د. فايز أبو شمالة
تعودنا في فلسطين أن ننظر بعدائية لكل ما يأتي من الغرب، على افتراض أن كل من لا يفهم اللغة العربية يتقن اللغة العبرية، وهذا غير صحيح، فقد دللت حرب غزة على يقظة الضمير العالمي الذي بات يؤرق الدولة العبرية، ويقلق اليهود في العالم من تنامي موجات الكراهية لهم، ولذلك فليس كل ما يأتي من الغرب يفكر باللغة العبرية، وإن ظل يجهل تضاريس اللغة العربية.
ما أن صدر تقرير منظمة العفو الدولية حتى صدر عن حركة حماس رفضاً لمطالبة منظمة العفو الدولية بوقف تسليح كل من إسرائيل وحماس، واتهم التقرير أنه يوازي بين الضحية والجلاد، وصدر عن الجبهة الشعبية ما هو أصعب، إذ اعتبر التقرير مكافأة للاحتلال الإسرائيلي على عدوانه على غزة. فلماذا؟
لقد اتهم تقرير “أمنستي” الدولة العبرية باستخدام الفسفور الأبيض، الذي يخلف آثاراً لا تميز بين مدني وعسكري عند استعماله في المناطق المدنية ذات الكثافة السكانية العالية، واستخدمت أسلحة أمريكية أخرى في قتل مئات المدنيين، وتدمير المساكن، وقالت إن باحثي المنظمة قد عثروا على أدلة قاطعة على جرائم حرب، وعلى انتهاكات خطيرة أخرى للقانون الدولي.، شملت هجمات مباشرة بطائرات أف 16 على أهداف مدنية في غزة، طالت المدارس والمستشفيات، والملاعب الرياضية، والدور السكنية.
. التقرير يتهم الفلسطينيين بإطلاق مئات الصواريخ العشوائية على مراكز للسكان المدنيين في جنوب إسرائيل ـ ومع أنه ليس ثمة إمكانية للمقارنة بينها وبين ما استخدمته إسرائيل من أسلحة ـ لكنها قد تسببت في عدة وفيات لمدنيين إسرائيليين وفي جرح آخرين، وألحقت أضراراً بممتلكات مدنية..
ويطالب “مالكولم سمارت” إدارة أوباما أن توقف فوراً المساعدات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة إلى إسرائيل.، ويحث مجلس الأمن الدولي على أن يفرض حظراً فورياً وشاملاً على توريد الأسلحة إلى إسرائيل و”حماس” والجماعات الفلسطينية المسلحة.
وهذا ما أثار حفيظة الدولة العبرية التي هاجمت تقرير “أمنستي” وقالت فيه ما أترجمه حرفياً عن مكتب وزارة الخارجية:
1- التقرير يتهرب من حقيقة أن حماس منظمة إرهابية معروفة لدى الاتحاد الأوروبي، وأمريكا، ودول أخرى.
2- لم يورد التقرير أي إشارة إلى استخدام حماس للمواطنين كدروع بشرية.
3- أشار التقرير إلى صواريخ حماس ضد المدنيين، لكنه لم يتطرق إلى مدى هذه الصواريخ.
4- السلاح الذي استخدمته إسرائيل يتناسب والقانون الدولي، والاستخدام المتبع في الجيوش الغربية.
5- الجيش الإسرائيلي لم يقصد إصابة أي مواطن.
6- الوصف الذي يظهر في التقرير لشهود تحدثوا تحت تأثير حماس، كما ظهر في كثير من التحقيقات في صحف دولية.
7- لقد تقبل المجتمع الدولي حقيقة أن المواجهة العسكرية سببها حماس، ولكن تقرير “أمنستي” مكرس كله لانتقاد إسرائيل.
8- إن المساواة بين تزويد السلاح لإسرائيل ولحماس ليس في مكانه، هل يمكن المساواة بين سلاح في يد تنظيم القاعدة للسلاح الذي في يد جيش الناتو؟
9- ”أمنستي” لا تمتلك الأدوات، ولا القدرة لتحديد الوسائل القتالية المستخدمة.
10- لم يشر التقرير إلى أن حماس تحظي بدعم مصادر متطرفة غريبة، وهي ضد الحكومة الشرعية للسلطة الفلسطينية.
حبذا لو راجع السيد فوزي برهوم المتحدث باسم حركة حماس اعتراضه على تقرير “أمنستي” وثمن ما جاء فيه لصالح شعبنا، ولاسيما أن ما ستشتريه الدولة العبرية من أسلحة، ومعدات عسكرية أمريكية حتى عام 2017، ستصل قيمتها إلى20 مليار دولار، ولا أظن حماس قادرة على شراء سلاح بعشرين دولار، فلماذا الاعتراض على حظر التسلح؟.
إن منظمة “أمنستي” ليست إلا منظمة دولية محايدة، مهماتها أن تنظر إلى المشهد من زاويتين، وقد تضمن تقريرها نقاطاً إيجابية كمستند، يجب التمسك فيها، وتفعليها لدى مؤسسات جامعة الدول العربية، بل وملاحقة المجتمع الدولي لتطبيقها.