أعلنت منظمة اطباء بلا حدود غير الحكومية في بيان ان نحو 355 شخصا "يعانون من عوارض سمية تضرب الجهاز العصبي" توفوا في مستشفيات داخل سوريا يعمل فيها اطباء من هذه المنظمة، كما عولج 3600 اخرون من العوارض نفسها منذ الحادي والعشرين من آب/اغسطس.
وجاء في هذا البيان الذي يعتبر الاول الصادر عن مصدر مستقل بشأن احتمال استخدام اسلحة كيميائية قرب دمشق "ان العوارض التي كنا شهودا عليها، والرسم البياني الوبائي لهذا الحدث الذي تجسد بتدفق كثيف لمرضى في وقت قصير جدا، واصابة بعض المسعفين والعاملين الذين قدموا الاسعافات الاولية بالعدوى، كل ذلك يرجح بقوة حصول تعرض شامل لعنصر سمي يضرب الجهاز العصبي".
المعارضة: لم نستخدم سلاحًا كيميائيًا
نفت المعارضة السورية السبت استخدام مقاتليها للاسلحة الكيميائية، معتبرة ان اتهام النظام السوري لها في هذا الصدد يهدف الى "التغطية على جرائمه".
ونفى الائتلاف الوطني السوري المعارض في بيان "الأنباء الكاذبة التي يروج لها نظام الأسد جملة وتفصيلاً، ويعتبرها محاولات فاشلة ويائسة للتمويه والتغطية على جرائمه المتكررة والممنهجة بحق المدنيين السوريين".
وفي وقت سابق السبت، اتهم التلفزيون الرسمي السوري مقاتلي المعارضة السورية باستخدام السلاح الكيميائي في المعارك المستمرة في حي جوبر عند اطراف دمشق.
باريس تتهم النظام
من جانبه، أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي يقوم بزيارة لرام الله في الضفة الغربية السبت ان كل المعلومات تدل على ان النظام السوري ارتكب "مجزرة كيميائية" هذا الاسبوع في ريف دمشق.
وقال فابيوس اثر لقائه رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدلله "كل المعلومات التي لدينا تتقاطع لتؤكد حصول مجزرة كيميائية قرب دمشق، ولتدل على ان نظام (الرئيس) بشار الاسد يقف وراء هذا الامر".
وتسعى ممثلة الامم المتحدة لشؤون نزع السلاح انجيلا كاين التي وصلت السبت الى دمشق للحصول على موافقة النظام على إرسال الخبراء الدوليين الموجودين في العاصمة السورية الى الموقع للتحقيق في هذه المعلومات. وقال فابيوس "نطلب ان يتمكن فريق الامم المتحدة في المكان من التوجه بسرعة الى الموقع والقيام بعمليات التحقيق الضرورية"، مضيفا انه "ان لم يكن للنظام ما يخفيه، فلتجر عمليات التحقيق على الفور".
وحذر من ان "المعلومات التي بحوزتنا تشير الى ان هذه المجزرة الكيميائية بالغة الخطورة، الى حد انه لا يمكن بالطبع ان تبقى بدون رد فعل شديد". ويزور فابيوس الاراضي الفلسطينية واسرائيل سعيا إلى تشجيع مفاوضات السلام، التي اعيد اطلاقها في نهاية تموز/يوليو، وبحث الازمات الاقليمية، بحسب ما اوردت وزارة الخارجية.
النظام: المعارضة مسؤولة
اتهم النظام السوري السبت بدوره مقاتلي المعارضة السورية باستخدام اسلحة كيميائية في المعارك المستمرة في دمشق. وذكر التلفزيون السوري الرسمي ان "وحدة من قواتنا الباسلة تطوّق المنطقة في (حي) جوبر (عند اطراف العاصمة السورية) التي يعتقد ان ارهابيين استخدموا سلاحا كيميائيا انطلاقا منها"، لافتا الى حصول العديد من "حالات الاختناق" في صفوف الجنود الذين دخلوا حي جوبر.
واضاف التلفزيون ان "معارك عنيفة اندلعت في حي جوبر (الذي يسيطر عليه المعارضون) حيث تستعد قوات الجيش لشن هجوم لاستعادة السيطرة على هذا الحي". ولفت المصدر نفسه الى ان جنودا اصيبوا بعد تنقشهم غازات سامة وهم في حالة حرجة. من جانبه، تحدث المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يعتمد على شبكة واسعة من الناشطين والاطباء عن قيام النظام بشن اربع غارات على اطراف حي جوبر ما ادى الى اصابة عدد من الاشخاص. ونقل المرصد ايضا ان معارك عنيفة اندلعت بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة في هذه المنطقة. وتعرّضت مناطق في حي جوبر للتدمير وفق ناشطين.
الى ذلك، اتهم التلفزيون الرسمي كلًا من السعودية وقطر الداعمتين للمعارضة السورية بارسال اقنعة واقية للغاز وادوية الى المسلحين المعارضين. وافاد مراسل التلفزيون انه "خلال تمشيط المنطقة عثرت القوات المسلحة على ادوية تستخدم عند استنشاق المواد الكيميائية، وضبطت قوات الجيش مستودعًا يحتوي على عدد من البراميل مكتوبًا عليها صنع في السعودية وعدد من الاقنعة الواقية".
واضاف المراسل ان "الادوية التي تم ضبطها في جوبر كتب عليها +الشركة القطرية الالمانية للصناعات الدوائية+ وهي تستخدم عند استنشاق الغازات السامة". وتابع المصدر نفسه ان "الجيش السوري احرز تقدمًا كبيرا خلال الايام الماضية (في حي جوبر) لذلك لجأت العصابات الارهابية إلى استخدام السلاح الكيميائي كاخر ورقة لها".
تزامنت الاتهامات التي وجّهها النظام السوري مع وصول مسؤولة في الامم المتحدة الى دمشق السبت سعيا الى الحصول على اذن من النظام للتحقيق في اتهامات سبق ان وجّهتها المعارضة الى النظام باستخدام سلاح كيميائي.
إيران: أي تدخل عسكري مرفوض
الى ذلك، اعلنت ايران، ابرز حليف اقليمي لسوريا، السبت ان هناك "ادلة" على استخدام مسلحي المعارضة السورية اسلحة كيميائية، وحذرت من اي تدخل عسكري غربي في النزاع السوري. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية عباس عراقجي "نحن قلقون جدا ازاء المعلومات حول استخدام اسلحة كيميائية في سوريا، وندين بشدة استخدام مثل هذه الاسلحة". واضاف "هناك ادلة على ان المجموعات الارهابية قامت بهذا العمل"، في اشارة الى الهجوم الذي وقع الاربعاء في ريف دمشق.
وكان الرئيس الايراني حسن روحاني تحدث السبت عن استخدام "عناصر كيميائية" في سوريا. وقال روحاني ان "الوضع السائد اليوم في سوريا ومقتل عدد من الاشخاص الابرياء بسبب عناصر كيميائية امر مؤلم جدا" بحسب ما اورد موقع الحكومة، مضيفا ان ايران "تدين بشدة استخدام اسلحة كيميائية". ولم يتطرق روحاني الى المسؤولين عن استخدام اسلحة كيميائية.
من جانب اخر حذرت ايران ايضا من اي تدخل عسكري غربي في النزاع السوري، بعدما اعلنت الولايات المتحدة انها تدرس مثل هذا الاحتمال. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الايرانية كما نقلت عنه وكالة الانباء الطلابية "ليس هناك اي تفويض دولي لتدخل عسكري في سوريا. ونحن نحذر من اي عمل او اعلان لا يؤدي الا الى مزيد من التوتر في المنطقة. آمل في ان يبدي مسؤولو البيت الابيض ما يكفي من الحكمة لعدم الدخول في مثل هذه البلبلة الخطيرة".
وتابع ان "التصريحات المستفزة من مسؤولين اميركيين او ارسال سفينة حربية لا يساعدان باي شكل كان على تسوية المشكلة، لكن يجعلان الوضع في المنطقة اكثر خطورة" مضيفا ان ايران "اعلنت مرات عدة ان الازمة السورية لا يمكن ان تحل عسكريا (…) ولا يمكن ان تحل الا عبر وسائل سلمية والحوار". وكان وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل اعلن الجمعة ان البنتاغون يعمل حاليا على تحريك قوات في منطقة المتوسط لمنح الرئيس باراك اوباما "خيارات" في حال امر بتنفيذ عمل عسكري ضد سوريا.
اجتماع بين أوباما وفريقه الأمني لبحث الرد على "الكيميائي"
اعلن مسؤول في البيت الابيض ان الرئيس الاميركي باراك اوباما يعقد اجتماعا مع فريقه الامني صباح السبت لبحث كيفية الرد على الاستخدام المفترض لاسلحة كيميائية في سوريا. وقال المسؤول "لدينا خيارات عدة مطروحة وسنتحرك بسرعة تامة لكي نتخذ قرارات تتوافق مع مصالحنا القومية وكذلك مع تقييمنا لما يمكن ان يحقق اهدافنا في سوريا".
واضاف المسؤول ان الرئيس يجتمع مع فريق الامن القومي هذا الصباح لبحث اتهامات المعارضة السورية لنظام الرئيس بشار الاسد بشن هجوم بالاسلحة الكيميائية في ريف دمشق الاربعاء. وقال ان اوباما امر اجهزة الاستحبارات "بجمع الادلة بهدف تحديد ما حصل في سوريا". وتابع "حين نتحقق من كل الوقائع، سيصدر الرئيس قرارا حول طريقة الرد عليها".
والاربعاء، شن هجوم على الغوطة الشرقية ومعضمية الشام، اللتين يسيطر عليهما مقاتلو المعارضة في ريف دمشق. وتحدثت المعارضة عن مقتل 1300 شخص متهمة النظام بارتكاب هذه "المجزرة" مستخدمًا سلاحا كيميائيا، الامر الذي سارعت دمشق الى نفيه. وليل الجمعة السبت افاد وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل ان البنتاغون يعمل حاليا على تحريك قوات في منطقة المتوسط لمنح الرئيس باراك اوباما "خيارات" في حال امر بتنفيذ عمل عسكري ضد سوريا.
ميركل تنتقد روسيا والصين لإفشالهما قرارًا حول المفتشين
من جهتها، انتقدت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل روسيا والصين، اللتين حال موقفهما دون اعتماد بيان في مجلس الامن، يطالب سوريا بالسماح لمفتشي المنظمة الدولية بالتحقيق في الموقع، الذي اعلنت المعارضة السورية انه تعرّض لهجوم كيميائي. وبحسب مقابلة مع مجلة فوكوس، نشرت السبت، اكدت المستشارة الالمانية انه "للاسف، حالت معارضة روسيا والصين دون اصدار بيان رسمي من مجلس الامن الدولي، يدعو الى ضمان وصول آمن" لمفتشي الامم المتحدة الى ريف دمشق، حيث وقع الهجوم.
وقدمت المعارضة الاربعاء حصيلة من 1300 قتيل متهمة النظام بشن هذا الهجوم بالاسلحة الكيميائية. اما المرصد السوري لحقوق الانسان، الذي يقول انه يستند إلى شبكة واسعة من الناشطين والاطباء في المناطق السورية المختلفة، فتحدث عن سقوط 170 قتيلا ولم يتمكن من تأكيد ما اذا كان تم استخدام اسلحة كيميائية. واكد المرصد ان النظام شن قصفا عنيفا على هذه المنطفة الاربعاء والخميس.
وقالت المستشارة الالمانية "الان يجب ان يتمكن مفتشو الامم المتحدة المتواجدون في سوريا في اسرع وقت ممكن من التوجه الى الموقع". وكان الائتلاف السوري المعارض تعهد الجمعة خلال اجتماع في اسطنبول ضمان امن مفتشي الامم المتحدة في المواقع التي يقول انها تعرّضت لهجمات بالاسلحة الكيميائية قرب دمشق. وحذر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون من ان استخدام اسلحة كيميائية سيشكل "جريمة ضد الانسانية ذات عواقب خطيرة لهؤلاء الذين ارتكبوها".