تسارعت الأحداث بشكل ملفت بعد تقدم الثوار باتجاه الساحل السوري الذي يعتبر مركز الشبيحة الأول في البلاد ونقطة انطلاق لعصابات الأسد الإجرامية لتفتك بالشعب السوري كله. بادئ ذي بدء يجب أن ننوه أن الجيش السوري الحر قد ارتكب خطأ استراتيجياً عندما تأخر في فتح هذه الجبهة، إذ كان عليه أن يفعل ذلك قبل سنتين من الآن. فمن غير المعقول أن تنطلق قطعان الشبيحة من هناك لتقاتل السوريين في دمشق وحمص ودرعا بينما هم ينعمون بالأمن والسلم ولا يشعرون حتى بما يحدث في البلاد، اللهم إلا من خلال نعوش قتلاهم. كان من الطبيعي أن تنقل المعركة إلى مدنهم وقراهم وإلى أماكن تواجدهم وتسلحهم، ولا علاقة لهذه المسألة بالطائفية لا من قريب ولا من بعيد، بل المسألة متعلقة بالعقل والمنطق، فطالما أن تلك المناطق هي مناطق تمركز العدو ومرابض أسلحته فلا بد أن تهاجم. ولو فعل الثوار ذلك من بداية المعارك، لأصبح الأسد ذكرى من الماضي، أو على الأقل لأسرع الغرب والشرق لمفاوضة الثوار. أن تأتي متأخر خير من ألا تأتي أبداً، أخيراً بدأت معركة الساحل، ولاذ كثير من الشبيحة بالفرار ونزح بعضهم لأول مرة، كما ارتفعت الأسعار في مناطق تواجدهم. فاستنفر العالم كله للدفاع عنهم، الولايات المتحدة والغرب وحتى الدول الإقليمية، وهذا أمر طبيعي فقد حافظ الغرب على الدوام على زرع عملاء في البلاد الأخرى خاصة العربية والإسلامية. إنه من المهم جداً للولايات المتحدة وأوروبا الإبقاء على أمن تلك المناطق والاستفادة من قسم كبير من أولئك الذين يعملون كجواسيس وخونة للوطن. تقدمُ الجيش الحر والكتائب الإسلامية في مناطق اللاذقية واقترابهم من القرداحة، أجّج خوف العالم وبشار الأسد على الطائفة العلوية، وهذا أمر مفهوم تماماً. ولكنه زاد في فضح عملاء النظام من متسلقي الثورة. هذا لا يعني أنا لا نعرف هؤلاء القوم ولكن فتح تلك الجبهة جعلهم ينطقون بما في قلوبهم، فكشفت هذه المعركة الغث من السمين. هيئة التنسيق الوطنية بقيادة هيثم العودات" المناع" طالبت العالم أن يقف ضد التكفيريين والمتطرفين والجهاديين الذين ذهبوا للساحل ليعتدوا على النساء والأطفال وليجعلوا المعركة طائفية فيخدمون نظام الأسد. أحمد الجربا رئيس الائتلاف الوطني وأكثر الناس أميّة فيه. صرح "بوقاحة" أنه يريد تشكيل جيش وطني قوامه ستة آلاف مقاتل لقتال أمراء الحرب، وهو يقصد بذلك قتال الكتائب الإسلامية التي تدافع عن السوريين وتحمي أعراضهم وممتلكاتهم وأرزاقهم. لم يفسر الجربا لنا ما حاجته إلى ستة آلاف مقاتل والجيش الحر عدا الكتائب الإسلامية يضم خمسة وسبعين ألف مقاتل. بل ذهب الرجل أبعد من ذلك فقد دخل مدينة درعا في صباح العيد وشارك الناس صلاتهم، مصطحباً أحمد النعمة الذي يشهد له معظم أهل درعا بالخيانة والتآمر على الثوار وإعطائهم أسلحة فاسدة، بالإضافة إلى تعامله مع مخابرات بعض الدول الإقليمية. ظهور الجربا مع النعمة أوضح أن الائتلاف لا يعترف بالجيش الحر وشرفائه، وإنما يعترف بالنعمة وبمن وراءه. النعمة الذي سيكون على الأغلب قائداً في جيش ستة الآلاف الذين سيمثلون بدورهم صحوات سورية على شاكلة صحوات العراق ويبدؤون بقتل المسلمين وقادة الجيش الحر. النشطاء الميدانيون يتحدثون عن سليم إدريس الذي طلب إلى بعض القيادات الانسحاب من المعارك، أو قطع الإمدادات عنهم. وبالفعل قد تم أمس قطع الامدادات عن الثوار في الساحل، بهدف القضاء عليهم. لم نكن لنشك أن إدريس يفعل أسوأ من هذا، أ لم يعين أمريكياً في منصبه "الثوري" الحالي، وتثبيتاً لموقعه تم استبعاد العقيد رياض الأسعد تماماً من العمل العسكري فلما تمسك به الثوار، تعرض لمحاولة اغتيال. أيضاً فإن الإعلام المضلل بفتح اللام يشارك في معركة الائتلاف وهيئة التنسيق ضد تحرير الساحل من الشبيحة، من خلال هجومه الغوغائي على الكتائب الإسلامية واتهامهم بالإرهاب ولدينا عشرات الأمثلة على ذلك ولكن يكفي أن نذكر إحداها، فقد ساهم هؤلاء ومنهم أعضاء "بارزين" في المعارضة بنشر مصورة لميلشيات عراقية وهي تذبح أهل السنة في العراق، بينما قدمت المصورة على أنها جبهة النصرة تذبح الكرد في سورية، ومصورة أخرى وهم يحرقون أطفالاً ويهينون نساء ثم تبين أنها كانت في العراق أيضاً. من واجب الوطنيين الأحرار أن يدعموا ثوار الساحل بالسلاح والمال بالسرعة الممكنة، إن استمرار هذه المعركة سيدفع العالم كله لتقديم تنازلات لثوار سورية، بما فيها روسيا وإيران، وأعتقد أن أي تقدم يحرزه الثوار على الارض سيؤدي إلى تقدم مماثل في الطريق إلى إسقاط الأسد. د. عوض السليمان.