في تحد متعمد على ما يبدو [لسياسة] واشنطن، اختارت دولة الإمارات العربية المتحدة فتح محاكمة 94 ناشط إسلامي عشية زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري . وقد اتُهم المشتبه بهم — الذين يشملون قضاة ومحامين وأكاديميين وقيادات طلابية — بالتآمر لقلب نظام الحكم، إلا أن منظمة "هيومن رايتس ووتش" أدانت المحاكمة ووصفتها بأنها "مهزلة للعدالة".
ستجد واشنطن أنه من الصعب التصديق بأن توقيت الأمور هو من قبيل الصدفة — ففي نظر البعض يبدو أن المسؤولين في دولة الإمارات يبرزون نقطة [هامة من ناحيتهم] مفادها أن الدعم الأمريكي لحكومتي مصر وتونس اللتين تترأسهما جماعة «الإخوان المسلمين» هو مضلل. لقد طفحت هذه القضية منذ اعتقال النشطاء لأول مرة في الصيف الماضي. وعلى غرار غيرها من دول "مجلس التعاون الخليجي" المحافظة، تعتبِر دولة الإمارات أن التركيز على النمط الغربي من الحريات السياسية يتعارض مع نظام حكومة توافقي، وإن كان نظاماً استبدادياً. وبالنسبة لهذه البلدان، إن الحديث عن الديمقراطية هو صرف الانتباه عن ما يعتبرونه تحدياً رئيسياً في المنطقة: احتمال أن تصبح إيران مسلحة نووياً.
ويرتبط النشطاء المعتقلون إلى مجموعة تسمى جمعية "الإصلاح" الإسلامية، التي تعتبرها دولة الإمارات بأنها جزء من جماعة «الإخوان المسلمين». وقد أعلنت وزارة العدل في البلاد في الرابع من آذار/مارس بأنه قد وجهت لهؤلاء النشطاء تهمة "الانتماء إلى منظمة غير قانونية وسرية" تهدف الى "معارضة المبادئ الأساسية لنظام الحكم في الدولة من أجل الاستيلاء على السلطة." وقد اتُهموا أيضاً بأنهم على اتصال مع مجموعات أجنبية "بهدف تنفيذ هذه الخطة." وبعد جلسة المحكمة التي انعقدت في الرابع من آذار/مارس، تم تأجيل المحاكمة حتى الحادي عشر من آذار/مارس. ولم يتم بعد كشف الأدلة ضد هؤلاء الرجال الذين اشتكوا من تعرضهم لأضواء ساطعة وإلباسهم أقنعة أثناء احتجازهم؛ كما لم تتاح لهم فرصة التواصل مع محامين حتى الأسبوعين الماضيين.
إن المواقف المختلفة تجاه «الإخوان المسلمين» قد ظهرت فجأة كمضايقة رئيسية فيما قد تكون بالأحرى علاقات جيدة جداً بين واشنطن وأبو ظبي — الإمارة الرائدة في دولة الإمارات. فعلى سبيل المثال، في الوقت الذي تبدو واشنطن عازمة على التعاطي مع الحكومة التي تترأسها جماعة «الإخوان المسلمين» في القاهرة، تواصل أبو ظبي منح حق اللجوء لأحمد شفيق، رئيس الوزراء وقائد القوات الجوية المصري السابق الذي خاض حملة انتخابات غير ناجحة ضد محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية التي جرت العام الماضي . وقد اتهمت القاهرة شفيق بالفساد أثناء فترة مبارك. وعلى الرغم من أنه من المرجح أن يكون بالفعل موضوع النشطاء مدرجاً على جدول أعمال المحادثات مع كيري التي ستجرى في الخامس من آذار/مارس، إلا أن دولة الإمارات قد تكون قد بدأت المحاكمة في الرابع من آذار/مارس لتأكيد وجهات نظرها بشأن معاودة ظهور القوى الإسلاموية في المنطقة. والسؤال الآن هو ما إذا كانت هذه الخطوة ستصرف النظر عن النقاش المتوقع حول إيران.
إن «الإمارات» هي الدولة الخليجية الثانية التي يزورها الوزير كيري. وفي زيارته إلى المملكة العربية السعودية في الرابع من آذار/مارس، اجتمع مع ولي العهد الأمير سلمان، وريث العرش السعودي على ما يبدو الذي يعاني من عته ذهني. وربما تبادل كيري الآراء بصورة أكثر فائدة مع وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، على الرغم من أن هذا الأخير انتقد ضمناً واشنطن — في مؤتمر صحفي عقده في وقت لاحق — لعدم تقديمها الدعم الكافي للمعارضة السورية. ويبدو أن السعوديين — على غرار الخطوة القضائية التي اتخذتها دولة الإمارات — عازمين على التحكم في جدول أعمال كيري: فقد دعوا وزراء خارجية دول "مجلس التعاون الخليجي" الآخرين لمقابلته، وأصدروا بعد ذلك بياناً شديداً حول إيران، ونظموا مأدبة غداء مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، حيث يفترض أن البحث قد تناول موضوع انعدام إحراز تقدم في عملية السلام. وباختصار، يكتشف كيري بسرعة أن قادة الخليج ينظرون إلى التحديات في المنطقة بشكل مختلف عن ما تنظر إليها إدارة أوباما ولا يترددون في إظهار ذلك.
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.