المملكة العربية السعودية اكبر دولة مصدرة للنفط في العالم ومهد الإسلام ولكنها غالبا لا تلقى بثقلها في الشرق الاوسط، حيث تحظى جماعات إسلامية مثل حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية حماس وحزب الله اللبناني بشعبية أكبر من اي حكومة عربية. وتبقى اي تطلعات سعودية للقيام بدور قيادي حاسم في العالم العربي المتشرذم او حتى محاكاة نفوذ قوى غير عربية مثل إيران وتركيا وإسرائيل مجرد تطلعات.
وقال عوض البادي الباحث بمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية التحدي الذي يواجه السعودية يتمثل في تطوير رؤية لملء لفراغ في المنطقة وإرساء سياسة خارجية مبدئية نشطة ولعب دور اكبر.
وصرح نحن الان دولة تكتفي بالتعامل مع الامر الواقع غالبا ما تكتفي برد الفعل إزاء ما يحدث رغم ان هناك بعض المبادرات مثل دعوة الملك عبد الله الاخيرة للمصالحة والوحدة العربية.
وقوبل اجرأ تحرك سعودي خلال العقد الحالي وهي مبادرة سلام عربية تبنتها المملكة العربية السعودية في عام 2002 واعيد طرحها في عام 2007 بصد من جانب إسرائيل كما تجاهلتها الولايات المتحدة. وتركت التجربة مرارة لدى السعوديين.
وفي القمة العربية التي عقدت الشهر الماضي اثناء الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة قال العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز ان مبادرة السلام العربية لا تزال على الطاولة ولكنها لن تبقى إلى الابد.
وفي لهجة اكثر حدة كتب الامير تركي الفيصل رئيس جهاز الاستخبارات العامة السعودية السابق والسفير السعودي السابق لدى لندن وواشنطن في صحيفة فاينانشال تايمز الشهر الماضي ان اسرائيل اقتربت من القضاء على امكانات السلام بهجومها على غزة الذي اسفر عن إستشهاد نحو 1300 فلسطيني و13 اسرائيليا.
وحذر الفيصل مالم تتخذ الادارة الامريكية الجديدة خطوات قوية لتمنع تعرض الفلسطينيين لمزيد من المعاناة والقتل فان الخطر يتهدد عملية السلام والعلاقات الامريكية السعودية والاستقرار في المنطقة، مبينا ان الرئيس الامريكي السابق جورج بوش ترك ارثا غير صحي في الشرق الاوسط.
وتحول قلق الرياض من نتيجة حرب العراق واستيائها من تأييد بوش اللامحدود لاسرائيل إلى امل ضعيف في ان يغير الرئيس الأمريكي الجديد باراك اوباما المسار الذي انتهجه سلفه إلى جانب قلق من احتمال ان يأتي تعامله مع إيران على حساب المملكة.
وقال دبلوماسي غربي في العاصمة السعودية يثير اوباما مزيجا غريبا من الاعجاب والخوف لدى القيادة السعودية.
واوضح دبلوماسي اخر ان السعوديين اعجبوا بحديث اوباما عن احترام العالم الاسلامي ولكن يشكون في ممارسة اي ادارة امريكية ضغطا كافيا على إسرائيل لاقامة دولة فلسطينية على الاراضي التي تحتلها منذ عام 1967.
وعرضت المبادرة العربية التي رعتها السعودية اعترافا كاملا بإسرائيل مقابل اقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية وحل متفق عليه لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين. ولا يلوح في الافق اي اتفاق سلام باقامة دولتين وفق هذه الشروط.
والمواطن السعودي العادي مثله مثل العرب في كل مكان غضب من القتل والدمار في غزة.
وبين البادي طالما لم يحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ستشهد المنطقة اتجاها راديكاليا.
وفي الشهر الماضي انضمت قطر إلى ايران وسوريا وحزب الله وحماس في الدعوة لسحب المبادرة العربية التي اعلنت عام 2002 .
وتعثرت الدبلوماسية السعودية في قضايا اخرى.
ففي فبراير شباط 2007 اقنع العاهل السعودي الفصائل الفلسطينية بتوقيع اتفاق مصالحة ولكنه انهار بعد
اربعة اشهر حين سيطرت حماس على قطاع غزة في أعقاب اقتتال داخلي مع قوات حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
اربعة اشهر حين سيطرت حماس على قطاع غزة في أعقاب اقتتال داخلي مع قوات حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وتجنب العاهل السعودي الخوض ثانية في مصالحة بين الفلسطينيين تاركا لمصر وتركيا وقطر محاولة رأب الصدع بين حماس وفتح، كما استضافت تركيا محادثات غير مباشرة بين سوريا وإسرائيل بينما توسطت قطر في لبنان واليمن والسودان.
خبير شؤون الشرق الاوسط بالجامعة الامريكية في الشارقة نيل بارتريك أفاد انه ليس هناك دولة عربية في وضع يتيح لها تولي الدور القيادي الذي كان لمصر في اوج القومية العربية.
وقال المنطقة منقسمة وليست هناك عملية سلام عربية اسرائيلية حقيقة او اي طريق واضح للمضي قدما في العراق، مبينا تعتقد السعودية ان العراق اضحى يسير في الركب الايراني.”
وتشارك السعودية بقية دول الخليج العربية قلقها من ان تتيح المفاوضات الامريكية مع إيران تملك الجمهورية الإسلامية الإيرانية اسلحة نووية بشكل ما وأن تلقي بثقلها على المزيد من الدول في المنطقة ولكنها ترى ايضا مزايا محتملة لهذا التقارب.
وأضاف البادي اذا اوقفت المفاوضات الامريكية الايرانية البرنامج النووي الايراني او ضمنت ان يكون سلميا فان ذلك يتفق والمصلحة الوطنية للسعودية.”
وتابع ان الولايات المتحدة على أي حال لن تضحي بالخليج بكل نفطه من اجل إيران.
وبذلت السعودية جهدا مضنيا لفصل علاقاتها القوية مع الولايات المتحدة التي تقوم على اساس الامن مقابل النفط عن الصراع العربي الإسرائيلي والتوترات الناجمة عن هجمات 11 سبتمبر أيلول عام 2001 التي يلقى باللوم فيها على تنظيم القاعدة وتحديات المعسكر الراديكالي الذي تقوده إيران في المنطقة، غير ان ذلك وضع المملكة في وضع حرج.
وأوضح الامير تركي ان الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد اعترف بزعامة السعودية للعالمين العربي والاسلامي عندما حثها في الآونة الأخيرة على قيادة الجهاد ضد إسرائيل.
وكتب قاومت المملكة هذه الدعوات حتى الآن، مشيرا إلى ان الاستماع الى هذه الدعوات سيقود إلى اراقة دم وفوضى ولكن تتزايد صعوبة الابقاء على هذا التحفظ كل يوم.