م/ عمــاد عــودة
صفعات صديقة
صمود سياسي من نوع اخر
لم تكن ليفني تهذي عندما أطلقت تهديدها الشهير للمقاومة الفلسطينية من قلب العروبة وعاصمة المعـز لدين الله الفاطمي , كانت تعلم تمام العلم أن هنالك حمله عسكرية إجرامية قادمة لامحالة وربما تكون ليفني أول من ضغط على الزناد فصفع الحكومة المصرية وفي عقر دارها.
اشد المتشائمين لم يتوقعوا الرد المصري … انه ببساطة ابتسامة شاردة لا تعبر إلا عن قدرة هائلة على تحمل الصفعات وكأن أبا الغيط يقول .. لا باس .. صفعات صديقه على مبدأ نيران صديقة .
وبدأت الحرب وازدادت شراسة الإلة العسكرية ومعها زادت قدرة الاحتمال الحكومي المصري على تلقي الصفعات … فالمعبر مغلق والاذان أصابها الصمم ربما من شدة القصف ، فلا قتل المدنيين الأبرياء تحت سمع وبصر الإدارة المصرية حرك شيئا ولا حتى قتل المصريين نتيجة قصف الشريط الحدودي بين رفح ورفح قد حرك ساكناً, بقي الخد المصري صلباً صامداً قادراً على تحمل المزيد وكأني بالحكومة المصرية تقول (اصفع فأنت رائع جدا متى تكون ).
ولما طفح الكيل لملم الحاكم المصري اذيال صفعاته وخرج علينا بمبادرة إسرائيلية المنشأ فرنسية الطعم مصرية العنوان ، لا فضل لصاحب العنوان فيها إلا حمل الأسفار… فتأتي اللطمة التالية ودونما ابطاء ، وقف القتال من جانب واحد، انها أشبه ما تكون بالصفعة الأولى عند بدايه العدوان.
بنى الرسميون المصريون آمالاً عريضة على نجاح ما سمي بالمبادرة المصرية كنوع من التعويض على ما أصابهم خلال الحرب وبعدها, وظنوا أن هذه العملية الجراحية ستنقذ سمعة النظام الحاكم في مصر بل وحشدوا لها كل شياطين الجن والأنس وافشلوا كل المساعي الأخرى لتبقى مبادرتهم ولا شيء غيرها . فمن إفشال قمة غزة في الدوحة إلى تفريغ الخطاب السعودي المفاجئ في قمة الكويت من مضمونه . كل ذلك في سبيل عيون المبادرة المصرائيلية, وتواترت الإنباء وتطايرت الأوراق والأخبار والتسريبات وأصبحنا على وشك التوقيع على تلك المبادرة , ولكن لإسرائيل رأي آخر فلماذا يوقع اولمرت بيان هزيمته في القاهرة ويريح نتنياهوا من تحمل التبعات خصوصا وان هناك خدودا مصرية لا حصر لها جاهزة للصفع , فكان ما كان وأدار اولمرت ظهره للحليف المصري ووجه لة الصفعة الأخيرة جرياً على عادته ، وعدنا من حيث بدأنا .
ليس الغريب أن تفعل إسرائيل ذلك فهذا ديدن اليهود منذ ألاف السنين فلا عهد ولا وعد ولا احترام لحليف إنما الغريب إن تحاول مصر الرسمية تحمل الصفعات الإسرائيلية وتدعي أن ذلك لم يكن من قبيل اللطم أنما هو من الفولكلور المصري الإسرائيلي المعروف منذ كامب ديفيد, وأصبحت مهمة الأقلام الرسمية في مصر التباهي بقدرة القيادة المصرية على التحمل والثبات حين الصفع. فهذا هو الصمود السياسي بتعريفه الجديد .
ما جرى ويجري للقيادة المصرية يدفعنا إلى المقارنة بما فعلة ويفعلة طيب الذكر اردوغان فالرجل انتفض وقال ما لم يقله اقحاح العرب ونظم شعرا عموديا في ماساه غزة ورمى بأوراقه في وجه بيريز ولطمه لطمه غير صديقة بخلاف ممثل العرب عمر موسى فهو في النهاية من تلاميذ النظام المصري تعلم جيدا ان يصمد سياسياً ويبلع الموقف ويجلس وكأن قاتل الأطفال عن يمينه لم يكن موجوداً .
إذا كان كل ما جرى ويجري سببه التوريث فتلك والله مصيبة المصائب وتوحي للمتابع أن رخصة التوريث تأتي مكتوبة بالعبرية والعبرية فقط , وهذا غباء غير مسبوق , تخيلوا معي لو كانت الإدارة المصرية وعلى رأسها السيد حسني مبارك ركبت موجة الشعب المصري على سبيل الخبث السياسي وقالت ما قاله بسطاء المصريين من اليوم الأول وأرسلت جمال مبارك شخصيا ليقوم بفتح معبر رفح ركلا بقدمية ويدخل إلى غزة ويتضامن مع كل المحاصرين داخل القطاع، أقول فقط تخيلوا ذلك …. ألن يقوم الشعب المصري ساعتها بإصدار رخصة توريث شرعية لجمال مبارك مكتوبة باللغة العربية وباللهجة المصرية ويصبح جمال اليوم هو جمال الأمس الذي ما كان حصار غزة ليحدث لو لم يغيبه الموت سنة 1970م من القرن الماضي .
علينا ان لا نذهب بعيدا في الخيال ولنعد من حيث بدأنا فلا معبر رفح قد تم فتحة ولا جمال مبارك أصبح من فرسان العرب الذين يرفضون الظلم والاضطهاد ، وبقيت بعض الأسئلة تحيك في النفس … ونسأل :-
– ماذا لو فعلت حماس معشار ما فعلته إسرائيل وأدارت ظهرها للمبادرة المصرية … ؟
– ماذا لو هدد محمود الزهار إسرائيل من قلب العاصمة المصرية وبحضور أبو الغيط … ؟
– ماذا لو قال احد قيادات الصف العاشر في حماس ما قاله ليبرمان بحق الرئيس مبارك … ؟
يا ترى هل كانت مصر الرسمية ستصنف هذه الافعال تحت بند نيران صديقة أو صفعات محبين …
سؤال برسم المصريين جميعا ً .
م. عمــاد عــودة