "بإشاعة الفوضى وتهديد الأمن القومي". تلك التهمة المطاطة التى أصبحت تطال الجميع وتوجه إلى كل من يفكر في الخروج من عباءة الحكم العسكري. كما حدث أيضاً مع أحمد ماهر مؤسس حركة 6 أبريل، وكثير من الشخصيات التي تفكر في رفع صوتها أو أقلامها في وجه الحكم العسكري!!
التدهور الاقتصادي
العيشة الكريمة والعدالة الاجتماعية كانت المطلب الرئيسي لثورة الخامس والعشرين من يناير قبل أن تتصاعد مطالبها إلى حد إسقاط مبارك ونظامه، فالأوضاع الاقتصادية التي كان يعيش فيها المصريين قبل الثورة كانت قد وصلت إلى الحد الذي فجر بركان الغضب عند الطبقة الفقيرة من الشعب والتي كانت تمثل أكثر من 40٪ من الشعب المصري قبل الثورة وزادت بعد الثورة نظرا إلى أن الأوضاع الاقتصادية ازدادت سوءًا وتفاقمت أكثر بعد انقلاب الثالث من يوليو، كان نظام مبارك حريصا على أن يجعل المواطن المصري لا يجد وقتاً للحديث في السياسة وأن يكون شغله الشاغل هو جلب قوت يومه حتى وإن كان تحت ذل واستعباد!!
ولما أصبح توفير قوت يومه أيضاً من الصعوبات الشديدة تفجر البركان في وجه النظام الفاسد الذي أباد الطبقة المتوسطة وأصبحت غالبية الشعب المصري من الطبقة الفقيرة والقليل منها الأثرياء والمليارديرات ..
الأوضاع الآن أصبحت أسوأ مما كانت عليه قبل ثورة يناير بعد تكاتف الدولة العميقة واستخدام أدواتها في محاربة أي نهوض اقتصادي تسعى كل الحكومات التي جاءت بعد الثورة إلى تحقيقه، مستخدمة آلتها الإعلامية في تهويل الأحداث "لتطفيش" كل المستثمرين الأجانب والعرب من مصر وعدم التفكير في أي استثمارات داخل البلاد، الأمر الذي عاد على المواطن المصري بالسلب وأصبح يعاني من الفقر وسوء الوضع الاقتصادي كما كان قبل الثورة وأكثر، خاصة مع تفاقم الدين الداخلي والخارجي للبلاد بعد الانقلاب العسكري على الرئيس المعزول محمد مرسي وتكبد الاقتصاد المصري خسائر تقدر بـ 27 مليار دولار حسب مراقبين.
طبخ القوانين
كانت القوانين في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك "تطبخ" من قبل من كان يطلق عليهم "ترزية القوانين" من رجال مبارك والذين كان على رأسهم فتحي سرور رئيس مجلس الشعب. قبل ثورة يناير، كانت القوانين والتعديلات الدستورية تسير وفقاً لما يصب في مصلحة مبارك وحاشيته ونظامه ومن أشهرها قانون الطوارئ الذي كان يستخدم لبطش الجميع ووضع كل الشعب رهن الاعتقال في أي لحظة دون أي سبب أو إذن مسبق من النيابة، بالإضافة إلى التعديلات الدستورية الأخيرة قبل الثورة والتي تمت في الأساس بهدف تيسير مشروع التوريث الذي كانت تعده سوزان مبارك لنجلها جمال بمساعدة كل مؤسسات الدولة والحزب الوطني الحاكم آنذاك ورجال مبارك.
تضليل الإعلام
الآلة الإعلامية التى كانت تعمل على تلميع الرئيس المخلوع ونجليه وحاشيته طوال فترة حكمه وتحارب وتشوه كل من يقف ضده والتى كانت ولا زالت إحدى أدوات نظام مبارك في تشويه وإجهاض ثورة يناير، أصبحت الآن تمارس دورها بشكل أعنف وأبشع من ذي قبل، فأصبح فيها محاربة ثورة يناير علنياً إلى حد وصفها أنها كانت انقلابا وثورة خراب والتمليع في انقلاب الثالث من يوليو، فضلاً عن التحريض والتوجيه الممنهج لتشويه وشيطنة المعارضة والتبرير لكل الممارسات الأمنية العنيفة ضد المتظاهرين السلميين أو كل من تشير إليه السلطة الحاكمة بأصابع الاتهام.
على الرغم من كل ما سبق إلا أن المشهد ليس بالسواد القاتم أو البياض الناصع، فثمة أمور تغيرت بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير لم يستطيعوا استعادتها من جديد، من أهما "انكسار حاجز الخوف" عند المصريين، وأصبح الرصاص الحي والخرطوش عند ثوار مصر لا يمثل درجة خوف من "قرصة بعوضة" عندهم على الرغم من كل الممارسات الاستبدادية والقمعية التى يمارسها الأمن في تلك الفترة.
قيادات الإخوان مشغولة بالصلاة وقراءة القرآن في السجن
نفى اللواء مصطفى باز، مساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة السجون المصرية، تعرض مرشد الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع، للضرب من جانب ضباط سجن ملحق مزرعة طرة، وإصابته بكسر في الفك، وأكد المسؤول الأمني أن المرشد بصحة جيدة، وأن ما تردد عن سوء معاملته والاعتداء عليه غير صحيح إطلاقاً، ووصف وضع قيادات الإخوان في السجن بأنها "زي الفل".
وكشف مساعد وزير الداخلية عن جانب من تفاصيل حياة رموز تنظيم الإخوان داخل سجنهم، وقال في حوار مع جريدة الوطن المصرية أمس، إن صحة الدكتور محمد بديع "زي الفل"، ويلقى رعاية طبية كاملة داخل محبسه، ويتم توفير أي أدوية يطلبها حتى لو من خارج السجن بشرط ملاءمتها لحالته، بعد عرضه على لجنة طبية على مستوى عالٍ من الكفاءة، وهذا حقه كأي مسجون طبقاً للوائح التي نطبقها على الجميع.
وعن الحياة اليومية لقيادات الإخوان داخل السجن، ذكر المسؤول المصري "جميع قيادات الإخوان مودعون في زنازين انفرادية أو عنابر، سعة العنبر منها نحو ألف سجين، مقسمة إلى غرف معزولة عن بعضها، ويومهم جميعاً يقضونه داخل الزنزانة ولا يلتقون لا في الداخل ولا في الخارج، حتى في أوقات الزيارات، وهم مشغولون دائماً بالصلاة وقراءة القرآن والنوم، هذا بالإضافة إلى فترة رياضة مدتها ساعة يومياً، يمضيها كل منهم يومياً في مكان مخصص، جيد التهوية وتنطبق عليه الشروط الصحية"، ولفت اللواء مصطفى باز، أن كلا من المرشد محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر يحببان تناول الأسماك.
ونفى المتحدث وجود لقاءات بين قيادات الإخوان، بديع، الشاطر، الكتاتني، مهدى عاكف، حازم أبو اسماعيل وغيرهم، وشرح يقول "كلا منهم محبوس بمفرده، حتى في فترات الزيارات والرياضة يتم السماح لهم بالخروج للزيارات والرياضة بالتناوب، كما أن أبواب الزنازين يتم إغلاقها في تمام الساعة الخامسة والنصف مساء، ويسمح لكل سجين بساعة تريّض"، كما أن رموز الإخوان لا يلتقون بحسب اللواء مصطفى باز مع رموز نظام حسني مبارك المتواجدون في نفس السجن وهم 9 أبرزهم علاء وجمال مبارك نجلا الرئيس الأسبق وحبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق، ومنير ثابت وأحمد عز وهشام طلعت، ومحمد إبراهيم سليمان، فأكد عدم وجود لقاءات بين الفصيلين.
ع.س
البلتاجي للسيسي: "كيف قبلت منصب وزير في حكومة جماعة إرهابية؟"
أكد القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، محمد البلتاجي، أن ما حدث في مصر، في الفترة الأخيرة، هو إعادة مبارك إلى قصره، وإعادة مصر إلى كونها دولة عسكرية.
رد محمد البلتاجي على الاتهامات التي وجهتها الحكومة المصرية إلى المعتصمين السابقين في ميداني الرابعة العدوية والنهضة، وقال، في أول ظهور له بعد فض المعتصمين: "إن معتصمي رابعة العدوية ظلوا طوال 48 يوما ينددون بالانقلاب العسكري بأفواههم فقط وليس بأيديهم"، مضيفا أن كل جريمته هي أنه وقف ضد ما أسماه "الانقلاب العسكري"، متابعا: "الانقلابيون يسوقون حجة الحرب على الإرهاب لتبرير الانقلاب في الخارج"، مشيرا إلى أن اعتصام رابعة كان محاطا بالعديد من مؤسسات القوات المسلحة، ولم يتم الاعتداء عليها.
ولفت البلتاجي إلى أن هناك منظمات زارت الاعتصام وأوضحت كذب وزير الداخلية، وأيضا: "لو كان هناك سلاح في رابعة العدوية، لكان أولى أن يدافع المعتصمون به عن أبنائهم الذين سقطوا شهداء. قولوا لنا عن واقعة واحدة اتهمت فيها الإخوان، لكن تهمة التحريض لغة مطاطة وسيثبت كذبها"، داعيا قيادات الإخوان المحبوسين إلى عدم التعامل مع النيابة ولا جهات التحقيق، لأنها "مؤسسات غير شرعية"، مثلما فعل المرشد العام.
وأضاف البلتاجي أن هناك "محاولة ساذجة" من النظام لرفع شعار الحرب على الإرهاب للهروب من المسؤولية السياسية إلى عملية أمنية، مؤكدا أن النظام الحالي لم تعترف به سوى خمس دول، وباقي دول العالم ترى أن ما حدث في الثالث من يوليو، انقلاب، إضافة إلى أن "الأعداد التي نزلت للمشاركة في 30 يونيو خُدعت، وعلمت الآن أنه انقلاب دموي".
وتساءل البلتاجي عن تأخر معرفة الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع، بأن الإخوان جماعة إرهابية، رغم أنه كان رئيسا للمخابرات الحربية، وأيضا: "كيف سمح لعضو في جماعة إرهابية بأن يترشح للرئاسة؟ وكيف أصبح هو وزيرا في حكومته؟" مضيفا: "لا تنخدعوا بأكاذيب الانقلابين التي تصفنا بالإرهابيين، هذا النظام غارق في بحيرات الدم، ولا تسمحوا لأنفسكم بأن تقفوا صامتين وتبرروا لأنفسكم السكوت عن هذه المجازر"، مشددا على أنه "ما من مسلم خذل أخاه في طلب إلا خذله الله".
وتناول البلتاجي، في رسالته المصورة التي بثتها قناة الجزيرة، ليلة الاثنين، أن "ما حدث في أبو زعبل لم يشهده العالم بأسره.. الجيش لم يكتفِ بقتل شعبه، بل سعى لقتل جنوده في محاولة لصرف الأنظار عما حدث في أبو زعبل".