أجمعت الصحف الأمريكية والبريطانية على القول، إن حالة السخط التي سيطرت على المجتمع المصري في أعقاب موقف الحكومة المصرية من الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة هي السبب الرئيس وراء الانفجار الذي وقع أمس الأول في منطقة الحسين بقلب القاهرة، وأسفر عن مقتل فرنسية وإصابة 25 شخصا آخرين معظمهم من السياح، وقالت إن الحادث من شأنه أن يوجه ضربة عنيفة لصناعة السياحة في مصر، خاصة بعد أصبح هذا القطاع على المحك بعد الأزمة المالية العالمية.
فمن جانبها، أرجعت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية الانفجار إلى “تصاعد حدة التوتر في مصر في الآونة الأخيرة التي غذاها الصراع الأخير في غزة والفقر وزيادة القمع الذي تمارسه قوات أمن الدولة مع المصريين”.
وقالت إن الهجمات التي تعرضت لها مصر أكثر من مرة منذ التسعينات هي ناجمة عن حالة من السخط بين المصريين، “ففي حين كان سخط بدو سيناء السبب الرئيسي وراء الهجمات التي تعرضت لها جنوب شبه جزيرة سيناء عام 2005 ، فالسخط من موقف الحكومة المصرية من أحداث غزة يعد من أبرز الأسباب لتفجير الحسين”.
وفي الوقت الذي لم تعلن فيه أي جهة مسئوليتها عن الحادث، إلا أن صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” الأمريكية، قالت إن الانفجار “أثار المخاوف من أن يكون مؤشرا على عودة هجمات الإسلاميين المتشددين على صناعة السياحة في مصر وتأثير ذلك علي مستقبل هذا القطاع الهام بعد سنوات من الهدوء النسبي الذي أدي إلى انتعاش هذه الصناعة”.
وأشارت إلى أن الإسلاميين كانوا قد وجهوا انتقادات للنظام المصري في الأسابيع الأخيرة اتهموه فيها بعدم تقديم العون والمساعدة للفلسطينيين خلال الحرب الإسرائيلية علي قطاع غزة، لافتة إلى قرار مصر برفض فتح حدودها مع قطاع غزة خلال 22 يوما من الضرب الإسرائيلي المكثف للقطاع، والذي قالت إنه تسبب في حدوث انقسام في العالم العربي بين القادة “المتشددين” في المنطقة وحلفاء الولايات المتحدة، مثل مصر التي تعارض سيطرة حركة “حماس” على القطاع.
وذكرت الصحيفة أن “حماس” ترتبط بعلاقات أيديولوجية وثيقة مع “حزب الله” اللبناني وجماعة “الإخوان المسلمين” في مصر، التي تقول الحكومة المصرية إنها عازمة على إقامة دولة إسلامية في البلد الذي تتعدي كثافته السكانية 82 مليون شخص، وعلى الرغم من أنها قد أعلنت ابتعادها عن سياسة العنف وتمكنت من السيطرة علي 20% من البرلمان عبر صناديق الاقتراع، إلا أن الحكومة اعتقلت مئات من أعضائها في السنوات الأخيرة.
وأوضحت أن العقد الماضي شهد عدد من التفجيرات الإرهابية التي هزت مصر، من بينها تفجير عام 1997 الذي أسفر عن مقتل 63 شخصا معظمهم من السياح في الأقصر، وتسبب ذلك الهجوم في شلل مؤقت لصناعة السياحة في مصر، وأعقب هذا التفجير، تفجير شرم الشيخ عام 2005 الذي أودي بحياة أكثر من 60 شخصا، في العام نفسه وقع انفجار آخر بالقرب من مسجد الحسين تسبب في مقتل ثلاثة أشخاص فرنسيين وأمريكي.
وأبرزت الصحيفة أن حركة السياحة في مصر شهدت ازدهارا العام الماضي، حيث بلغ عدد السياح حوالي 13 مليون شخص عام 2008، لتحصل مصر على أكثر من 10.5 مليار دولار من هذا القطاع الهام الذي يعد واحدا من أكثر الصناعات ربحا.
وقالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، إن الانفجار يعبر عن انفجار الغضب من حكم الرئيس مبارك الذي حكم البلاد لثلاثة عقود، وأصبح أحد حلفاء الولايات المتحدة ولم يعد يحتمل المعارضة.
ونقلت الصحيفة عن حسين، أحد أصحاب المحال التجارية في منطقة الحسين، قوله “لا أعرف من الذي يمكنه أن يفعل شيئا كهذا، أعلم أن بعض المصريين غاضبون من الحكومة، والشخص الذي فعل ذلك يريد إرسال رسالة إلى الحكومة”.
بينما اعتبرت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” أن الانفجار الذي حدث في حي الحسين يعد جزءا من التوترات التي تواجهها الحكومة المصرية بعد تعرضها للانتقادات علي موقفها خلال الصراع الأخير علي غزة والذي خلف لها الكثير من الأعداء.
أما صحيفة “التايمز” البريطانية فأكدت أن الانفجار قد شكل ضربة شديدة للسياحة التي تمثل شريان الحياة للاقتصاد المصري، ولاسيما بعد حادث الاختطاف الذي تعرض له مجموعة من السياح الألمان والإيطاليين في سبتمبر الماضي أثناء قيامهم بجولة في الصحراء.