يتواصل التراشق بين كتاب صحف سعودية محسوبة على الطائفة السنية ومواقع إلكترونية محسوبة على الطائفة الشيعية على خلفية أحداث مقبرة بقيع الغرقد، قبالة المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة بعد أسبوع فقط من الإعلان عن تغييرات مؤسسية جذرية في المملكة العربية السعودية.
ورغم أن شرطة المدينة المنورة كانت قد أصدرت يوم الجمعة بيانا صحافيا أكدت فيه أن المعلومات المتداولة على المواقع إلكترونية مبالغ فيها وغير دقيقة، إلا أن التوتر ازداد حدة و تصاعدت الانتقادات ضد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وضد السلطات السعودية و الإعلام الرسمي، خاصة عبر شبكة ‘راصد’ الإخبارية، الموقع الإلكتروني المحسوب على الشيعة.
وكان مدير عام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة المدينة المنورة، فهد الخضر، أكد لموقع ‘سبق’ الإخباري أن عمل الهيئة بمقبرة البقيع يتمثل في ‘إرشاد الزوار ومنع المخالفات التي تصدر من بعضهم، مثل أخذ التراب والسجود للقبور’، مضيفا أن أعضاء الهيئة لم يقوموا بتصوير زائرات البقيع.
إلا أن عدة مواقع إخبارية شيعية نشرت مقاطع فيديو تكشف ما أسمته ‘الشرارة الأولى لاندلاع الشغب في مقبرة البقيع’.
ويظهر المقطع شابا في أعلى مبنى، يحمل بيده كاميرا فيديو ويقوم بتصوير مجموعة من النساء المتواجدات أسفل البناية وهن يطالبنه بعدم التصوير.
وأوردت الصحف المحلية الإثنين عدة مقالات منددة بـ’أعمال الشغب’ وألقت باللائمة على الزوار الشيعة لتسببهم في ‘إعاقة المصلين’ ومحملة إيران مسؤولية ما جرى.
في المقابل، طالب الزعيم الشيعي السعودي، الشيخ حسن الصفار، الملك عبد الله بن عبد العزيز بوضع حد لما أسماها ‘ممارسات التشدد والإهانة’ التي يواجهها الزائرون الشيعة لمقبرة البقيع في المدينة المنورة من قبل جهات تابعة لمؤسسة دينية رسمية، وفقا لشبكة ‘راصد’. وطالب الصفار بإطلاق سراح المواطنين الشيعة الموقوفين في أعقاب الأحداث ومحاسبة الجهات التي تسببت في ما حدث.
وقد ورد في ‘راصد’ أن الحادثة ‘فجرت موجة استنكار شعبية واسعة في الأحساء والقطيف وبرزت دعوات عديدة لخروج مسيرات استنكار في المدن والبلدات الشيعية احتجاجا على ممارسات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وتبعا لذلك شهد مركز مدينة القطيف يوم السبت تواجد العديد من الدوريات الأمنية وعناصر الأمن تحسبا لخروج مسيرات احتجاجية’.
أما الناشط الحقوقي السعودي الشيخ مخلف بن دهام الشمري فقد استنكر ‘اعتداء رجال الهيئة على نساء من الطائفة الشيعية’ و طالب السلطات بمحاسبة المتورطين، قائلا: ‘المفروض ان يتم احترام طقوس الزائرين المسلمين من كافة الطوائف والمذاهب’، داعيا في نفس الوقت أتباع المذهب الشيعي إلى ‘التحلي بالصبر وضبط النفس وعدم التجمع، والمطالبة بالحقوق عبر القنوات الرسمية’، كما جاء في موقع ‘آفاق’ الإلكتروني.
وجاء أعنف هجوم على الهيئة على لسان الكاتب علي آل غراش الذي قال في ‘راصد’: ما حدث في المدينة المنورة ليس مجرد استفزاز واعتداء من قبل أفراد مؤسسة دينية حكومية متشددة، الهيئة، على عدد من المواطنين وبالتحديد النساء، وإنما يمثل ضربة قوية لمشروع الملك عبد الله التغييري والإصلاحي في السعودية (…) هو اختبار حقيقي لدعوة الملك عبد الله للحوار الوطني والحوار بين الأديان وهو بمثابة طعنة ضد الوحدة الوطنية ومحاولة لإشعال الفتنة الطائفية بين أبناء الوطن’.
وأنتقد علي آل غراش الإعلام المحلي ‘غير المسؤول’ الذي ‘اتخذ موقفا انحيازيا بالكامل مع المؤسسة الدينية المتشددة والمتطرفة ووقف معها في وجه المواطنين وتعامل وكأن هؤلاء من عالم آخر، يستحقون الضرب والاحتقار والاعتداء لمجرد أنهم طالبوا بحقوقهم وصرخوا في وجه المعتدي’.
وطبقا لتقديرات غير رسمية، يمثل شيعة السعودية مابين 10 بالمئة و 20 بالمائة من سكان السعودية الأصليين الذين يقدر عددهم بأكثر من 18 مليون نسمة، يتركّزون جلهم في المنطقة الشرقية، وهي منطقة غنية بالنفط ومتاخمة لدولة الكويت وجنوب العراق.
ويجتاح الآلاف من أتباع الطائفة الشيعية كل سنة المنطقة الجنوبية للمدينة بهدف قضاء عطلة الشتاء المدرسية. ويزعم الزوار أن المتطرفين السلفيين دأبوا على تصوير الزوار الشيعة للمدينة والتركيز على النساء ونشر الأفلام على الإنترنت للتشهير بالشيعة.
واتّسمت التغييرات الجذرية التي قررها الملك عبد الله في 13 شباط/فبراير على الخصوص بإعادة تشكيل ‘هيئة كبار العلماء’ وهي أعلى سلطة دينية في البلاد. وتوسّعت الهيئة لأول مرة لتشمل ثلاثة من مذاهب الإسلام السنية الأخرى (المالكي،الحنفي والشافعي)، بينما كا
نت عضويتها في السابق تقتصر بكاملها على أتباع المذهب الحنبلي المعروف بالتشدد… وتبقى الطائفة الشيعية بدون تمثيل فيها.
نت عضويتها في السابق تقتصر بكاملها على أتباع المذهب الحنبلي المعروف بالتشدد… وتبقى الطائفة الشيعية بدون تمثيل فيها.
ونسبت صحيفة ‘القبس’ الكويتية يوم الأحد الماضي لمحللين سعوديين توقعات بدخول بعض الشخصيات الشيعية في هيئة كبار العلماء
وقالت مصادر شيعية وأمنية امس الثلاثاء إن السلطات السعودية اعتقلت تسعة على الأقل من الشيعة بعد اشتباكات في المدينة المنورة.
وتعتبر السعودية نفسها منارة التيار الرئيسي للإسلام السني وتشعر بالقلق من تصاعد نفوذ إيران الشيعية في المنطقة.
وقال جعفر الشايب وهو شخصية بارزة بين الأقلية الشيعية في السعودية إن الاشتباكات وقعت بين زوار شيعة للحرم النبوي وبين قوات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقرب من المسجد الذي يضم قبر النبي محمد.
وقال ‘حضر نحو 1500 شيعي بالقرب من المسجد لإحياء ذكرى وفاة النبي محمد’.
وأضاف ‘وسعى رجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ملوحين بالعصي ومدعومين برجال شرطة في زي مدني لتفريق الحشد’.
وقال الشايب إن بعض الزوار أصيبوا بجروح بسبب التدافع بعد أن أطلق رجال الشرطة النار في الهواء لتفريق الحشد. وأضاف إن سيارات الأسعاف نقلت بعضا منهم بعيدا. وقال إن بعض المتاجر المملوكة للشيعة تعرضت للهجوم.
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية مختص بشؤون الأمن ‘الأمر كان يتعلق بمشاجرة بين الزوار وبين المصلين’. وأضاف المتحدث منصور التركي ‘هناك الآن استجواب لتحديد الدوافع والأسباب’. ورفض تأكيد ان الاشتباك كان بين شيعة وقوات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقال إن تسعة أشخاص احتجزوا لكنه رفض الادلاء بمزيد من التفاصيل قائلا إن بيانا رسميا سيصدر في وقت لاحق.
وقال مصدر أمني طلب عدم نشر اسمه لأنه غير مصرح له بالحديث لوسائل الإعلام لرويترز إن سبعة من الزوار الشيعة أصيبوا بجروح نتيجة التدافع ونقلوا إلى مستشفى الملك فهد.
الى ذلك أكد أمير منطقة المدينة المنورة الأمير عبد العزيز بن ماجد أنه يجري التعامل مع الموقوفين في أحداث بقيع الغرقد ‘وفق ما يقتضيه النظام’ في المملكة.
وقال في تصريح نشرته صحيفة ‘عكاظ’ امس الثلاثاء’ إن ‘من يأتي إلى المسجد النبوي الشريف لتأدية كل ما يتوافق مع السنة فهو مخدوم في كل شيء، ومن يفعل ما يتعارض مع ذلك ويدخل في متاهات، ولا يلتزم بالنظام؛ فلن يسمح له، وسيطبق بحقه النظام’، مؤكدا ‘على أن الدين الإسلامي واضح وجلي’.
وكان شهود عيان قالوا أن المناوشات بين هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(الشرطة الدينية) وشيعة بجوار مقبرة البقيع في المدينة المنورة تجددت مساء امس الاول قبل أن تمتد إلى ساحات المسجد النبوي الشريف.
وقال شهود عيان ان العشرات اشتبكوا وسط ترديد زوار المقبرة عبارات ‘مناهضة’ وألفاظ ‘مسيئة’.
واستخدم خلال الاشتباكات العصي والحجارة والأحذية و’تخللتها مطاردات داخل ساحات المسجد النبوي، مما استدعى تدخل الجهات الأمنية وقوات الطوارئ لتفريق المتشاجرين وضبط مشعلي الفتن’.
واضاف شهود العيان’ أن الاشتباكات أسفرت عن وقوع إصابات متعددة جاءت نتيجة حدوث احتكاكات كلامية، فيما بدأت الجهات الأمنية التحقيقات في القضية لاتخاذ اللازم’.
وكانت شرطة المدينة المنورة أحالت خمسة شبان إلى هيئة التحقيق والادعاء العام ، بعد إيقافهم مساء الجمعة بسبب رفع أصواتهم والصراخ أمام بوابة البقيع، ما أدى إلى تجمع عدد كبير من الناس في ذات الموقع وإحداث فوضى.
وكشف العقيد محسن الردادي المتحدث الرسمي بشرطة المدينة المنورة أنه تمت إحالة أوراق القضية إلى هيئة التحقيق والادعاء العام لقيام المتهمين الخمسة بإحداث فوضى أثناء تجمع مجموعة من الزوار عند بوابة البقيع رغبة في الزيارة، وتم إطلاعهم بأن وقت الزيارة قد انتهى، إلا أنهم رفضوا التجاوب مع التعليمات وأصروا على الدخول.
وقام عدد منهم بإحداث فوضى ورفع الأصوات أمام بوابة البقيع، ما دعا رجال الأمن الموجودين إلى القبض على خمسة أشخاص، أما المجموعات الأخرى فانصرفت من الموقع في حينه.
والقت السلطات السعودية مساء الاثنين القبض على تسعة اشخاص عقب مشاجرة وقعت في ساحة المسجد النبوي في المدينة المنورة على افاد مصدر رسمي الثلاثاء.
وفي اتصال مع وكالة فرانس برس، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي ان ‘ما حصل مساء الاثنين
عبارة عن مشاجرة بين مجموعة من المصلين والزوار في ساحة المسجد النبوي’.
عبارة عن مشاجرة بين مجموعة من المصلين والزوار في ساحة المسجد النبوي’.
واضاف ‘تم توقيف تسعة اشخاص من المتورطين في افتعال هذه المشاجرة للتحقق من دوافعهم، واسباب تطور المشاجرة’. ورفض تأكيد المعلومات التي تداولتها مواقع على الانترنت في المملكة ومفادها ان الشجار بين سنة وشيعة، كما نفى ان تكون اسفرت المواجهة عن ضحايا.
الى ذلك، اشار التركي الى ‘اننا امام موضوع مختلف عما حصل امام مقبرة البقيع (في المدينة). فهؤلاء مجموعة من الزوار ومن الصعب ان نقول ان هؤلاء شيعة او سنة الآن قبل انتهاء التحقيق’ مشيرا الى ان السلطات ستصدر بيانا يوضح ‘ملابسات الحادث وجنسيات المشاركين في المشاجرة ودوافعهم لدى انتهاء التحقيقات مع الموقوفين’.
ونقلت الصحف عن امير منطقة المدينة الامير عبدالعزيز بن ماجد آل سعود الثلاثاء قوله ‘ان المتسببين في احداث البقيع احيلوا للمحاكمة وسيعاملون بمقتضى الانظمة’، مشيرا الى ان ‘من يأتي الى المسجد النبوي لتأدية مناسكه وفق السنة فهو مخدوم في كل شيء، ومن يفعل ما يتعارض مع السنة ويدخل في متاهات ولا يلتزم بالنظام فلن يسمح له وسيطبق بحقه النظام’.