يواجه الرئيس الأميركي (باراك أوباما) انقساماً في آراء قادته العسكريين بشأن الانسحاب السريع من العراق، القرار الذي دافع عنه ضمن حملته الانتخابية. لكنّه أمر فعلياً بسحب 17,000 جندي، وإرسالهم الى أفغانستان، فيما حدّد (أوباما) نهاية السنة الحالية موعداً لانسحاب 4 ألوية أميركية من العراق. ويقول (روبرت بيرنز) المحلل السياسي في وكالة الأسوشييتد برس إن كبار مستشاري الجنرالات في بغداد، يضغطون من أجل تطويل مدة المكوث في العراق فيما يبدي مستشارون نافذون كبار في البنتاغون طاعة أكبر لإنجاز الانسحاب السريع. وعلى الرغم من أن (أوباما) لم يصدر قراره بهذا الشأن، إلا أن إعلانه الأسبوع الماضي إرسال ألوف الجنود الى أفغانستان، يدل على أن تخفيضاً في القوات الأميركية الموجودة في العراق –بلواءين في الأقل- سيتم في الصيف المقبل. لكن السؤال الذي لم يُجب عنه حتى الآن –كما يقول المحلل السياسي للأسوشييتد برس- هل سيتمسك (أوباما) بمدة الـ 16 شهراً ضمن الأجندة التي أعلنها؟. أم يختار طريقة أبطأ، تؤمن انسحاباً أقل خطورة، طبقاً لرأي قادة عسكريين يعارضون خطة أوباما!. ويفضل الجنرال (رايموند أوديرنو) قائد القوات الأميركية في العراق جدولاً أطول من الـ 16 شهراً لمغادرة العراق. وهو يرى أن سنة 2009 حيوية جداً بسبب الانتخابات البرلمانية التي ستُجرى في كانون الأول المقبل؛ ولهذا فإنه لا يريد أن يفقد أكثر من لواءين من أصل 14 لواء تنتشر الآن في العراق، حتى نهاية السنة الحالية. وهو يعتقد أن الجيش الأميركي يحتاج الى يبقى في العراق لسنوات مقبلة. والجنرال (بيتريوس) يميل الى رأي نائبه السابق (أوديرنو)!. أما الجنرال (ديفيد مكيرنان) قائد القوات الأميركية في أفغانستان، فهو يتجنب النقاش عن الانسحاب، لكنه يرى أن معركته لها أولية عاجلة، ليس فقط لمزيد من القوات، وإنما لطائرات المراقبة وللدعم المدني الشبيه بالذي طبق في العراق. ويقال في البنتاغون أن الرئيس (أوباما) وجه بسحب 17,000 جندي من العراق (من أصل 149,000) والتوجه الى أفغانستان (يبلغ عدد القوات هناك 38,000). وفي البنتاغون تسود وجهات نظر مختلطة، إذ يقول كبار القادة أن الجنود تعرّضوا للإجهاد، وأن المارينز على وجه التحديد يعيشون في وضع صعب. وهؤلاء يركزون على الحرب ضد الإرهاب في أفغانستان. ولم يعلن حتى الآن لا الأدميرال (مايك مولين) رئيس هيئة الأركان، ولا وزير الدفاع (روبرت غيتس) في ما إذا كانا يساندان خطة الـ 16 شهراً للانسحاب. لكن لهما وجهة نظر خاصة، والتي يعزونها دائما الى التهديدات التي يتعرّض لها الأمن القومي الأميركي!. ويقول (مولين): ((يجب أن نتخذ قرارات صعبة، حول الوقت الذي نقبل فيه المخاطرة)). وتشير الأسوشييتد برس إلى أن النقاشات الداخلية في البنتاغون تركز على الخروج بمسؤولية بدلاً من السرعة. أما (أوباما) فيجب أن يوازن كما يقول مقربون منه بين السياسية والأمن، وقالوا إن الرئيس الأميركي الجديد يركز على إنهاء التدخل الأميركي في العراق، مشيرين الى أن قلق قادته العسكريين في بغداد، يوحي بأن المكاسب الأمنية قد تتبدّد. ومن جانب آخر قالت الأسوشييتد برس إن (بيتر منصور) العقيد المتقاعد في الجيش الأميركي الذي عمل ضابطاً تنفيذيا للجنرال (بيتريوس)، والذي كان يشرف على قوات السورج الإضافية، يؤكد أن الاحتمال الأكبر أن يقرر (أوباما) سحب في الأقل 4 ألوية مقاتلة من العراق حتى نهاية السنة الحالية، لكنه يتمنى أن لا يصر الرئيس الأميركي على سحب كل الألوية الـ 14 خلال 16 شهراً. وأكد العقيد (منصور) قوله: ((إذا أمر الرئيس بذلك، فإن الجيش الأميركي يمكن أن يفعلها، لكن هل هذا الأمر مستحسن أم لا فهذه قصة أخرى. وقال في مقابلة تلفونية مع المحلل السياسي (روبرت بيرنز): ((بصراحة شديدة، أنا لا أعتقد أن الانسحاب السريع مستحسن، فهي مغامرة خطرة، وستزعج الحال السياسية في العراق كثيراً))!.