عبد الغفور ياتيب
في حياته الصاخبة والعريضة جدا .. عن القياس
في سنواته المعطاءة والموجزة .. طولا
في أيامه الموهوبة منه .. سلفا
للدفاع عن الكرامة المهدورة .. قهرا
**
كان ولا يزال معشوقا .. أوحد
للمثقفين وبقايا المتحسرين من شلة .. اليسار
على ما آل إليه مصير العالم بعد ذلك .. الاختراق
كان ملهما لذوي القضايا .. العادلة
وأملا لهم لتحقيق.. الانتصار
**
مذ غاب وأمثاله أولئك .. الفرسان
ذوو العزم عند الشدائد.. والاقتدار
استأسد الدهماء وعاثوا .. فسادا
كليا وغير مسبوق في .. الديار
قد رأينا كيف عبث .. اليمين
وكيف يمرغ مرحا.. في دماء الأبرياء وآلام .. الحصار
* *
“تشي غيفارا” أم القديس .. فوق العادة
لقوى التحرر من غلاة .. الاستكبار
ذاك الطبيب الذي آل على .. نفسه
تخليص الإنسان من جشع وحمق .. اللاإنسان
فتح .. فك ضفائر الحسناء .. “هافانا”
بمعية رفيقه الشاب آنذاك وعمدة النضال .. الآن
ثم لوى قاصدا تحرير البيداء .. والجوار
انطلاقا من عذراء الطبيعة وشواهق .. الجبال
* *
زهد .. عاف سرايا .. الوزارة
بما فيها من جواهر
وقاصرات الطرف .. المكتملات الجمال
استنكف أن يحتقر إخوانه .. الرجال
فيما قطع علاقته بوضاعة .. المعالي
وكل ما له صلة بالتراتبية.. والاستكبار
* *
كان مهوسا بالدفاع .. المستميت
عمن يعانون .. قصرا
من داء الحاجة المتـفرع عما .. اقترفه
دعـاة الأخـلاق وحسن .. النوايـا والمآل
كان تواقا لتطهير المسرح .. الفعلي
من عبث البورصة والبورصويين .. الأنذال
أدرك مبكرا أن تخلف .. قارته
سببه جيرته على .. الشمال
لذلك عقد العزم على .. إعادتهم
من الجنوب والوسط .. إلى الشمال
* *
في خطوة مستحبة ومشهود لها
أعاده الرفيق بعد طول .. انتظار
أعاده شامخا إلى ما تبقى من قلاع .. الرومنسية
وشـرف .. اليسـار
في حفل مشهود عقد له
على تربة معشوقته “هافانا” .. الصمود
في وجه الغلاة .. وقوى الاستعمار
**
في الوقت الذي تهاوت فيه .. تباعا
تمـاثيـل الطغـاة
نصب اللاتينيون له تمثالا منيفا .. مستحقا
يليق بالسادة .. الرجال
يهش من علياءه على الثعاليب .. العابثة
المختصة في قهر النساء .. والأطفال
* *
بكل عفوية وتلقائية تطبع .. صوره
على ما هو في ملك .. الجماهير
عبـر قارات .. المعمـور
بكل تلقائية يوشم الشيب .. والشباب
على الأذرع رمزية .. محياه
ذو الإيحاءات العظمى.. والدلالات
لم يتحلل جسمه النحيل بعد .. قضاءه
* *
كان بمثابة رأس حربة للمد .. اليساري
خلال عقدي الستينات والخمسينات
كان متنفسا .. جماهيريا
بعدما تبنى الغرب سياسة .. الاحتواء
كان بمثابة “كوموندو” .. تلقائي
لا يتقاضى أجـرا
يتواجد خلف خطوط عبدة الأشكال .. والأمبرياليات
كان بمثابة .. الرمـز
في زمن اختراق .. البروليتاريات
وشوكة حادة في جـزم .. الرأسماليات
كان يمثل ثقلا .. معنويا
لا يقل عن حاملات .. الطائرات
* *
إنه الطبيب الأوحد الذي شخص .. الداء
وتطوع ليكون هو نفسه .. أنجع الدواء
بخلاف رفيقه .. المقعد
بفعل ثـقل الأيام .. الحوالك
وانقلاب اللعبة لصالح .. أعدائه
ودع الفارس قبل أن يرى
استفراد الشيطان .. بضحاياه
* *
تشي غيفارا .. ذلك القديس .. اللاغيبي
في قارة مثلث الأرعن .. والشيطان
لم يزده الغياب القصري عن الساحة
إلا توهجا .. تحت وفوق .. المعتاد
استعصت ذكراه عن عبث .. التقادم
وكدمات السنين .. وإهمال الأيام
واستوطنت بأنفة كل .. ذاكرة
كـل ضمير .. يقظ
حيثما وجد .. الإنسان
كان متعففا كعادة .. الفرسان
كان مراوغا .. متبرما من الإطراء
كان قادرا على العشق .. السوي
بخلاف المثخمين .. والمكرشة عقولهم
**
لم يثر لأجل التمرد .. لم ينطلق من .. فراغ
أذهلته هوة الفوارق .. آنذاك
فما بالنا .. نحن الآن ..؟
فعقد العزم .. بيت النوايا ثم .. وثب
حاول التواجد في نفس .. الوقت
على تلال أكثر من .. جبهة
ووغى أكثر من .. مكان
كان مطلق الصلاحيات .. الثورية
في أزمنة تشييء .. القيـم
والإجهاز على الأسلوب والذوق.. السويَّين
————————–
هذيان فارس:
ما سليتك ويوم العاشق ألف
أخفه وزر يصحبه عذاب
إن تشيري بخنصر على التو
أجعل الرياح إليك ركاب
عبد الغفور ياتيب
الشاعر/ الكاتب الصحفي من المغرب