خالد وليد محمود
أهم ما حسمته الانتخابات الاسرائيلية هو توجّه تل أبيب السياسي نحو التطرف و اليمين،كون الأخير حصل على الغالبية في الكنيست القادم بمجموع 65 مقعداً. وهي بهذا عندما اختارت إسرائيل أكثر أحزابها ومرشحيهاتطرفاً، فإنها كانت توجه رسالة ضمنية إلى الفلسطيني والعربي بأن المنطقة مقبلة على ترتيبات وحلول جذرية مما يطرح تساؤلات في غاية الأهمية حول مستقبل عملية السلام ومسيرة التسوية السياسية، إن كانت ستستمر أو ستتوقف، وكذلك عن مدى فاعليتها إن هي استمرت، وعن المطلوب فلسطينياً وعربياً لضمان هذه الفاعلية؟!.
الحكومة الإسرائيلية الجديدة، والتي سيؤلفها نتنياهو، لن تقدم للفلسطينيين، والدول العربية ولعملية السلام ، وللأمن والاستقرار الإقليميين، إلا بما هو أسوأ مما أتت به الحكومة السابقة برئاسة اولمرت والكل يعرف أن منحى عملية السلام في المنطقة أخذ يتجه نحو الهاوية، وأخذ هذا السقوط المدوي لعملية السلام على مختلف المسارات و المؤكد أنها في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ستشهد مستقبلاً صعباً جرّاء هذا التوجه إلى اليمين في إسرائيل.
قد يدّعي البعض أن هناك فروقاً بين الأحزاب الرئيسية في إسرائيل، وأنه لا يمكن المقارنة بين توجهات حزب “كديما” أو “العمل” مثلاً مع “الليكود” أو “إسرائيل بيتنا”؛ لذلك فإن ائتلافاً تقف على رأسه ليفني سيختلف بالتأكيد عن ائتلاف برئاسة نتانياهو في ما يتعلق بمسيرة التسوية السياسية…ويبدو ان هذه الفرضية غير صحيحة كون التجربة التاريخية تبين أن السلام الدائم لإسرائيل لن يتحقق إلا عندما تطمئن الأخيرة إلى إحتواء كل التهديدات الموجهة إليها، وتشعر بأن الوضع في المنطقة يوحي بالإستقرار الدائم، وهذا ما لا يمكن أن يحصل الا بوجود ارادة قوية لصنع السلام ؛ لأن الشرط الأول لقيام سلام ثابت ومستقر،هو الثقة المتبادلة تجاه إسرائيل ليس متوفراً، وهذا ما تراه إسرائيل نفسها . وبالتالي،فإن التسوية السلمية بالمفهوم الإسرائيلي ما هو إلا مبدأ تستفيد منه إسرائيل لاختيار السلام من ناحية ولاستمرار أيديولوجيتها المبنية على القوة والعنف والتوسع والاستيطان من ناحية أخرى.
وقد يتسائل أحدهم ما تأثير فوز هذا الطرف أو ذاك في الانتخابات الإسرائيلية وأيهم أفضل للعرب والفلسطينيين؟ هذا السؤال قد يكون مهم للإسرائيلي نفسه الذي فاضل بين هذا المرشح أو ذاك بناء على مواقفهم من قضايا مثل الضمان الصحي والبيئة ودور النقابات وتوزيع الثروة ومعضلة الأمن والقضايا الاقتصادية، لكن الأمر بالنسبة للفلسطينيين والعرب يبدو مختلفاً لأن كل الأحزاب التي تعاقبت على الحكم في إسرائيل من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار كان همها خدمة الفكر الاستعماري الاستيطاني وحماية أمن كيانهم.
فإسرائيل بسياساتها الإجرامية ليست دولة تريد سلاماً مع الفلسطينيين، ولا تضع أدنى اعتبار لأصدقائها من العرب قبل أعدائها وخصومها وهذا سيكون واضحاً أكثر في عهد حكومة نتنياهو.
ولذلك على الفلسطينيين خصوصاً والعرب عموماً عدم الوقوع في وهم إمكانية التوصل إلى تسوية سياسية مع هذه الحكومة، أو فخ الانسياب إلى عملية المفاوضات فقط بحكم العادة السابقة.
نتنياهو، باختصار، قادم على رأس حكومة يمينية متطرفة عنصريةوغير راغبة في السلام وتضع لاءاتها الثلاثة على الطاولة وهي لا لاقامةدولة فلسطينية مستقلة على أساس حل الدولتين ولا لعودة اللاجئين ولاللانسحاب من القدس التي ستبقى موحدة وعاصمة أبدية لاسرائيل، من هنا لا فائدة ترجى من استمرار التفاوض معها بنفس الطريقة العبثية السابقة، والتي لم تنتج للفلسطينيين إلا استمرار الاحتلال والاستيطان والحصار والحشر في معازل، بل والتعرض لأبشع فظاعات الحرب…. فقد آن أوان لتجريب خيارات واستراتيجيات أخرى والتوقف عن ملاحقة السراب وأوهام السلام..فهل نحن فاعلون؟!
كاتب ومحرر في صفحة مكتوب.كوم