“الدفع في اتجاه تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية مؤهلة للتفاوض مع إسرائيل على حل نهائي”.. “العمل على إدخال العلاقات الأمريكية- المصرية لمنطقة أكثر دفئا”.. “تسريع وتيرة الانسحاب من العراق”.. “توالي وفود الكونجرس على سوريا”.. “عودة الزيارات المتبادلة بين سوريا والسعودية بعد فترة جفاء طويلة”.
كل ما سبق من مؤشرات وتطورات تعكس توجها قويا لدى الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بعد مرور أكثر من شهر على دخوله البيت الأبيض، على تحقيق جبهة تضامن عربية تضم دولا مما يطلق عليها إعلاميا “محور الاعتدال”، وأطرافا أخرى من “محور الممانعة”، لتدعمه في مواجهة إيران، بحسب رؤية خبير عربي في الشأن الأمريكي.
وفي تصريحات خاصة لإسلام أون لاين.نت، اعتبر دكتور جورج حجار أن “الولايات المتحدة في عهد أوباما بعد “فشل سياسات إدارة جورج بوش السابقة في الشرق الأوسط، عادت لتنطلق من توصيات لجنة بيكر- هاميلتون الأمريكية الصادرة في 2006، والتي خلصت إلى أن مفتاح حل كافة قضايا الشرق الأوسط يتمثل في حل القضية الفلسطينية، والخروج السريع من العراق، والحوار مع سوريا”.
وأردف بقوله: “لذلك ومن هذا المنطلق، سارعت إدارة الرئيس أوباما بالدفع في اتجاه تشكيل حكومة الوحدة الوطنية بعد العمل على المصالحة بين حركتي فتح وحماس، لتحقيق الاستقرار في الداخل الفلسطيني تسهل بدورها الوصول لانتخابات تفرز قيادة فلسطينية تستطيع التفاوض مع إسرائيل، والتوصل لتسوية نهائية” للقضية الفلسطينية.
واعتبر الدكتور حجار أن “إدارة أوباما نتيجة المأزق الاقتصادي الكبير الذي تواجهه اتبعت سياسة الهروب للأمام، من خلال سعيها لإنجاز سريع في الشرق الأوسط، من خلال الوصول لحل الدولتين في الصراع العربي- الإسرائيلي في فلسطين، بما يضمن لها بالتالي دعما عربيا في مواجهة إيران”.
وكشفت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية الأحد الماضي عن أن إدارة أوباما منحت السلطة الفلسطينية الضوء الأخضر من أجل التحدث مع حماس، بخصوص تشكيل حكومة وحدة فلسطينية.
وتستضيف القاهرة بدءا من غد الخميس جولة مباحثات بين حركتي فتح وحماس وباقي الفصائل للتوافق حول تشكيل حكومة وحدة وطنية.
تقارب سعودي سوري
وفي إطار سياسة الإدارة الأمريكية الحالية الرامية لعزل إيران، يؤكد د. حجار أن أوباما يدفع باتجاه تشكيل جبهة تضامن بين الدول العربية، بما فيها المصنفة ضمن محور الممانعة كسوريا.
وفي هذا السياق -يضيف حجار- فإن إدارة أوباما الجديدة، بجانب إرسالها العديد من وفود الكونجرس في الأيام الأخيرة إلى دمشق.. “تشجع الدول العربية خاصة مصر والسعودية لاستعادة سوريا إلى أحضانهم مرة أخرى، وخطفها من طهران، لعزل الأخيرة”.
وشدد على أن الولايات المتحدة في عهد أوباما “تجاوزت عن تقسيم العرب بين محور الممانعين ومحور المعتدلين، وتسعى لأن تشكل من الجبهتين محورا متضامنا موحدا في مواجهة إيران”.
وتشهد العلاقات الأمريكية – السورية حراكا ملحوظا منذ دخول باراك أوباما البيت الأبيض في يناير الماضي؛ حيث توجه لدمشق مؤخرًا أربعة وفود متتابعة من الكونجرس الأمريكي، بعد قطيعة دامت قرابة أربع سنوات، منذ أن سحبت واشنطن سفيرتها في دمشق؛ إثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، يوم 14-2-2005.
في المقابل أعلنت سوريا مرارا ترحيبها بعودة العلاقات مع واشنطن إلى طبيعتها، وتوقع رئيسها بشار الأسد عودة السفير الأمريكي إلى دمشق، وأعرب في أكثر من مناسبة عن تطلعه إلى حوار مثمر مع الولايات المتحدة، يقود إلى سلام عادل وشامل في منطقة الشرق الأوسط.
وفي إطار التقارب العربي مع سوريا، زار وليد المعلم وزير الخارجية السوري السعودية أمس الثلاثاء في
إشارة أخرى إلى سعي الدولتين لدفن خلافاتهما، وجاء ذلك ردا على زيارة قام بها الأمير مقرن بن عبد العزيز رئيس المخابرات السعودية لسوريا قبل أيام، وجاء تبادل الزيارات بين الرياض ودمشق بعد فترة جفاء في الأعوام القليلة الماضية.
إشارة أخرى إلى سعي الدولتين لدفن خلافاتهما، وجاء ذلك ردا على زيارة قام بها الأمير مقرن بن عبد العزيز رئيس المخابرات السعودية لسوريا قبل أيام، وجاء تبادل الزيارات بين الرياض ودمشق بعد فترة جفاء في الأعوام القليلة الماضية.
تسريع الخروج من العراق
وعلى الصعيد العراقي يلفت الدكتور حجار إلى أن الولايات المتحدة “طبقت توصيات لجنة بيكر- هاملتون القائلة بسرعة الانسحاب من العراق، وفي هذا السياق وافق أوباما الأسبوع الماضي على إرسال 17 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان، مؤكدا بذلك على أن تركيز واشنطن سينتقل من بغداد إلى كابول، مع تحسن الوضع الأمني في العراق”.
واعتبر الخبير في الشئون الأمريكية أن الولايات المتحدة بـ”تعجيل انسحابها من العراق تحسن صورتها في الشارع العربي، وتقوي أيضا الجبهة العربية التي يتطلع إليها أوباما في مواجهة النفوذ الإيراني الطامح في دور محوري بمنطقة الشرق الأوسط”.
وأعلن الجيش الأمريكي الأحد الماضي أنه سيخرج من المدن العراقية في نهاية يونيو المقبل، مشيرا إلى أن أوباما سيعلن “قريبا” قرارا بشأن نشر تلك القوات في أفغانستان.
علاقات دافئة مع مصر
وفي السياق ذاته، المتعلق بمساعي إدارة أوباما لتوحيد الصف العربي ضد إيران، يرى د. حجار “أن أمريكا في عهد أوباما بدأت تدخل علاقاتها مع مصر مرحلة أكثر دفئا من التي كانت قائمة في عهد الرئيس جورج بوش، وهو ما ردت عليه القاهرة بإطلاق سراح المعارض أيمن نور من محبسه، وهو الطلب الذي طالما طالب به جورج بوش لكنه لم يتحقق”.
وتابع: “الولايات المتحدة تدرك أن مصر فاعل أساسي لا يمكن تجاوزه عند أي تسوية بشأن القضية الفلسطينية، ولذلك تحاول تكوين علاقات مستقرة معها، فضلا عن أن الموقف المصري من إيران يتقاطع مع الموقف الأمريكي، بالنظر إلى سلسلة الانتقادات التي توجهها طهران للقاهرة خاصة في الفترة الأخيرة”.
أما على الصعيد اللبناني، أشار حجار، اللبناني الجنسية، إلى أن موقف إدارة أوباما من دعم المحكمة ذات الطابع الدولي لقتلة الرئيس رفيق الحريري، والوقوف ضد المعارضة اللبنانية، إنما الهدف منه “إضعافها باعتبارها تحت زعامة حزب الله الذي تعتبره الذراع الإيرانية داخل العالم العربي”.
وتعهد أوباما انطلاقا من هذا الموقف بدعم إجراءات الأمم المتحدة لمحاكمة المتهمين بقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وذلك قبل يوم من الذكرى الرابعة لاغتياله الذي وقع في 14 فبراير 2005.
وقال الرئيس الأمريكي في بيان بمناسبة هذه الذكرى: “بينما نشاطر الشعب اللبناني حزنه على فقدان رئيس الوزراء الحريري، فإننا كذلك نشاطره الاعتقاد بأن تضحيته لن تذهب سدى (..)”.
وأضاف أن “الولايات المتحدة تدعم تماما المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والتي ستبدأ أعمالها خلال أسابيع قليلة، لمحاكمة المسئولين عن هذه الجريمة الفظيعة والجرائم التي تلتها”.
(اسلام اون لاين)