أ / محمد خليل مصلح
عندما يقول احدهم – من قادة الدولة العبرية – انه لا يوجد أخوة بين الشعبين الفلسطيني الصهيوني؛ والحياة على رؤوس الرماح ؛ سأقول أن المصيبة أعظم لا يوجد أخوة بين الشعب الواحد ( بين شقي الوطن ) والحياة على فوهات البنادق ، الأقدام تغوص في الوحل
لا ريب عندي فيما صرح به باراك في جزئية منه كواقع ومنهج " إن اليد التي على الزناد هي التي تعمل ؛ أما يد السلام فهي مشلولة لا حراك فيها " ؛ لان السلام في العرف الإسرائيلي لا وجود له ، نوايا السلام لا حقيقة لها ولذلك شواهد وأسباب ؛ ومن ذلك : ان الخارطة الحزبية في إسرائيل يسيطر عليها كتل حزبية يمينية متطرفة ، و الرأي العام الشعبي يتصاعد ناحية اليمين ؛ لدرجة التحدي والتمرد على القرارات العسكرية ؛ بتحريض من مراكز اللاهوت الدينية التي تدفع باتجاه تعزيز رؤيتها اليمينية في المجتمع الصهيوني للصراع برفض الحق الفلسطيني في المنطقة ( فلسطين ) .
في المشهد الإسرائيلي تحركات افعوانية يتشارك بها أركان ائتلاف الحكومة اليمينية ؛ لعبة توزيع الأدوار رئيس الوزراء يشغل العالم بالملف النووي الإيراني يستطلع المواقف وإمكانية توظيفها دون خسارة أي موقف من اللاعبين الدوليين فيه خاصة روسيا ، الدولة العبرية تسعى لاختراق الموقف الروسي التقليدي في تأييد الحق الفلسطيني وتطلعات روسيا للعودة إلى الشرق الأوسط ، الملف الإيراني الورقة السياسية في يد روسيا ؛ الحرب الباردة تتهيأ للعودة التي بين روسيا والولايات المتحدة سببه التخوف الروسي من تغلغل نفوذ الولايات المتحدة في المحيط الجيو سياسي لروسيا على حدودها ، لذلك هي بحاجة إلى تعزيز العلاقة الإستراتيجية مع إيران في المنطقة .
إستراتيجية المؤسسة الصهيونية في الدولة العبرية مركبة ومعقدة في نفس الوقت المؤسسة السياسية غير قادرة على الخروج بحرب لمواجهة حماس وحزب الله وفي الوقت نفسه تدرك خطورة وحجم القيام بمغامرة عسكرية ضد المفاعل النووي الإيراني ؛ وبعد فشل الدبلوماسية الإسرائيلية من تجنيد الموقف الأوروبي لتبني عمل عسكري مشترك تحرص على إحضار الملف النووي على الطاولة لوضعه في سلم الأولويات للحليف الاستراتيجي الولايات المتحدة ، هذا التعقيد في الموقف يتطلب من المؤسسة الأمنية والسياسية أن تنشط عناصر الخطة الأخرى القديمة الجديدة ، ما يعكس خلفية تصريح وزير الحرب باراك سياسة الاغتيالات ؛ السياسة التي نجحت في الماضي بتصفية قادة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية من بداية الثورة في مخطط واعي لتصفية الوعي و الخط الوطني في الثورة .
اللعب داخل الساحة الفلسطينية وهو عنصر من مركبات الإستراتيجية الصهيونية؛ الإرباك، وخلط الأوراق ، والضغط على الطرف الضعيف ، للعودة للمفاوضات بالشروط الإسرائيلية ، الوضع الداخلي يعكس القدرة الأمنية للمؤسسة الصهيونية في خلط الأوراق وتبديل الأولويات للأطراف المعنية بالعلاقة مع الدولة العبرية ، والتي تعترف بوجودها ، المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تبلور العلاقة مع تلك الأطراف على أنها علاقة بين رجل امن الصهيوني وعميل ، فالمستوى السياسي انتفى فيها ؛ في اللحظة التي وافقت المؤسسة السياسية نشر فضائح الشريك أمام الرأي العام ووفرت بيئة لذلك ؛ في الوقت الذي فيه توافق على اغتيال القيادي المبحوح ، لعبة خطيرة جدا في سياق فرض وجهة النظر السياسية الإسرائيلية على جماعة المفاوضات يتساوق مع عقلية نتنياهو التي تميل إلى العمل الاستخباراتي الهادئ والبعيد عن الضغوطات الإقليمية والدولية ؛ إلا أن هذا التكتيك وقع في الخطأ الأول السابق الذي حدث في الحكومة الأولى لنتنياهو ، بمحاولة اغتيال خالد مشعل 1997 في الأردن ؛ يد القدر تدخلت مما أتاح للمك حسين أن يوظف ذلك سياسيا استفادت منه الحركة ، لكن هل سيتكرر السيناريو مع نتنياهو ؟ قد يتكرر لكن لن يصب هذه المرة في مصلحة الحركة ، بل على العكس سيجتهد الجميع ليصب في مصلحة أبو مازن فياض في حالة لم يسقط أبو مازن ويستبدل به بلاعب آخر يشارك فياض اللعبة " دويلة فياض نتنياهو الاقتصادية .
تطويع حماس جزء من تلك الإستراتيجية التي تشارك فيها أطراف عربية تصر على فعل ذلك في أطار حساباتها الإقليمية ، المهم في هذا المشهد حماس ؛ وقدرتها على اللعب في تلك البيئة السياسية الموبوءة