وصل الإقبال على الزي الشرعي للمحجبات على البحر أو ما يُطلق عليه "مايوه المحجبات" إلى درجة فاقت كل التوقعات في الأسواق الجزائرية، حيث تعدت أرقام مبيعاته وفقا لما اوردته صحف جزائرية أرقام مبيعات المايوهات العادية.
واجمع الكثير من التجار على تحقيق مبيعات الزي الشرعي للبحر أرقاما قياسية ونفاذه من المتاجر الجزائرية في وقت قصير، ويرى البعض انها اشارة الى تغير طريقة تفكير وعيش الجزائريين المتسمة بطابعها العصري والمتمدن.
وما يميز المايوه الإسلامي أو "البوركيني" رقبته العالية، وأكمامه الطويلة وتنورته القصيرة التي تلبس فوق سروال طويل، بالإضافة إلى أن له غطاء مضاد للماء، حيث عرف في الآونة الأخيرة إقبالا كبيرا ومتزايد من قبل مجموعة من المتحجبات، كما انه بات متوفرا بألوان مختلفة وتصاميم مبتكرة لهذا الفصل الحار خاصة في الدول العربية.
وتتهافت الكثير من النساء المحجبات الجزائريات على ارتداء لباس البحر الشرعي لكونه فضفاضا ومصنوعا من مادة لا تلتصق بالأجساد، بحيث يؤمن مرونة الحركة ولا يبرز مفاتن المرأة.
وتشهد الجزائر في السنوات الأخيرة موجة تدين واسعة، فسرها مختصون في الدراسات الاجتماعية بتأثر الشباب الجزائري خاصة بالفضائيات الإسلامية.
وكانت جهات جزائرية مسؤولة ذكرت في وقت سابق ان السلفيين المتشددين يسيطرون على 80 بالمائة من المساجد في الجزائر وذلك في غياب سياسة واضحة لوزارة الشؤون الدينية لتنظيم قطاع الأئمة في البلاد.
وكان المستشار الإعلامي لوزير الشؤون الدينية الجزائري قال، إن "السلفيين لا يأخذون المرجعية الدينية الجزائرية بعين الاعتبار، ولا يريدون الالتزام بالقوانين والتشريعات التي وصفتها وزارة الشؤون الدينية لتسيير المساجد والمرافق الدينية، ويريدون مخالفة المرجعية الوطنية في حوالي 40 مسألة"، متهما إياهم بالسعي لنشر "مرجعية سلفية وهابية" وكأنها "شأنا دستوريا" جزائريا.
واثارت حادثة افطارا جماعيا بالجزائر جدلا كبيرا في الشارع الجزائري وتململا اكبر في صفوف الاسلاميين.
وكان نحو الف إسلامي سلفي مع نساء محجبات تظاهروا في موعد سابق بتيزي وزو ردا على تجمع طالب خلاله مفطرون بحرية المعتقد، في خطوة تصعيدية من الإسلاميين تلت في وقت سابق زيارة للمدينة قام بها الرجل الثاني في جبهة الإنقاذ الإسلامية المنحلة علي بلحاح.
وقال مراقبون إن هذه المرة، ليست الأولى التي تم فيها اتخاذ إجراءات مشددة بحق الرافضين للصيام، حتى أن منتمين للأقلية المسيحية وجدوا أنفسهم أمام القضاء بسبب ذلك.
وأكد عدد من علماء الدين رفضهم لارتداء "لباس البحر الشرعي" الذي ترتديه المنقبات والمحجبات في الشواطئ المختلطة. لكن بعضهم لم يمانع أن يتم ارتداءها في شواطئ خاصة بهن، وضمن ضوابط معينة ومشددة.
وطرحت مسألة إقامة شواطئ خاصة بالنساء في الاونة الاخيرة بالجزائر الكثير من الجدل حولها، واعتبر الداعية الجزائري الشيخ شمس الدين بوروبي بأن "الشريعة الإسلامية لم تحرم السباحة على النساء، وإنما اشترطت ضوابط عليهن، وإذا توفرت هذه الضوابط فلا حرج في أن تسبح المرأة".
وأضاف أن من الضوابط "ألا تكشف نفسها لغير محارمها، وألا تكشف عوراتها الا أمام النساء، كما يجب أن يكون المكان آمنا".
خطوة للوراء ام حرية شخصية؟
وخصص الكثيرون من الرجال في الجزائر شواطئ خاصة لهم بعيدا عن النساء، أشهرها شاطئ "الفار" الجزائري الذي يقصده شباب متدين من العاصمة والولايات المجاورة لها.
وترى الباحثة الاجتماعية الجزائرية نورية عبدالفتاح، أن الجزائر لا يمكنها تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية كما يريد بعض الشيوخ والكثير من الإسلاميين فرضها.
وتضيف نورية عبدالفتاح: "النظام الجزائري علماني صرف، والجزائر بلد إسلامي، ولكن لا يمكن بعد اثنين وخمسين عاما من الاستقلال فرض توجه محافظ موحد على جميع الجزائريين، ومن الناحية الاجتماعية سيكون هذا الأمر بمثابة دق إسفين خلاف بين جهتين تشكلان قوة كبيرة داخل المجتمع".
وتضيف نورية: "صحيح أن الحجاب بين النساء الجزائريات هو الأغلبية، لكن النساء غير المحجبات كثيرات أيضا، وهن يرغبن في العيش بحرية".
وتخشى اصوات علمانية في الجزائر من سطوة التيارات الاسلامية المتطرفة وتمدد نفوذها مع الوقت وتحذر من محاولة الدفع بها نحو الوراء وتحويلها الى دولة دينية خالية من كل معالم التمدن والحداثة.
واشترطت إدارة إحدى المراكب السياحية غربي العاصمة الجزائرية والتابعة للحكومة على المحجبات اللاتي يردن السباحة داخل مسبحهن ارتداء المايوه العاري والتخلي عن المايوه الشرعي المنتشر بكثرة في أوساط المحجبات.
وذكرت صحيفة جزائرية أن إدارة المركب السياحي بسيدي فرج المطل على البحر منعت في وقت سابق المحجبات من دخول مسبح "الباهية" الموجود داخله إلا إذا ارتدين المايوهات العارية للسباحة بدلا مما يعرف بالمايوهات الإسلامية، والتي تغطي الجسد بأكمله ماعدا الوجه والكفين والقدمين.
ولم تقدم إدارة المسبح أي مبرر للقرار الذي وصف بالمفاجئ مكتفية بالتأكيد على أنها تمنع السباحة بالمايوهات الإسلامية.
اعداد: لمياء ورغي