قال الكاتب الصحفي فهمي هويدي إن أصعب ما يواجه العقل المصري منذ قيام ثورة يناير من تساؤلات، هو ذلك المتعلق بمعرفة حقيقة ما جرى وما يجري في البلد، معتبراً أن الحقيقة في مصر حالياً تتعرض لمذبحة على غرار المذابح التي ارتكتب منذ الانقلاب العسكري الشهر الماضي.
ورأى هويدي في مقال له اليوم بجريدة «الشروق» أن الحقيقة هي الضحية الأولى للصراعات السياسية الحادة الت تشهدها مصر مشيراً إلى أن الأحداث التي تعاقبت منذ ثورة ناير تاهت أو التبست فيها معالم الحقيقة.
وأضاف «لم نعرف ان تحقيقا نزيها جرى فى تلك الوقائع تحددت بناء عليه هوية الفاعلين، وعلى ضوئه تمت إدانتهم فيما ثبت بحقهم، ولكننا شهدنا محاكمات عبر وسائل الإعلام انطلقت من الإدانة ورتبت عليها التداعيات والأصداء اللازمة. وأشدد على فكرة نزاهة التحقيقات التى قد تبدو بديهية فى الظروف العادية، لكنها ما عادت كذلك فى أجواء التلوث الراهن التى عصف فيها الهوى السياسى بحكم القانون وبمبادئ الحق والعدل».
وتطرق هويدي للحديث حول مزاعم قيام الإخوان بحرق الكنائس قائلاً «خذ مثلا واقعة إحراق الكنائس التى حدثت فى الأسبوع الماضى (تراوح عددها بين 7 و17 كنيسة)، واجمعت وسائل الإعلام على ان الإخوان هم الذين فعلوها. رغم ان أمرا بهذه الخطورة كان ينبغى أن يخضع للتحقيق الذى يحدد المسئولين عن ارتكاب تلك الجريمة الشنعاء. علما بأن أى قارئ لتاريخ الإخوان يعرف جيدا انهم لم يلجأوا إلى ذلك الاسلوب فى أحلك الظروف التى مروا بها. حتى ان رجال مباحث العادلى لم يجرأوا على توجيه مثل ذلك الاتهام إليهم فى حادث الهجوم على كنيسة القديسين بالإسكندرية (فى آخر عهد مبارك) رغم خصومتهم الشديدة لهم. لأنهم كانوا أكثر خبرة ويعرفون انها تهمة غير قابلة للتصديق».
وحول ما تردد عن تشكيل لجان تقصي حقائق حول المجازر الأخيرة قال هويدي «لست واثقا مما إذا كانت السلطة القائمة فى مصر الآن تملك شجاعة اتخاذ هذه الخطوة، لسبب بسيط هو انها تمثل الطرف الآخر فى الأزمة. لذلك فان سؤالى لا ينصب على ما يمكن ان تكشف عنه تلك اللجنة فى بحثها عن الحقيقة، ولكنه حول ما إذا كان سيسمح بتشكيلها أم لا. ولا ننسى فى هذا الصدد اننا قرأنا ان لجنة مماثلة ستشكل للتحقيق فى أحداث مذبحة الحرس الجمهورى التى وقعت فى 11 يوليو الماضى وقتل فيها أكثر من ٥٠ شخصا، ولكن أربعين يوما مضت ولم تر اللجنة النور. وهو ما لا يجعلنا نتفاءل بان تفلت الحقيقة بدورها من المذبحة».
رصد