طفرة جديدة تهز أرجاء الدولة التى اندلعت منها ثورات الربيع العربى واعتبرها الجميع نموذجًا علمانيًّا يحتذى به، تونس تلك الدولة التى أُثير فيها مؤخرًا جزع خبراء مكافحة الإرهاب ومواطنى هذا البلد بسبب تصاعد مخاوف صعود الإسلاميين المتشددين.
لم يظهر هذا الأمر بين عشية وضحاها، فقد شكَّل التونسيون أكبر عدد من المسلحين الذين شنّوا الهجوم الجرىء الذى وقع فى يناير الماضى ضد منشأة «عين أميناس» النفطية فى جنوب شرقى الجزائر، الذى أسفر عن مقتل عديد من الرهائن الأجنبية، وتزايدت أعداد التونسيين الذين ينضمون إلى الحركات الإسلامية التى تنتهج العنف، هذا فضلًا عن مقتل السياسى العلمانى التونسى المعارض شكرى بلعيد على يد أشخاص يعتقد أنهم متشددون إسلاميون فى فبراير الماضى. يقول الخبراء إن الاضطرابات التى أعقبت الانتفاضات العربية وغياب التنمية الاقتصادية ربما شكَّلت أيضًا أرضية خصبة للشباب التونسى للجوء إلى التطرف العنيف. تونس بلد صغير، لكن وكما أشارت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، فإنهم كان لهم حضور بين المقاتلين الإسلاميين فى أفغانستنان والعراق وسوريا ومالى، حيث شارك مؤخرًا أكثر من 12 ألف تونسى متطرف إسلاميًّا دخلوا سوريا عن طريق تركيا لمحاربة النظام السورى المستبد، مسلطة الضوء على تصريحات المرزوقى الذى يخشى فيها أن يُعرِّض المقاتلون التونسيون فى سوريا -وهم متشددون إسلاميون- أمن البلاد للخطر عند عودتهم من سوريا، ومحذرة من وجود هؤلاء التونسيين فى الخارج وحيازتهم أدوات القتال التى تعد عقدًا من السياسيات الخارجية والداخلية للحكومة التونسية الناشئة.
«ماذا عن ظهور خلايا إخوانية فى تونس؟»، سؤال طرحته صحيفة الشرق الأوسط على المرزوقى، وجاء تعليقه «ما دام كان هناك حزب إسلامى معتدل يقبل باللعبة الديمقراطية ويندرج تحت الدستور، ليس لدىّ مشكلة مع ماهية علاقاته، فالأحزاب الاشتراكية لها أيضًا علاقات خارجية، المهم أن يبقى القرار وطنيًّا، وأن تكون الأحزاب مستعدة للعملية الديمقراطية، وليس لدىّ هاجس من المؤامرة الإخوانية على تونس لتسلم الحكم، وحزب النهضة حزب تونسى قبل كل شىء، وأن تكون له علاقات مع دول أخرى لا يضرّنى ذلك بشىء». وكذلك اعتبرت الصحيفة أن الحصول على الأسلحة التى سلبت من ترسانة الزعيم الليبى الراحل معمر القذافى خلال العملية العسكرية لحلف الناتو فى ليبيا عام 2011 زادت من المخاطر التى يشكّلها المسلحون على تونس، خصوصًا إذا ما تمكَّنت الحكومة العلمانية من الإمساك بمقاليد البلاد.