في أكتوبر من عام 2008 دار حديث تليفوني بيني وبين الداعية المصري عمرو خالد.. كان يستعد للإعلان عن بدء برنامج جديد، اسمه "المُجددون"، ينتمي إلى فصيلة تليفزيون الواقع. قال لي عمرو وقتها إنه سيقدم نموذجا للتنمية بالإيمان.. وسيستقبل طلبات الالتحاق من النساء والرجال- على السواء- من أجل إخراج مصلحين جدد. أراد خالد الاستفادة من كتلة جماهيرية عريضة من الشباب مغرمة بنوعية real tv.. وظهرت تسريبات حول ضلوع السيناريست يوسف معاطي في كتابة سكريبت البرنامج.. بدت الفكرة مبهرة.. الاستعانة بكاتب ساخر من كتاب الصف الأول في السينما.. السماح للنساء بالاشتراك.. الجماهيرية المسبقة للقائم على البرنامج.. النتيجة المرجوة التي ستغير الواقع للأفضل..
فقد ظهرت الفكرة في سياق تحول تدريجي، انتقل بموجبه خالد من راوٍ للسير والحكايات والقَصص الديني، إلى مغير حقيقي للواقع.. نجحت حملته "حماية" ضد المخدرات.. وساهم في ترجمة العلوم.. وتقديم "كورسات" التنمية البشرية للجماهير عبر متخصصين يكتبون على موقعه الإلكتروني.. لكن هو الحلم فجأة من علٍ، عقب إبعاده أو ابتعاده عن مصر، وتصفية أغلب مشروعاته التنموية.
بعد شد وجذب وتأجيل، طفا على سطح حلم خالد مرة أخرى، أصبح الرنامج حقيقة واتضحت معالمه. تقوم فكرته على اختيار مجموعة فريق من البنات وآخر للرجال. كل فريق يقطن مكانا منفصلا.. وعلى مدى 14 حلقة يتنافس أفراد كل فريق على تنفيذ مهام تتنموية محددة في خمس دول، هي لبنان، والأردن، ومصر، والسودان، وإنجلترا. ويكلَّفون بتنفيذ مهمة كل ثلاثة أيام.. وفي نهاية اليوم الثالث يخرج أعضاء الفريق الأقل أداء، والتقويم من قبل محكّمين.. ثم تتوالى التصفيات حتى يتبقى متسابق واحد، يفوز بمبلغ 100 ألف يورو عليه أن يستثمرها في مشروع تنموي فعال وهادف.
تحدي البرنامج الترفيهي "ستار أكاديمي" لم يكن غائبا عن أي متابع.. وخالد نفسه قال في تصريحات منشورة مؤخرا، إنه سيحوّل تليفزيون الواقع الذي اخترعه الغرب إلى عمل هادف، غير قاصر على الترفيه.. كما أن تزامن إطلاق البرنامج مع إطلاق النسخة السابعة من ستار أكاديمي لا يخفى على أحد.
في البرايم الأول من ستار أكاديمي الذي تم عرضه الجمعة 19 فبراير الجاري، بدا واضحا أن القائمين على البرنامج ليسوا على استعداد للتفريط في نسبة المشاهدة العالية.. وجرعات الإثارة.. فقد ظهرت الأصوات أكثر بريقا من نسخ سابقة.. كما افتتح نجم بحجم كاظم الساهر الاحتفال الأول. إضافة إلى استعراضات جذابة، ومراعاة اختيار المتسابقين كممثلين لكتل تصويتية تنتشر بطول العالم العربي.. لضمان استمرار أكبر قدر من التصويت.
على الجانب الآخر، كان عمرو خالد يجذب الكاميرات بطريقة أخرى، عقب ظهوره مع فتاة سعودية مشاركة في البرنامج، وهي معالي فقيه، مبررا ظهرو النساء في البرنامج بأنه جزء من أية نهضة منشودة..
يحقق عمرو من خلال ظهور معالي عدة مكاسب، فالصدمة المتولدة من وجود ممثلة لمجتمع محافظ في برنامج لتليفزيون الواقع لها تأثير كبير، كما أنها ستدعو كتلة مشاهدة نسوية مطلوبة، مع احتفاء نسوي مواز من ناشطات يكافحن من أجل المرأة.
من بين آليات التأثير في الجمهور أيضا إبرازه نماذج ناجحة في مهن غريبة. فمثلا أحد المتسابقين السعوديين وهو عبد العزيز نعمان، يعمل مصمما عالميا للزهور.. وهو ما ينتج وقعا رائعا على المشاهدين، ويرسل رسائل ضمنية للعالم عبر الزهور، تستجلب تأييدا بالتوالي.
يلجأ خالد أيضا الى بعض التكنيكات التي تُبقيه على أجندة الإعلام.. يتحدث عن كرة القدم، ومباراة مصر والجزائر.. إضافة إلى سمة قديمة لم يفقدها بعد، وهي منح متابعيه شعورا بالرضا عن النفس باعتبارهم يؤدون عملا صالحا ومفيدا.
اختار خالد التحدي، والأيام القادمة ستظهر مَن له الغلبة "ستار أكاديمي" بنجومه الافتراضيين.. وخلفهم كتيبة النجوم المشهورين كإليسا وكاظم الساهر.. مع إثارتهم وتنافسهم الممتع.. أم خالد ومجددوه ومشروعاتهم النهضوية؟!
محمد فتحي يونس