طرحت نشرة ستراتفور الاستخباراتية الأمريكية الصادرة عن معهد ستراتفور للشئون الإستراتيجية، سؤالاً حول مدى ضلوع إيران وحليفها حزب الله فى انفجار منطقة الحسين، الذى وقع أمس، الأحد، وأسفر عن مقتل فتاة فرنسية وإصابة 17 شخصاً آخرين، من بينهم 10 سائحين فرنسيين وألمانى وثلاثة سعوديين.
حاولت النشرة الإجابة عن السؤال الذى طرحته، بالإشارة إلى معلومات مصدر أمنى مصرى لم تذكر اسمه، قال إن الانفجارين اللذين وقعا بمنطقة الحسين نتجا عن قنبلتين، وضعت الأولى بالقرب من مدخل سوق خان الخليلى بجوار مسجد الحسين، والثانية تم إلقاؤها على مجموعة من السائحين الفرنسيين من نافذة فندق صغير فى الحى الشهير. وعلى رغم من صغر القنبلتين بحسب قول المصدر الأمنى، إلا أنهما احتويتا على مواد حادة مثل المسامير التى تهدف إلى إسقاط عدد أكبر من الضحايا.
أفادت النشرة، أنه من المرجح أن يكون وراء الانفجار خلايا مسلحة صغيرة انفصلت عن الجماعات الإسلامية الأساسية الموجودة فى مصر، والتى حاولت الاحتذاء بتنظيم القاعدة، ففى عام 2006 تعهدت الجماعة الإسلامية، التى تعد واحدة أبرز الجماعات المسلحة فى مصر فى تسجيل مصور للولاء بتنظيم القاعدة، لكنها لم تنفذ أبداً تهديداتها بتنفيذ هجمات، ونجحت قوات الأمن المصرية فى القضاء على الجماعة الإسلامية وجماعات أخرى مثل التوحيد والجهاد، وهى جماعة من البدو الذين يعتقد أنهم مسئولون عن الهجمات التى وقعت فى المنتجعات السياحية فى شرم الشيخ عامى 2005 و2006.
واتجهت الجماعات التقليدية مثل الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد إلى نبذ العنف وحاولت دخول الحياة السياسية مثلما فعلت جماعة الإخوان المسلمين أو الابتعاد تماماً عن العمل بفاعلية فى مصر.
ويعتقد مصدر أمنى أن الهجوم الأخير على خان الخليلى، هو من تنفيذ إحدى الجماعات الصغيرة التقليدية، ففى أبريل 2005، قتل انتحارى اثنين من المواطنين الفرنسيين وأمريكى وإصابة 18 آخرين. فى هجوم على سوق خان الخيليلى.
تأثير هام
وعلى الرغم من أنه من غير المرجح أن تكون إحدى الشبكات الكبيرة والمنظمة فى مصر على صلة بهجوم أمس، الأحد، إلا أن تأثير هذا الهجوم لا يزال هاماً. حيث إن مصر تعانى بالفعل من مشاكل اقتصادية بتأثير الأزمة المالية العالمية، واستهداف السياح فى خان الخليلى مع بداية الموسم السياحى سيزيد من آلام مصر الاقتصادية، كما أن هذا الهجوم يأتى فى الوقت الذى يبدو فيه أن إيران تصعد من “نشاطها المغطى” فى مصر، مستخدمة وكيلها المسلح حزب الله. حيث كشفت السلطات المصرية مؤخراً، بحسب ما يقوله المصدر الأمنى، جماعات مسلحة من لبنان فى العريش تحاول تهريب أسلحة داخل البلاد. وفى الأسبوع الماضى، كشفت نشرة ستراتفور الاستخباراتية عن معلومات تشير إلى أن حزب الله أرسل معدات عسكرية إلى جماعات إسلامية مسلحة فى مصر، ووفقاً لما قاله مصدر فى حزب الله، فإن الجماعة الشيعية لاقت صعوبة كبيرة فى عمليات إرسال الأسلحة إلى حركة حماس فى قطاع غزة فى أعقاب الهجوم الإسرائيلى الأخير عليه. ويشير المصدر إلى أن حزب الله قرر، بناء على تعليمات من إيران، إرسال الأسلحة إلى الجماعات المسلحة فى مصر بدلاً من حماس كوسيلة لعقاب الحكومة المصرية ودعم الجماعات المسلحة فى المنطقة. ووصلت أغلب المعدات العسكرية إلى الساحل الشمالى الشرقى بالقرب من بورسعيد وبورفؤاد، وسافر مهربو حزب الله بقارب بين الساحل المصرى وميناء طير فى جنوب لبنان.
ربما تكون هناك مبالغة فى مزاعم تقديم إيران الدعم للمسلحين فى مصر، لكن هذا الدعم يبدو جزءاً من اتجاه متزايد لبناء التوتر بين طهران والقاهرة، بعد أن أصبحت الأخيرة مهتمة بشكل أكبر بتدخل إيران فى الأراضى الفلسطينية. وأصبحت مصر تنتقد إيران علانية بشكل أكبر، ولسبب وجيه، فإن المصريين يخشون أن يؤدى تنامى الدعم الإيرانى لوكلاء عسكريين متعددين فى الأراضى الفلسطينية ومصر إلى إحياء الإرهاب الإسلامى فى مصر، الذى كان خاملاً بشكل نسبى فى السنوات الأخيرة، خاصة وأن عدداً من الجهاديين الذين يتمتعون بخبرات قتالية عالية قد ذهبوا إلى العراق وعادوا دون وظائف فى بلادهم. وتشارك السعودية مصر فى مخاوفها، وستزداد هذه المخاوف فقط مع اتجاه الولايات المتحدة وإيران لمحاولة إحياء الحوار الدبلوماسى بينهما، وهو الأمر الذى قد يقوض الأنظمة العربية السنية ويدعم موقف إيران فى المنطقة.
لمعلوماتك..
◄ معهد ستراتفور هو معهد بحثى أمريكى يعمل به مجموعة من الخبراء المتخصصين فى الشئون السياسية والإستراتيجية والعسكرية الدولية.
◄ أسس المعهد الكاتب والمتخصص فى دراسات المستقبل الدكتور جورج فريدمان سنة 1996، وهو صاحب كتاب “المائة سنة القادمة”، الذى حقق أفضل المبيعات فى الفترة الأخيرة.