ربما لا تعرف الأجيال الجديدة شيئا عن مجازر آية الخميني ضد الشعبين الإيراني والعراقي، لكن الذين عاصروا ما يسمى بالثورة الإسلامية التي سرقها هذا المجرم من أصحابها الحقيقيين ونسبها لنفسه، ومحاولته اليائسة لتصدير ثورته البائسة إلى العراق الذي أنعم عليه بخيراته طوال عقدين من الزمان فتنكر لها، وهو الذي أشعل فتيل الحرب العراقية الإيرانية التي راح ضحيتها أكثر من مليون مسلم بسبب إصراره على عدم إيقافها رغم كل المساعي الحميدة التي بُذلت لوقفها من عدة أطراف وموافقة العراق من جانب واحد على إيقافها منذ الأسبوع الثاني لإندلاعها، البعض لم يعاصر هذه الأحداث المريرة، أو كان طفلا لم يدرك بشاعة السلخانة الخمينية ومدى تعطشه للدماء بغض النظر عن أصحابها.
دراكولا إيران المقبور لا يمكن مقارنته إلا بقليل من طغاة التأريخ كهتلر على سبيل المثال، لأن ضحاياه تجاوزا المليون من الشعبين العراقي والإيراني، وقد سار دراكولا الحي الخامنئي على خطى سيده الضال في نفس الطريق الدموي، مع توسيع دائرة الدم لتضم علاوة على دماء الإيرانيين والعراقيين، أشقائنا في سوريا ولبنان واليمن والبحرين، وبدرجة أقل دول الخليج العربي ثم افغانستان وبعض الدول الأفريقية وآخرها أثيوبيا. وهذه الدائرة الدموية تتوسع يوم بعد آخر بسبب تجاهل الشرعية الدولية والرأي العام الدولي والعربي والإسلامي لبشاعة الدور الإيراني في داخل إيران والمنطقة وخارجها، ووضع حد للسياسة الخطرة التي تنتهجها حكومة الملالي. إضافة إلى ضعف وتشرذم الأنظمة العربية الحاكمة.
لنطلع على فتوى أول مجزرة بشرية أرتكبها الخميني بحق شعبه، والغريب فيها إنه أبتدأها بالبسملة واللع تعالى بريء منه ومن جرائمه!
"بسم الله الرحمن الرحيم
بما أن المنافقين الخونة لا يؤمنون بالإسلام أبدًا، وكل ما يقولونه يأتي من المكر والنفاق؛ وباقرار قادتهم يعتبرون مرتدين عن الإسلام. ونظراً لأنهم محاربون ومع الأخذ في الاعتبار حروبهم النظامية في شمال وغرب وجنوب البلاد، وصنوف تعاونهم مع حزب البعث العراقي وقيامهم بالتجسس لصالح صدام ضد الشعب المسلم، ومع العلم باتصالاتهم بالاستكبار العالمي، و الضربات الغادرة التي وجهوها منذ قيام نظام الجمهورية الإسلامية وحتى الآن؛ فان الموجودين منهم في السجون الذين لايزالون متمسكين بموقف النفاق فإنهم يعتبرون محاربين ويحكم عليهم بالإعدام. ويتم تحديد ذلك في طهران بأكثرية آراء السادة حجة الإسلام نيري دامت افاضاته (القاضي الشرعي) والسيد اشراقي(المدعي العام في طهران). وممثل وزارة المخابرات. مع الاحتياط يقتضي أجماعهم. وهكذا الامر بالنسبة لسجون المحافظات حيث يؤخذ رأي أكثرية الأصوات من السادة قاضي الشرع ومدعي عام الثورة وممثل وزارة المخابرات كحكم ملزم. ومن السذاجة الترحم بالمحاربين. ان استخدام الحزم الإسلامي حيال أعداء الله هو من المبادئ التي لا مجال للتردد فيها في النظام الإسلامي. آمل لكم أن تكسبوا رضا الله باستخدام غضبكم وحقدكم الثوريين ضد أعداء الإسلام. وعلى السادة الذين يتولون المسؤولية في تطبيق المصاديق أن لا يترددوا في ذلك أبدًا، وأن يسعوا ليكونوا ((أشداء على الكفار)). فان التردد في مسائل القضاء الإسلامي الثوري إهمال وتجاهل لدماء الشهداء الزكية . والسلام ". روح الله الموسوي الخميني.
وقد إستغرب من هذه الفتوى الدموية أقرب الناس للخميني وهو إبنه أحمد الحميني الذي أرسل إستفسارا إلى أبيه حول ما ورد فيها من نقاط غامضة تحتاج إلى أيضاح وشرح وافي.
"والدي المحترم سماحة الإمام مد ظله العالي.
بعد التحية
اتصل بي هاتفيا آية الله موسوي اردبيلي للاستفسار عن بعض مما ورد في الحكم الصادر مؤخرًا عن سماحتكم بخصوص المجاهدين، من خلال ثلاثة أسئلة طرحها وهي:
1 – هل هذا الحكم يشمل هؤلاء الذين كانوا في السجون وسبق أن تمت محاكمتهم وحكم عليهم بالإعدام دون أن تتغير مواقفهم ولم يتم تنفذ الحكم بحقهم بعد؟ أم حتى الذين لم يحاكموا ولم يحكم عليهم بالإعدام؟
2- هل يشمل المنافقين المحكوم عليهم بالسجن وقضوا فترة من محكوميتهم إلا أنهم مازالوا متمسكين بنفاقهم؟
3- بالنسبة للمنافقين في المحافظات المستقلة قضائيا وغير تابعة لمركز المحافظة هل يجب إرسال ملفاتهم إلى مركز المحافظة أم بإمكانهم العمل بشكل مستقل؟
إبنكم أحمد".
وكان ردٌ الأب الضال لصاحب السؤال عبارة وجيزة في كلماتها، لكنها مدمرة كأسلحة التدمير الشامل في محتوياتها "بإسمه تعالى.. في جميع الحالات المذكورة أعلاه أي شخص كان وفي أية مرحلة كانت، إن كان متمسكاً بفكرة مجاهدي خلق فليحكم عليه بالإعدام. أبيدوا أعداء الإسلام بسرعة. وبخصوص النظر في الملفات، ومثل هذه القضايا فيجب العمل بشكل ينفّذ فيه الحكم بأسرع ما يمكن. هذا ما أريده. روح الله الموسوي الخميني".
لاحظ إن العبارة الخمينية(متمسكا بالفكرة) تتنافي كليا مع ما جاء في القرآن الكريم، فحرية العقيدة والتمسك بها قد كفلها الإسلام بوضوح. جاء في سورة الكهف/28(( فمن شاء ليؤمن ومن شاء فليكفر)). وفي سورة لقمان/12 (( ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد)). وفي سورة الإسراء/107((قل آمنوا به أو لا تؤمنوا)). وهناك الكثير من الآيات الحكيمة تصب في نفس الإتجاه. مع الأخذ بنظر الإعتبار ان ما ورد من آيات تتعلق بمن يختلف في العقيدة وليس بمن يشارك في العقيدة ويختلف في أمور دنيوية لا علاقة لها بالدين. لذا فليس من العدل الإفتاء بقتل من يشاركك في العقيدة ويختلف معك في الرأي! هذه شريعة الغاب وليس شريعة الله، ولا شريعة دولة تدعي نفسها إسلامية.
كما إن قوله( اقتلوا أعداء الإسلام) تعبير شاذ لا يتوافق مع أوضاع المجاهدين ووضعهم. فالدعوى للقتل الجماعي جريمة يعاقب عليها القانون المحلي والدولي بغض النظر عن طبيعة الداعي وجنسيته. وأعداء الإسلام كمفهوم من حيث الرؤية الإسلامية يطلق على الكفار والملحدين الذين ينكروا وجود الذات الإلهية، ويعادون الإسلام باطنا أو جهرا، وقد وصفهم الله تعالى في سورة الصف/8((يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)). ولا يجوز أن إطلاق عبارة(أعداء الإسلام) على من لا يدين بالإسلام. أما الرؤية غير الإسلامية فهي تحتلف بأختلاف الغرض منها. حيث هناك الكثير من الفرق والحركات الدينية والسياسية تكفر بعضها البعض وتعتبر مناوئيها أعداءا للإسلام رغم إنتمائهم جميعا للإسلام. لذا يمكن القول إن الظلاميين والشعوبيين وخفافيش الظلام التي تخشى نور الإسلام هم أعداء الإسلام الحقيقيون. وكل من يعادي الإسلام والمسلمين بلا وجه حق هو عدو للإسلام. لذلك فإن إدعاء الخميني بأن المجاهدين هم أعداء الإسلام يمثل قصورا في معرفة الإسلام وعدم التعمق في أساسياته، أو هي محاولة سقيمة لتطويع الدين لأغراض سياسية بحتة، وكلاهما أمرُ من الآخر.
من المعروف إن الثورات الفتية تحاول أن تستقطب الجماهير حولها من خلال الدعوة إلى التسامح والعفو، وطي صفحة الماضي المريرة، وفتح صحفة جديدة في العلاقة ما بين السلطة والشعب مبنية على تعزيز حقوق الإنسان وتأمين الحريات الاساسية ومنها حرية المعتقد والرأي والتعبير، وليس تعزيز مسيرة الدم التي بدأها الشاه وعززها الخميني ووسعها الخامنئي. حتى الدستور الإيراني الملغم طائفيا تضمن هذه المباديء التي تنصل عنها طغاة ولاية الفقية، لأن سلطة ولاية الفقية فوق السلطات الثلاث فهي مستمدة من الله تعالى كما يزعم الملالي، وهنا تكمن خطورتها وسبب رفضها من قبل المجاهدين والغالبية العظمى من المسلمين.
لقد أسفرت السلخانة الخمينية عام 1988 عن قتل(3000) سجين إيراني بحفل إعدام جماعي يمثل أكبر مجزرة بشرية في حينها، وقد وصفتها منظمة العفو الدولية في تقرير لها بأنها" ترتقي الى مستوى جريمة ضد الانسانية". وطالبت الشرعية الدولية" بفتح تحقيق محايد ومستقل وضرورة تقديم كل الذين يتحملون مسؤولية تلك الجريمة أمام للعدالة لينالوا جزائهم العادل". إن جرائم الإبادة الجماعية كما هو معروف لا تسقط بالتقادم، وإن كان المجرم الأول قد توفي قبل أن تلاحقه محكمة الإرض فإنه الآن أمام محكمة السماء العادلة محاطا بأرواح ضحاياه الأبرياء. لكن بقية المسؤولين عن تلك الجريمة ما يزالوا احياءا وبعضهم يشعل مناصبا حكومية عالية، من بينهم (بور محمدي) الذي يشغل منصب وزير العدل في حكومة روحاني الجديدة. فهل يعقل أن يٌترك المجرمون أحرارا يجولون ويصولون ويكررون جرائمهم بمنأى عن محاسبة القانون وتنفيذا لللعدالة؟ وهل يمكن للشرعية الدولية أن تتنصل عن مسؤولتها الأخلاقية عن تلك الجريمة؟
إن قافلة الشهداء من المجاهدين ضمت أكثر من(120000) شهيد من أعضاء منظمة مجاهدي خلق ومؤيديها على ايدي الفاشية المعممة. وما زال الأشرفيون في ليبرتي يدفعون ضريبة اللجوء من دمائهم بمرأى من الأمم المتحدة، التي كانت جزءا مهما وفاعلا من الأزمة وليس حلها. وكل الدلائل تشير بأن ليبرتي سيتعرض إلى هجمة جديدة بتواطء نوري المالكي مع الحرس الثوري وميليشيات عصائب أهل الحق(أهل الباطل) وحزب الله(حزب الشيطان) التي تُؤتمر بأمر الولي الفقيه في طهران. ولن تمثل الهجمة القادمة مفاجأة لأحد، طالمت إن الحكومة العراقية فرع من الشجرة الخبيثة في باحة الولي الفقيه، والأمين العام للأمم المتحده ومبعوثه الجديد يغطون في شخير عالي!
لذا نرى من الضروري أن يسارع كل من يرفض التدخل الإيراني في العراق ودول المنطقة أن يضم صوته إلى صوت المنددين يجرائم نظام الملالي السابقة والحالية والقادمة. وقد فتحت حملة المشاركة في التنديد بالمجزرة الخمينية عام 1988 على الرابطhttp://chn.ge/1cgEsHU.)) ولا نخفي سرا على الأخوة العراقيين والعرب بأن المساهمة في حملة التوقيع هي أقل ما يمكن تقديمه للإنسانية والوطن والدين. فمن خلال متابعتنا لردود الفعل للنظام الإيراني وجدنا إن أفضل وسيلة لرفع ورقة التوت عن عورة الملالي تتمثل في دعم حركات المعارضة الإيرانية سيما منظمة مجاهدي خلق. كما إن فضح أساليبهم البربرية في التعامل مع شعوبهم وبقية الشعوب سيما المجاورة، تؤرقهم وتجعلهم يتخبطون في تصرفاتهم.
وأهمس في أذن أبناء وطني النشامى الغيارى من الرافضين للتدخل الإيراني البغيض في العراق أنكم ترون بأم أعينكم إنتشار صور المجرمين الخميني وتابعه الخامنئي في معظم محافظات العراق الجنوبية والوسطى. وقد ذكر النائب حيدر الملا خلال مؤتمر صحافي عقد بمبنى البرلمان في22آب الحالي" إعتذر رئيس نوري المالكي للشعب العراقي عن مضايقات الاجهزة الامنية، وعن الاعتقالات التي تجريها القوات الامنية، وكنا نتمنى ان يكون اعتذاره من تعليق صورة خميني وخامنئي في الشوارع العراقية". أقول للعراقيين الشرفاء أليس الرد على هذه الصور المنكرة من خلال التوقيع على إدانه مجزرة الخميني عام 1988 سيكون ردا مناسبا ومفحما على من يتجرأ على العراقيين ويرفع صور الطغاة في عقر دارهم؟ مع الأخذ بنظر الأعتبار وجود رؤية مشتركة بين العراقيين الوطنيين الشرفاء ومجاهدي خلق، فكلاهما يجرم الخميني والخامنئي؟
إذن لنفضح جميعا هؤلاء الأوغاد وننشر غسيلهم الوسخ أمام أنظار الرأي العام العربي والدولي بكل الطرق المتاحة، ونطالب الشرعية الدولية بملاحقة الأحياء منهم بجريمة الإبادة الجماعية التي ارتكبها الخميني عام 1988، وذلك أضعف الإيمان.
علي الكاش
كاتب عراقي