الحمد لله.. حطمنا أصناما كثيرة فى السنوات الماضية؛ (مبارك – عمر سليمان – قيادات أجهزة المخابرات – أشهر عملاء أمريكا وإسرائيل فى مصر – أكبر الفاسدين فى القضاء وبين رجال الأعمال والإعلام). والآن جاء الدور عما يسمونه «الجيش» أو «القوات المسلحة». (إيه بتقول إيه؟!).. إياك أن تتحدث عن القوات المسلحة، هذه أنبل ظاهرة وخير أجناد الأرض والدرع الواقى وشرف الأمة، وهى المؤسسة الوحيدة الباقية بدون فساد، ومنضبطة (على أساس أن باقى مصر ماتت، رغم أن العسكر مسئولون عن ذلك لأنهم يحكمون مصر منذ 60 عاما!). (إلا القوات المسلحة محدش يقرب منها).. ويرد السياسيون الخائفون: قوات مسلحة؟! (وحد يقدر يجيى عند القوات المسلحة.. دى ستنا وتاج راسنا وعلامة المجد والسؤدد والدرع وحامية الحدود.. إحنا نقصد السيسى الوحش ده.. ويمكن واحد أو اثنين كمان بس).
هذا نوع من الإرهاب الفكرى والسياسى ولابد من تفكيكه.. أولا- نحن نرفض العنصرية أو الطائفية فى التمييز بين أبناء الشعب أو حتى التمييز بين مؤسسات النظام؛ فالكل سواء أمام القانون، والتفاضل يكون بالتقوى (الإيمان والعمل الصالح) وليس بالمهمة؛ فبائع الجرجير الذى يكسب رزقه بالحلال ويحفظ حق الطريق وهو جالس على قارعته، أفضل عند الله وعند المؤمنين من جنرال خائن أو فاسد أو حرامى أو جاسوس.. أفراد الجيش جزء من الشعب المصرى تم تخصيصهم لمهمة مقدسة حقا، وهى الدفاع عن الوطن والذود عن حياضه ونصرة الملهوفين من أبناء أمة الإسلام. وفى وقت الحرب كل أفراد الشعب البالغين من الرجال ينضمون إلى الجيش لقتال العدو. وفى وقت السلم ينضم كل البالغين الذكور إلى التجنيد. إذن لا توجد أسرة لا يوجد بها فرد على الأقل فى الجيش أو دخل الجيش، فلا داعى للحديث عن الجيش كطبقة فوق الناس. أما المحترفون بالجيش فمن المنطقى أن تكون لهم امتيازات ما بسبب طبيعة مهمتهم، فهم لا يجوز لهم قطعيا أن يتكسبوا من عمل آخر، ومن المفترض تعويضهم عن (رميتهم) فى الجبل وعلى جبهات القتال، واحتمال وفاتهم المبكرة فى الحرب أو المناورات. ويفترض أن يشعروا براحة البال حتى يركزوا فى مهمتهم. وهناك فئات أخرى فى المجتمع يتعين أن تحصل بدورها على بعض الامتيازات لظروف عملها أو لندرة تخصصها، ويحتاج الأمر إلى عدالة دقيقة فى التعامل معهم دون ظلم للآخرين، فلا يصل الأمر إلى ضمان الضابط لشقة، فى حين يضمن زميله المدنى النوم على الرصيف.
المهم أن الامتيازات لها علاقة بطبيعة العمل، فإذا تحول العمل فى القوات المسلحة إلى فسح و(هنكرة) وإجازات وعمولات وجلوس مع البنات (كالمتحدث الدلوعة باسم القوات المسلحة) وقضاء الصيف فى أمريكا والشتاء فى بريطانيا. والحصول على فيلا فى أثينا أو مونت كارلو، بالإضافة إلى واحدة فى الساحل الشمالى واثنتين فى الجنوبى واثنتين فى البحر الأحمر، وسيارة للمدام وسيارات أصغر للأولاد، وإذا صدر قرار جمهورى فى عهد السادات بأن حرب أكتوبر هى آخر الحروب، وهو قرار جمهورى يتعارض مع نصوص القرآن الكريم.. إذا حدث كل ذلك فكان لا بد من وقف كل الامتيازات للقوات المسلحة، لأنها بذلك أصبحت كالكشافة، ويمكن أن تحصل على معونات من الشئون الاجتماعية أو وزارة الشباب. واستمر مبارك فى تأكيد الفرمانات نفسها، (شوف يا بنى أنا جربت الحروب، دمار وخراب وخسائر، مفيش أحسن من السلام) ورغم مخالفة هذا الفرمان نصوص القرآن الصريحة التى تؤكد أن الجهاد سيستمر إلى يوم الدين، مثلا: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ»، إلا أن القوات المسلحة وغيرها من أغلب أهل النخبة كانوا يرون أن كلام مبارك هو عين العقل، ولكن فى هذه الحالة كان يتعين وقف أى امتيازات خاصة للقوات المسلحة.
ثانيا- إننى كمصرى أحب بلدى حتى الموت، ويجب أن أحب حتى الموت أيضا أداة هذا الوطن فى الدفاع عن نفسه (الجيش). وقد قاتلت فى صفوف هذا الجيش قرابة 3 سنوات جندى مشاة فى فرقة مشاة ميكانيكى (تخصص السيسى نفسه) بينما كان السيسى لا يزال يلبس الشورت، فهو لم يلحق بحرب أكتوبر لأنه تخرج عام 1977. وقد مرت طلقات مدفع الدبابة الإسرائيلية (النص بوصة) وحفت بشعر رأسى وأهالت الرمال على وجهى فى أحد الخنادق، ولكن كان لى عمر فلم تأت فى رأسى، والفرق كان نصف ميللى بالضبط، ومرة أخرى فى وادى أبو جاموس وأمام الثغرة كانت شظايا دانات المدافع الإسرائيلية التى تقطع الرقبة تصفر على أبواب دشمتى وفى داخلها. وكنت أقوم بالخدمة فى عز الثلج من 12 منتصف الليل حتى 6 صباحا، والعدو على بعد أمتار منى ويدى على زناد الرشاش. وكنا الطاقم الوحيد لمدفع بـ10 م د الذى ضرب على الدبابات الإسرائيلية التى خرقت وقف إطلاق النار وقصفت كتيبتنا. وكان موقعنا فى أطراف انتشار الكتيبة وكنا بعيدين عن مركز القيادة فقرر الشاويش خميس أن يضرب بدون إذن. وضربنا بالفعل دانتين على الدبابات الإسرائيلية المتسترة خلف ساتر من الرمال (أنا عمرت والشاويش خميس ضرب)، ولم نصب أية دبابة، ولكننا ساهمنا فى إسكات الضرب على الكتيبة.
أنا أو أى مواطن حتى لم تتح له فرصة الاشتباك مع العدو أو الدخول فى حرب، يحب جيش بلاده ولا يقبل أى انتقاص من شأنه، ولكن شريطة أن يكون جيشا بحق يمارس مهمته الجدير بالاحترام من أجلها. والجيش مبنى ومعنى، حتى كمصر نفسها فهى مبنى ومعنى.. مصر(المبنى) هى الناس والنهر والبحر والأرض والمؤسسات وحتى المبانى بالمعنى الضيق للكلمة. ومصر(المعنى) تكون فى عزة شعبها وأخلاقه وتدينه وحضارته وعلمه ودوره المحترم بين الأمم. فإذا فسدت مصر (المعنى) يهاجر المصرى لأول مرة فى التاريخ بالملايين من مصر (المبنى) الموجودة على الخريطة ويتركها للفاسدين، أو يبقى داخل مصر وينكمش داخل نفسه، كما حدث فى عهد المخلوع وهذه هجرة داخلية. والجيش كجزء من الوطن تنطبق عليه القاعدة نفسها. فسيظل (معنى) الجيش خالدا من عهد مينا وأحمس إلى عهد عمرو إلى أبد الدهر. لأن الجيش من أركان الدولة المصرية، وكلما نهضت الدولة المصرية كان الجيش معها، ولكن عندما تنهار الدولة المصرية فكيف يبقى الجيش شامخا؟ إنه ينهار معها بطبيعة الحال. فكما انهارت الدولة فى عهد مبارك وطنطاوى وشهر انقلاب السيسى ونرجو ألا يصل إلى شهرين، فلابد أن الجيش وأجهزته الأمنية انهار أيضا. ونحن لن نغير قوانين وسنن الحياة (علشان خاطر البهوات فى الجيش)، بل لا بد أن تعترف بحالة الجيش المزرية حتى تصلح شئونه، جيش يدير محلات بقالة، ويبيع جبنة وحلاوة طحنية ويصنع المكرونة ويزرع الجرجير ويخبز العيش ويغسل العربيات ويمونها بالبنزين ويقدم شاى وقهوة وصالات أفراح ولزوم الرقص. تصور عندما تجند فى الجيش فتجد دورك، غسيل عربية وتطويقها أو تقديم شاى وقهوة أو (لت العجين)! وإدارة الفنادق وعمل المساج أو حمل الحقائب للسياح!!
لقد (خربتوها) يا سيسى يا تلميذ طنطاوى ومبارك. (وبعدين يأت بتاع الشئون المالية للجيش يقول، ما حدش يقرب ناحية عرق القوات المسلحة!! ما حدش قالك إن دى كلمة قبيحة وتسىء للقوات المسلحة).
إذن نحن لن نحب الجيش إلا إذا كان جيشا فعلا، ولن نحب جيشا لأن أجداده هزموا الهكسوس، ولا حتى إسرائيل فى معركة العبور. كل من فى الجيش الآن لم يحاربوا فى 1973. هب أن رجلا صالحا مات وأصبح أولاده وأحفاده مجموعة من اللصوص والفاسقين، كيف سنظل نحب هذه الأسرة؟!
بل من المضحكات المبكيات أن أبطال حرب أكتوبر يأخذون معاشات بالملاليم، أما جيل كامب ديفيد فيلعب بالملايين والمليارات.
التاريخ الحديث للجيش المصرى
ومع ذلك فإن الانقلابيين والمتحدثين باسم المخابرات العامة والحربية الذين يملئون الإعلام والحياة السياسية، يتحدثون كثيرا عن الجيش بدءا من عبد الناصر، وهذا ليس فى صالحهم فمصائب هذه المرحلة أكثر من مكاسبها.
فى عام 1955 ضربت إسرائيل غزة وقتلت 39 عسكريا مصريا وأصابت 33 آخرين فى هجوم على مركز قيادة الجيش المصرى فى غزة. وفى 1956 احتلت إسرائيل سيناء بدون أن تطلق طلقة واحدة ووصلت إلى قناة السويس. المقاومة الشعبية فى بورسعيد هى التى شرفتنا.
المشير عبد الحكيم عامر كان قائد الهزيمة العسكرية فى 1956، ولكن صهره وصديقه عبد الناصر ظل متمسكا به وأرسله حاكما لدمشق فكان من أهم أسباب انفصال سوريا.
واحتفظ عبد الناصر «القائد الأعلى للقوات المسلحة» بالمشير عامر حتى تسببا معا فى كارثة 1967. وهى أسوأ صفحة فى تاريخ أى جيش فى العالم، بل لم نقرأ فى التاريخ الحربى الحديث على الأقل عن معركة من طرف واحد؛ فقد كانت قيادة الجيش سهرانة مع الراقصات والمغنيات ليلة 5 يونيه، ورغم أن عبد الناصر قال لهم إنه لديه معلومات بهجوم إسرائيلى صباح الاثنين 5 يونيه!! ولم يستيقظ القادة من شدة السهر، فلما أفاقوا كان سلاح الطيران المصرى قد ضرب على الأرض، وأعلن «المجاهد» المشير عامر انسحاب القوات فورا من سيناء. وفقدنا 80% من معدات الجيش، وتسلت الطائرات الإسرائيلية فى قتل الجنود المنسحبين، وتسلى جنود العدو بقتل الأسرى المصريين.
يحسب لجيش عبد المنعم رياض وأحمد إسماعيل والشاذلى، حرب الاستنزاف بين 1968 و1970، ويحسب لهم الجزء الأول من حرب أكتوبر، حتى الثغرة. ونضرب تعظيم سلام للمخابرات الحربية والعامة وبدون تأثر بالمسلسلات!!
ولكن بعد 1973 تم تسليم النمر (بالمصطلحات العسكرية) والاستقالة من الجهاد، وإذا كانت الفترة السابقة (52 – 73) يمكن أن تكون بكثير من التساهل متوازنة، إلا أن الأربعين سنة التالية لها جعلت القوات المسلحة المصرية تحت الصفر.
من الناحية الفنية أو ما يسمى «الجهوزية القتالية» فقد أصبحت تحت الصفر؛ لأن السلاح الأمريكى لدينا لا يصلح لمواجهة السلاح الأمريكى لدى إسرائيل. ونشرح ذلك فى تقارير متوالية بالجريدة.
ولكن الأهم من ذلك هو العقيدة القتالية وروح الجهاد، وهذه تم قتلها نهائيا بالقوات المسلحة، والمتحدثون باسم المخابرات أكثر الناس تمسكا بكامب ديفيد، وبالعلاقات مع أمريكا وبالمعونة الأمريكية. إذن أنا كضابط مصرى علىّ أن أبحث عن مصلحتى؛ شقتى عربيتى، مصيفى، عمولتى، (سبوبتى).
وتغيرت العقيدة القتالية للجيش المصرى بالفعل حتى وإن كان ذلك شفويا. كل تحركات وأنشطة الجيش المصرى بعد كامب ديفيد أصبحت بتوجيهات أمريكية وهذا على سبيل الحصر.. المشاركة فى حرب الكويت، ولعب دور الشرطة فى البوسنة والصومال، وإرسال قوات إلى تيمور الشرقية لرعاية انفصال مسيحى عن إندونيسيا المسلمة، وحتى المشاركة فى دارفور كانت بتعليمات أمريكية.
لقد تغيرت عقيدة الجيش منذ سنوات فى الداخل، وشارك فى قتال الجماعات الإسلامية المسلحة فى الصعيد وغيره بدون إعلان. وكان الجيش يحمى المواقع السياحية فى الأقصر عندما وقعت المذبحة الشهيرة 1998. وطبعا (منفعش)، ثم بدأ قتال الجيش ضد أهالى سيناء وحركات المجاهدين بعد ثورة 25 يناير، بينما نحن إزاء أمور سياسية لا بد أن تحل بالسياسة. وتفتخر المخابرات الحربية أنها تحكم سيناء، يا فرحتى وهذه كانت النتيجة. ثم تعمق، ولا أقول (بدأ)، التعاون مع إسرائيل فى سيناء ضد المجاهدين قبل واقعة قتل المجاهدين الخمسة ثانى أيام العيد بطائرة بدون طيار إسرائيلية، وقد نشرنا فى العدد الماضى عن كثافة الطيران الإسرائيلى فوق العريش!!
التعاون الأمنى مع إسرائيل بعد ثورة 25 يناير ازداد جدا واستمر حتى فى عهد «مرسى»، ولم يكن له حيلة فى ذلك.
وأيضا من ضمن «مآثر» الجيش هذه الحرب الضروس على غزة.. ألا تخجلوا من أنفسكم، هل لم يعد لديكم ذرة من حياء أو رجولة أو وطنية أو إسلام أو (مجدعة ولاد البلد المصراوية)، من أية ملة أنتم؟! سمن على عسل مع إسرائل، تلتمسون لها ألف عذر وعذر حتى وإن قتلت أبناءنا، وتكيلون الاتهامات للمقاومة الفلسطينية التى لم تضرنا بشىء. وتنتحلون لذلك كل الأكاذيب. تدعون أنكم قوميون عرب، وتتهمون الرئيس «مرسى» بأنه من أصل فلسطينى، ولا دليل على ذلك. وإن كان فلا تهمة فى ذلك. أنتم إذن عنصريون وتشككون فى وطنية من له جذور من خارج مصر. إذن ستشككون فى معظم المصريين، (عيب بطلوا عنصرية وخليكم قوميين عرب كما تزعمون).
الحرب على الشعب والتعطش للسلطة
تصور حكام العسكر أن الاقتراب من الممثلين والمطربين ولاعبى كرة القدم بطاقة مرور للشعبية. لأنهم ليس لديهم ما يقدمونه للشعب من فكر، ومشروع حضارى. «مهاتير محمد» زعيم ماليزيا لم يحتج إلى البحث عن «مغنواتى» ليتقرب إلى شعبه، لأن عنده الأهم يقدمه للشعب، والشعوب جادة وتفهم حكامها الجادين، الشعوب لا تهزل، ولكنها تروح عن نفسها فى وقت الفراغ. ولو أنها وجدت حاكما جادا ومخلصا ويعمل لصالحها قبل أن يتكلم، ستهتم بمتابعة ما يقوله أكثر من المغنواتية. لقد كان جيل المشير عامر مشغولا بالممثلين والمطربين ولاعبى الكرة أكثر من الإعداد العسكرى، وكان هذا مقدمة لهزيمة 67. ولا أقول إن السيسى فى طريقه إلى هزيمة مماثلة بعد توثيق صلاته بالفنانين، فنحن الآن تحت الصفر ولا نحتاج إلى أية هزائم جديدة، نحن مهزومون خلقة!! السيسى نفسه الذى لا يعرفه أحد ولا تاريخ له ولا حاضر حين يحكم مصر عنوة ويلغى أصوات الشعب المصرى العظيم فهذا أسوأ من هزيمة 67. ولكنه (أى التقرب من الممثلين) علامة من علامات السقوط.. مبارك فى أيامه الأخيرة تصور أن الممثلين سينقذونه، وظلوا يهاجمون اعتصام التحرير حتى سقط مبارك، فانقلبوا إلى تأييد الثورة. والطاقم نفسه يؤيد السيسى الآن، وعندما قام السيسى بدعوة مدنيين قبل الانقلاب ليحضروا معه مناسبة ما، لم يدع سياسيا أو مثقفا واحدا، وهؤلاء هم الذين قال لهم، تقطع يدى ولا تمتد إليكم، كان يقصد الراقصات والمغنيات، وكان صادقا؛ فهو لا يريد قتل الراقصات، ولكن يده لم تقطع بعد عندما امتدت إلى المصلين والساجدين والمحجبات والأطفال والرضع والجنين فى بطن أمه. وعندما أراد السيسى أن يبحث عن متحدث باسم جيش مصر العظيم لم يجد إلا (ولد بلبانة وعقد) لا أدرى كيف ترقى هذا الشىء إلى رتبة عقيد، هى الحكاية (عيّلت) إلى هذا الحد.. طب خبوا فضايحكم، وشوفوا راجل يتحدث باسم جيش مصر إن كنتم تحترمونه حقا. إذن بعد السير فى ركاب أمريكا فى مختلف أركان الأرض، وعمل مناورات عسكرية دورية معها اسمها النجم الساطع. والتنسيق الأمنى مع إسرائيل فى سيناء، والسماح بوجود وحدة استخبارية إسرائيلية على أرض سيناء، ربما من خلال دحلان أو غيره. لم يكتف الجيش بذلك، ولم يكتف بالمكاسب التى أخذها فى الدستور، بل أراد أن يحكم مصر مباشرة من خلال السيسى، وهذا سبب عدم عودة شفيق من دبى. والطرطور هو المحلل غير الشرعى بين انتخابين رئاسيين، الأول نزيه والثانى مزور، ولكن تبين أن الموضوع يحتاج إلى قتل بعض المصريين، فرأت قيادة الجيش أنه لا مانع من قتل القليل، والآن هم نحو 500 شهيد.. كم يريد الجيش كى يقتنع بأن الشعب لن يوافق على حكم العسكر.
الآن تحول الجيش بالمجلس العسكرى الحالى، الذى يتشاور يوميا مع طنطاوى وعنان، إلى تشكيل عصابى خارج عن القانون. فكيف تريدون أن نتكلم عن الجيش باحترام إن كنتم أنتم قادته، نحن نحترم فكرة الجيش النظرية!! والمجندين وصف الضباط والضباط حتى رتبة مقدم، وكل من لم يفسد فوق ذلك، ولكن كل هؤلاء ليسوا الجيش، من يقرر موقف الجيش هو المجلس العسكرى الذى يرأسه رئيس الانقلاب. وكل من والاهم من كبار الرتب فى مختلف الأفرع، لن نترككم فى جيش مصر العظيم. أقول لكم باسم كل المعتصمين والمتظاهرين: نحن مستعدون للاستشهاد جميعا، حتى نخلص البلاد من شروركم. أما باقى أركان نظام مبارك فلن يأخذوا منا غلوة بعد الخلاص من هذه العصبة التى تحكم البلاد منذ 11 فبراير 2011.
لقد وجدتم ألف حجة وحجة كى لا تطلقوا رصاصة واحدة على إسرائيل، ولكن وجدتم ألف حجة وحجة ومعكم إعلام الدعارة، لتبرروا قتلكم المدنيين، الذين تقتلونهم لسبب مجرم جدا؛ أنكم تريدون أن تحكمونا (بالعافية)، رغم وجود ثورة ظننتم أنها انطفأت، ورغم أن أحدا لم يكن يضمر لكم السوء، وكما قلت لكم، من نصحكم بذلك حمار أسترالى، وأنتم أحرار، وستدفعون الثمن. ولكن لا تستغربوا أن الناس بدأت تهتف ضد العسكر وضد الجيش. نحن لن نعبد بقرة مقدسة اسمها «الجيش المصرى»، حتى البقرة لا تضر، ولكن الجيش تحول إلى كائن مفترس يأكل النساء والأطفال قبل الرجال.. لن نذكر الجيش بالخير حتى يندحر الانقلاب نهائيا. هذا الجيش ليس جيشنا، لقد أصبح مثل جيوش أمريكا اللاتينية فى عقود مضت.. الجيش الآن هو (أمنا الغولة) نحذر منها الأطفال.. إنها ترمى أوراقا لطيفة فى العصر وتقتل فى الفجر ولحظة السجود. ويقودها شخص معروف ومطلوب دوما للعدالة اسمه «إبليس».
عقب هزيمة 67 المروعة كان الضباط يخجلون من ارتداء البزة العسكرية فى أثناء مرورهم فى الشوارع. ولعلهم تعرضوا لاحتكاكات من المواطنين الذين شعروا أن ظهرهم مكشوف من هذا الجيش الورقى الذى ذاب فى دقائق. والآن سمعت أن ضباط الجيش بطلوا يسيروا فى الشوارع بالبزة العسكرية.. من الذى أهان الجيش أيها الانقلابيون؟ ومن صنع هذه العداوة المميتة بين الشعب وجيشه الذى كان!!
لم أنته بعد من حديث الجيش، ولكن أقول إن سحب الجيش من بعض المواضع وتصدير البلطجية والشرطة لا ينقص من جريمة الجيش، الجيش هو الذى يحكم وهو الذى يحرك البلطجية والشرطة وهو المجرم الأول، و(نهاركم أسود يا بعده).. لن نترككم تعيثون فى مصر فسادا، يا عبيد الدولار والكأس والجنيهات الذهبية الإنجليزية، يا سراق أموال الوطن وناهبى ثرواته، الذين أعدتم السخرة بعد انتهائها من العالم، يا أصحاب العمولات، يا عباد اليهود والأمريكان. لقد سرقتم شواطئ مصر وبحارها وأسماكها وكل منتجعاتها وتلالها وجبالها، حتى اعتبرتم كل أراضى مصر ملكا للقوات المسلحة، ووضعتم أموالنا فى بنوك سويسرا، وأنتم الذين حميتم رئيس العصابة مبارك الذى علمكم طريق السرقة، وعلمكم دروب الدعارة، وكيف تحصل على راقصة وتصرف عليها من المال العام. لقد جاء وقت الحساب فى الدنيا، أما حساب الآخرة فهو لله عز وجل «لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ».
مجدى حسين