في الوقت الذي تتطور فيه الاحداث السياسية في مصر، ويشهد العنف تصعيدا في بعض الاحيان، تحاول السلطات الإسرائيلية التوفيق بين حقيقتين جديدتين: الأولى الارتياح لأن الإخوان المسلمين أزيحوا من السلطة والثانية هي الخوف من أن الاضطرابات التي أعقبت ذلك قد تزعزع استقرار المنطقة بأسرها. ولا تفضل إسرائيل بالطبع إقامة دولة إسلامية في مصر.
وقادت هذه الحتمية تل أبيب إلى إطلاق حملة دبلوماسية مكثفة لدفع أوروبا والولايات المتحدة صوب دعم الحكومة المصرية المدعومة من الجيش، رغم الحملة التي شنتها لفض اعتصامين لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي بالقوة الأسبوع الماضي.
ولكن مسئولا إسرائيليا كبير، وصف هذا النهج الدبلوماسي بأنه ليس أكثر من صفقة ناعمة.
وقال المسئول لوكالة الأنباء الألمانية شريطة عدم ذكر اسمه: "نجري محادثات مع الأوروبيين والامريكيين، وآخرين .. ولكن هذا يختلف عن محاولة إقناع شخص ما أن يقوم بهذا أو ذاك".
وأضاف: "وجهة نظرنا هي، أولا وقبل كل شيء، أن كل ما كان يجري في العالم العربي على مدى العامين الماضيين، ليس له علاقة بنا".
وأوضح المسئول: "أما وقد قلنا هذا، فنحن هنا.. موجودون هنا.. فهم على حدودنا… مصر تربطها بنا معاهدة سلام ولكن معاهدة السلام تلك ليست حجر الأساس للاستقرار في الشرق الأوسط برمته، وإن كانت أحدها".
وقال المسئول: "الشىء الأول الذي نريده هو الاستقرار".
وفي إطار متصل، ذهب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى حد القول بأن إسرائيل كان لها يد في الإطاحة بمرسي.
وقال في تعليق أوردته صحيفة "هاآرتس" الليبرالية اليسارية اليومية في اسرائيل:"من الواضح أن أردوغان قد فقد عقله" لأنه خسر صديقا وحليفا مهما هو مرسي. وقارنت الصحيفة بين تعليقات أردوغان والفكرة الكلاسيكية المعادية للسامية بأن اليهود يقفون وراء العديد من الأحداث العالمية.
وعلى أية حال، يتفق كثير من المراقبين المحليين على أن سقوط مرسي كان هدية بالنسبة لإسرائيل.
وقال جوناثان فاين، وهو أستاذ في العلاقات الدولية بالمركز متعدد التخصصات، في هرتسليا، شمال تل أبيب: "من الواضح إن إبعاد جماعة الإخوان المسلمين هو بالتأكيد أمر طيب بالنسبة لإسرائيل".
وأكد فاين: "مصر هي حجر الزاوية في العالم العربي، وإذا حدث بها أي شيء ينتقل أثره فورا إلى المنطقة بأسرها"، وأوضح أنه إذا ما كان الإخوان المسلمون عززوا من قوتهم، لأدى هذا إلى دعم الإسلاميين في أنحاء المنطقة.
وقال فاين إن مصر كانت "بالتأكيد في موقف مهم" لتحديد من سيخرج منتصرا من الربيع العربي على المدى البعيد، وقد ميز هذا الربيع العربي "صراع داخلي بين المعتدلين العرب الموالين للغرب والمسلمين المتشددين في أرجاء المنطقة".
وأضاف فاين محذراً من ان يدير الغرب ظهره للحكومة المصرية وأن يقطع عنه المساعدات التطورات الاخيرة في البلاد:"إذا لم نبق على مصر حليفا مواليا للغرب، وممثلا معتدلا في المنطقة، سنخسر جميعا".
وأكد: "لا يمكن لنا أن ندع مصر تسقط يد الإسلام المتشدد".
ويخشى معظم المسؤولين حالياً من أن تحل الفوضى في شبه جزيرة سيناء المصرية.
فقد ذكرت صحيفة "هاآرتس" هذا الاسبوع أن جهاز الأمن الداخلي في إسرائيل(الشين بيت) حدد نحو 15 مجموعة مختلفة على صلة بمنظمة الجهاد العالمية وتنظيم القاعدة، تنشط في سيناء وأنها شكلت وحدة خاصة للتعامل مع هذا التهديد.
وفي وقت سابق الشهر الجاري، تمكنت احدى بطاريات منظومة الدفاع الجوي الصاروخي في إسرائيل المعروفة باسم "القبة الحديدية" للصواريخ قصيرة المدى من إسقاط صاروخ كان موجها إلى منتجع إيلات الإسرائيلي على البحر الأحمر جنوبي إسرائيل.
وقال المسؤول الإسرائيلي لوكالة الأنباء الألمانية: "نحن قلقون. بالطبع نحن قلقون".
الألمانية