هشام الصباحي
المنتهى الأخير هي رواية الكاتب خالد محمد غازي الصادرة سنة 2007 عن وكالة الصحافة العربية إنها الرواية التي تفتح أمام عيوننا مشروعا مهما لتأصيل تاريخ الاراضى والأرواح الفلسطينية ..تأصيل التفاصيل الإنسانية المرعبة التي عاشها الإنسان الفلسطيني ومازال يحيى داخلها إلى الآن..تأريخ كل نقطة دم أراقها اليهود وكل مسجد هدموه وكل كنيسة احرقوها وكل طفل قتلوه ..انه تأريخ قبل أن تلتهمه آلة الأعلام الإسرائيلية الصهيوني .. إنها الدعوة والبداية لتأصيل كل ماهو فلسطين وإنساني من اجل أن يبقى محفوظا أمام الجميع..أمام العالم وخاصة أن الرواية الآن هي صوت كل العالم إلى بعضه البعض هي الصوت الأكثر وصولا إلى رجل الشارع العادي في أوروبا وأمريكيا وكل دول العالم عبر الترجمة التي هي في حالة نشاط هذه الأيام .
رواية المنتهى الأخير تعتمد في العديد من تفاصيلها على وثائق جامعة بيرزيت الفلسطينية حول ما حدث في القرى الفلسطينية التي دمرها الاحتلال الصهيوني بين عامي 1948-1950 كما أن الرواية تحكى عن قرية سلمة الفلسطينية التي دمرها اليهود عام 1948 وتقع على بعد خمسة كيلوا مترات إلى الشرق من يافا وسميت بهذا الاسم نسبة إلى الصحابي سلمة بن هشام بن المغيره الذي استشهد في موقعة اجنادين عام 13هجريا/636 ميلاديا ودفن في القرية ومازال ضريحه علامة ورمز للعرب والإسلام بها.
هاجر ما تبقى من السكان العرب لقرية سلمة بعد أن دمرها الاحتلال إلى لواء رام الله للاجئين.مازال السكان اليهود الشرقيون يعيشون في بيوت سلمه القديمة ويطلقون عليها اسم كفارشاليم وتعتبر امتدادا لمستعمرة هاتكفا التي هي جزء من تل أبيب
إن الرواية تعتمد على تداخل ثلاث عوالم معا حيث يقوم كل فصل بعالم في شكل متوالية حسابية وتكرارية هندسية .
العالم الأول يأتي من داخل أيام ألف ليلة وليلة معتمدا نفس تقنية الحكى وأيضا إحضار العالم من التراث إلينا ولكن هذا العالم هو عالم القضية الفلسطينية وناس وأولاد وبنات وشيوخ وشباب فلسطين
العالم الثاني هو عالم جد الراوي/الكاتب الذي يحكى كيف كان واحدا من الصالحين الموصليين بالله وبأعمال الخير وكيفية التنقل في البلاد من اجل مساعدة الناس ونفسه والوصول إلى اليقين الإلهي والتوحد مع الإيمان بالله والمكاشفات الصوفية التي لايراها إلا أمثاله
العالم الثالث هو عالم الكاتب نفسه حتى انه يستخدم دائما فعل المخاطب والأمر في توجيه الحديث إلى حبيته التي يمكن أن تكون حبيبة بالمفهوم الانثوى أو الحبيبة بالمفهوم الوطني
إن العالم الأول والثالث هو عالم فقد الحبية البشرية أو الرمزية الوطنية وتتمثل في فلسطين .. إنها فلسطين التي نفقدها وتتآكل أمام عيوننا وعلى مسمع منا ونحن أموات على عكس ما يبدو من أننا أحياء وعقلاء نأكل ونشرب وننام ونصحوا ..إنها فلسطين التي نحاول أن نتواصل معها ولكننا نخسر الجسد والأرض والروح معا دون تفرقة بين ماهو بشرى خلق من طين وبين ماهو طين مازال على حالته يغطى الأرض ..أنها رواية تؤرخ للوجع الفلسطيني بنجاح فنى منقطع النظير وبإنسانية فنية مفرطة ورائعة لقد نجح خالد غازي في أن يلتقط لنا تفاصيل يوميه وحياتيه موجعة لكل إنسان على اختلاف وطنه ودينه وتفاصيل كيف كان الصهاينة ومازالوا يمارسون خطة إبادة شعب له تاريخ حتى انه تناول كيف كان الاحتلال يعطى لليهودي ضعف اجر الفلسطيني وتفاصيل القتل اليومي والمجاني لكل ماهو فلسطيني سواء كان بشرا أو حتى جمادا
أن هذا النوع من الروايات مهم ولابد وضروري أن يدفع في مقدمة المشهد الروائي وخاصة مع راوية مثل الملاذ الأخير التي لم تسقط في غياهب المباشرية عند الحديث عن هم عام بل حافظت على فنيتها الرفيعة وفى عين الكاتب التي اهتمت بالإنسان وتفاصيلة.. ولابد أيضا أن ندفع كل كتابنا الذين يهتموا بالهم العام والوطني والفلسطيني أن يبدأو في عمل روايات تؤرخ للتاريخ العربي والفلسطيني داخل هذه الأرض وخاصة أن الرواية الآن هي تاريخ العالم وأكثر الكتب تداولا وقراءة في العالم.. انه مشروع مهم في وجه الزيف الاسرائيلى والصهيوني .
خالد غازي..من مواليد محافظة دمياط بمصر..يعمل في الصحافة..تخرج من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة ..من مؤلفاته ..أنبياء وقتلة: التطرف الديني والعنف السياسي..جنون امرأة:مي زيادة..الغزالةوالسهم..الطوفان:العولمة..فك الثوابت وتحطيم الهويات..سيرة مدينة:القدس(دراسة وشهادات)..الجاسوس:طريق الخداع..سرى للغاية(دراسة)..لا عزاء للجواسيس..نساء نوبل..وله أيضا مجموعتين قصصيتين
الأولى صدرت 1992 بعنوان أحزان رجل لا يعرف البكاء والثانية صدرت سنة1993 بعنوان الرحيل عن مدن الهزائم
هشام الصباحي
شاعر مصري