لم لا يحضر محمد دحلان الحوار أيضاً؟
بقلم : زياد ابوشاويش
في سياق المناوشات الجارية بين حركة فتح وحركة حماس الفصيلين اللذين بصراعهما المرير وضعا كل قضيتنا الوطنية في مهب الريح وألحقا بنا وبشعبنا أفدح الأضرار قام بعض الناطقين باسم حماس بالاعتراض على بعض أسماء من حددتهم فتح لخوض الحوار الوطني في القاهرة بغية لم الشمل وإعادة المياه لمجاريها في الساحة الفلسطينية توطئة لمواجهة المرحلة الحساسة والمعقدة التي نمر بها، وفي ظل تغييرات هامة وخطيرة طالت أركان الإدارة في كل من أمريكا وإسرائيل، مرحلة تجعل الكلام الذي نسمعه عن اشتراطات من أي صنف أو في أي مجال لغو وعبث لا طائل من ورائه وينم عن استخفاف بمصالح الشعب الفلسطيني وتطلعاته، وبعد أن أعملت اسرائيل بشعبنا وبفصائلنا الوطنية قتلاً وتدميراً ولا زالت تحاصر غزة وتضع آلاف الحواجز على طرقات الضفة ناهيك عن تهويد ما تبقى من القدس العربية والاستيطان والجدار وغيرها كالغارات اليومية على قطاع غزة، والقادم أعظم حسب تصريحات الإرهابي أولمرت.
إن ما نشاهده من حركة عربية نشطة باتجاه إنجاز المصالحة العربية وتوافد الرؤساء والمسؤولين على دمشق من كل اتجاه والتقاء بعضهم بقيادة حماس يشير إلى تعزيز دور الحركة واحترام دورها الوطني الفلسطيني وازدياد وزنها في المعادلة المرتبطة بصنع السلام في المنطقة، إذن لماذا تضع حماس شروط للحوار من نوع اشتراط إبعاد أسماء محددة من طاولة الحوار؟ وهل هناك ما يخيف حماس من هؤلاء خصوصاً أنها تقول أنهم منبوذون من الشعب ومن حركة فتح وبالتالي فوجودهم يمثل نقطة قوة لحماس ونقطة ضعف لوفد حركة فتح.
لقد أيد كل الناس والفصائل الإفراج عن معتقلي حركة حماس في الضفة الغربية، وهذا المطلب العادل من الحركة سيدعمه الجميع أثناء الحوار ولن يكون موضع خلاف إذا تم الاتفاق على البرنامج والأسلوب وجرت المصالحة كما نريدها، لكن عدالة المطلب ووجاهته لا تجعله شرطاً مسبقاً للحوار لأن ذلك وبالمقارنة يجعل مطلب اسرائيل بالإفراج عن الجندي الأسير شاليط لإنجاز التهدئة أمراً مشروعاً وهو غير ذلك مطلقاً.
الحوار الوطني أكبر من كل القضايا والعناوين في الوقت الراهن وهو يفتح على معالجة كافة المشاكل ويمهد لعودة الوحدة الضرورية جداً لصفوفنا وهو عنوان راهن يجب أن يعمل الجميع لإنجاحه بكافة الوسائل لأن الفشل هنا سينتج واقعاً مأساوياً وكارثة وطنية لن ينجو من تبعاتها أي فصيل أو مؤسسة وطنية، وستجعل المواجهة مع عدونا أكثر تعقيداً بألف مرة من المرحلة السابقة. إن هذا الأمر يعرفه صانعوا القرار في الحركتين المتصارعتين على النفوذ والغنائم والسلطان ولا يستطيع أحد من قادة الحركتين أن يزعم لنفسه موقفاً أكثر إدراكاً وفهماً من الآخر لأنه لو كان لديهم مثل هذا الفهم لما كنا منقسمين بهذه الطريقة البشعة والمؤذية.
وبالعودة لجوهر مقالنا حول الشروط والمناوشات والتجاذبات قبل الحوار ومحاولة إفساده قبل أن يبدأ نتساءل لماذا لا يحضر الأخ محمد دحلان هذا الحوار؟ ألم يكن الرجل يمثل الرقم الأول في معادلة الصراع والخصم المعلن لحماس كما محمود الزهار الخصم المعلن لفتح في قطاع غزة؟ وعليه أليس من الأجدى ما دمنا نبحث عن الحل وعن فتح الدمل على آخره لتنظيفه أن يتواجه الخصوم الإخوة في حوار صريح وواضح حول كافة الأمور؟.
وبالمقارنة مع حوارنا جميعاً مع العدو الإسرائيلي مباشرة أو غير مباشر من الطرفين الخصمين يتساءل المواطن الفلسطيني : هل يمكن لأي منهما أن يضع شروطاً على إسرائيل من النوع الذي يشترطه على شقيقه؟ أعرف أن الأمر مع العدو بخلاف الشقيق لكن هذا الخلاف يعمل لمصلحة إبداء المرونة مع هذا الشقيق وليس العكس.
إن حضور السيد دحلان للحوار رغم كل ما قيل ويقال بحق الرجل هو عين الحكمة ويمثل خطوة شجاعة وصائبة باتجاه مصالحة حقيقية وجدية وليس العكس، وعلى حركة حماس إن أرادت أن تضع شروطاً للحوار أن يكون حضور الأخ دحلان هو هذا الشرط. أليس محمد دحلان هو المتهم الرئيسي في خطة دايتون وبأنه المقاول الفلسطيني الأبرز لهذه الخطة وغير ذلك من ا
تهامات لا زلنا نسمعها بين الفينة والأخرى؟ إذن فالأجدى لحوار مثمر أن يكون هذا الرجل على رأس طاولة الحوار حتى لو أدى ذلك إلى تعرضه للنقد الجارح ولمحاكمته إن اقتضى الأمر بحضور الجميع وإذا ثبت أنه تسبب في الاقتتال أو كان متآمراً على قضيته الوطنية نحاسبه جميعاً ونصدر بحقه ما نشاء من الأحكام، وهذا يستدعي منح الرجل فرصته لشرح المسألة والرد على التهم الموجهة إليه، وإذا ادعى أحد أن هذا سيطيل أمد الحوار وقد يخلق مشاكل جديدة فإن الرد على ذلك يرتبط بمدى رغبة طرفي الخصومة في لملمة الجرح وتجاوز هذا القطوع المؤلم من تاريخ شعبنا.
المصالحة الحقيقية تعني فتح كل الجروح ومداواتها بعمق ووضع النقاط على الحروف والإجابة عن عشرات التساؤلات التي لا زالت تؤرق الكثير من أبناء شعبنا المبتلي بقياداته، ومن هنا لابد أن يحضر الأخ محمد دحلان الحوار هو وغيره من قادة فتح الشباب المتهمين من حماس وبعض فتح بصناعة الفتنة والتحريض عليها. الوقت يداهمنا ولا مجال للترف الفكري أو الثرثرة الفارغة حول من يحضر ومن لا يحضر والدنيا حولنا تموج بالتجاذبات والحوارات والنشاط باتجاه صنع واقع جديد في المنطقة، وشعبنا المعرض للقتل كل يوم ينتظر نهاية طيبة لمأساته التي امتدت عشرات السنين فهل يفهم الجميع ونذهب للحوار بلا شروط؟.