المقاومة العراقية لن تغلب بأذن الله
أ.د. كاظم عبد الحسين عباس
أكاديمي عراقي
يبدو من قراءة طروحات بعض الكتاب والمحللين السياسيين المحسوبين على صف المقاومة قلق مشروع تعاظم مع استلام باراك اوباما لمهام الادارة الامريكية. ومرد القلق الى القراءات والاستشفاف المختلف لتوجهات اوباما من جهة والى عوامل سايكولوجية ضاغطة تدفع البعض نحو الرغبة لتحقيق رؤيا تسجل له سبقا في التحليل في حالة تطابقها مع مخرجات سياسة البيت الابيض الجديد.
ويسقط البعض في تقديرات غير دقيقة لتداعيات اعادة هيكلة غير معلنة ولا منظورة للفصائل المختلفة تبدو في اطار القشرة الخارجية وكأنها ترسيخ لفرقة الفصائل وعدم توجهها نحو الوحدة الجهادية التي لا خلاف على اهميتها في هذه المرحلة. ويقينا ان هؤلاء لا يلامون لان الغاطس من حقائق مرحلة ما قبل وبعد انتخابات مجالس المحافظات ودخول الصحوات في اطار سياسي يلهث خلف مكاسب السلطة الزائفة بما يترتب عليه من حيثيات على الارض اضافة الى غاطس آخر ازعم انه نسغ متحرك افقيا بين مختلف الفصائل يتمثل بتغييرات تركيبية لا تؤدي بنتيجتها النهائية بالضرورة الى اضعاف المقاومة، بل قد يكون العكس صحيحا جدا لأنه قد يقود الى وحدة الزامية تتولد تركيبيا ومن داخل الوحدة الهيكلية ان لم تفرض وحدة الكيانات المتعددة حيثيات حصولها ولايمكن الخوض في هذا الشان الان وستكون الفترة القادمة كفيلة بالافصاح عنه او عن نتائج تترتب عليه .
ان الزعم بانخفاض كم العمليات العسكرية في هذه الفترة ليس دقيقا كما ان تعزيز كيانات الفصائل بانضمام جيوش جديدة لا يعني بالضرورة ان الاتجاه غير وحدوي وان البوصلة تغلب نحو جهة التمترس التشرذمي. نحن نرى ان العكس صحيح تماما فاضافة جيوش جديدة للفصائل قد يعني اتساعا افقيا في غاية الاهمية والضرورة فضلا عن كونه يعني اضافة قوة قتالية متجددة ضرورية لخوض معارك التحرير الكبرى المنتظرة. ونحسب ان ايغال من هم خارج الساحة بالاستنتاجات والتحليلات والتباري في طرح الرؤى غير المتناسقة مع معطيات الداخل سيضر باعلام المقاومة حتى ولو من غير قصد الاضرار .
لا يختلف اثنان ان ايجاد صيغة لقاء لولادة وحدة سياسية وقتالية لجميع الفصائل يجب ان يتجاوز عنق الزجاجة حيث سمعنا الكثير عن لقاءات تشاورية غير ان الهدف الاسمى والاغلى على نفوسنا ما زال خارج المنظور والطافي على السطح على الاقل، ونأمل ان يكون مؤتمر الجبهة الوطنية والقومية والاسلامية القادم خلال اسابيع فرصة للخطو بثبات نحو اعلان وحدة المقاومة. وان ترى نتائج الاتصالات المكثفة التي تمت والجهود التي بذلت ثمارا يريدها جميع العراقيين لانها هي الطريق المناقض للتقسيم العرقي والطائفي لبلدنا القائم على الار
ض الآن والذي تقاتل جميع الفصائل ضده لانه الوليد الاحتلالي الاخطر والاقذر. كما ان وحدة الفصائل المقاومة التي ما عدنا نرى أي مسوغ لتاخر اعلانها الاّ اللهم النفس الطائفي والتكفيري الذي يحمله البعض والذي لا يستوي ابدا مع الروح الجهادية ومع اهداف التحرير وان التغلب عليه صار امرا في المتناول بعد ان نضجت الاتجاهات السياسية الوطنية والقومية والاسلامية مع اتضاح ادوات الاحتلال وعملاءه وتوجهاتهم .
اما الحديث عن توجهات اوباما لاجبار الحكومة العميلة على تجاوز معضلاتها وتأسيس عراق واحد مركزي وحكومة منسجمة وايقاف عجلة التقسيم البايدنية بيد بايدن نفسه وصفع الاكراد بما يجعلهم ينتبهون الى عراقيتهم اكثر من ركوب حصان الاعتماد على جدران العمالة للحصول على ضمانة الاسرلة الصهيونية فهذه كلها صحيحة ومعلنة لكنها يجب ان لا ترهب كتّاب المقاومة في الخارج وتدفعهم الى تبني مواقف قد تضعف المد المعنوي المقاوم او يؤسس عليه من قبل مخابرات الاعداء فثمة حقيقة ميادينية ان الامريكان لن يسلحوا الجيش العراقي المزعوم بالة حربية تشكل خطرا عليهم ما داموا متواجدين على ارض العراق ولاي مدى زمني قادم حتى لو اعلنوا عن صفقات سلاح فانها لن تعبر باب غرفة جنرال امريكي ينام في المنطقة الخضراء واحذيته موجهة نحو مكتب وزير الدفاع العراقي احتقارا واستهانة . انها مجرد اعلانات للتمويه على ملايين الدولارات التي تدفع كرشاوي من العملاء الخونة للجنرالات لكي لايسوغوا فكرة الانسحاب للبيت الابيض.
ان علينا ان نتعامل مع تصريحات اوباما واقطاب ادارته بمستويين على ما اظن:
الاول: ان علينا ان نتوقع المكابرة التي توحي بقوة الموقف الامريكي. ان قدر اوباما ان يركب حصانا تضاءلت عنده طاقة الحركة والقدرة المرنة على الحركة غير انه راكب الحصان الامريكي وبياض وجه اميركا راكب راس اوباما ايضا ولا يلام على ذلك قطعا فذلك واجبه الوطني . ان تصريحاته وتوجيهات ادارته الى الحكومة العميلة هي اكبر دليل على انهم يسحبون اليد من العراق ولكن تدريجيا وبالطريقة التي فرضها واقع الحال العراقي. ومن البديهي ان ينفخوا في قربة الحكومة المثقوبة بألف ثقب ولكننا اكثر من يعرف ان تناقضات اطراف الحكم العميل اكبر واوسع واعمق من ان تلم. والخلافات بين الاحزاب والمليشيات لا يمكن ان تحل بأوامر خارجية ولا حتى بتخويف معلن من نتائج عدم التوافق. نحن نعرف يقينا ان التوافق التام بين هذه الاحزاب هو مصطنع ومفروض ولذلك نرى انها تتباعد بهذا القدر او ذاك مع تخفيف قبضة اميركا على راسها واتجاهات حركتها. ولقد نوهنا مرارا وتكرارا الى ان الائتلاف الشيعي مثلا هو ائتلاف مؤتلف بقوة الحوزة وايران وان تجربة الميدان قد قوضت العديد من اوراق الضغط الايراني والحوزوي وافقدتها قوة الفعل مثلما لاحت ملامح تهالك رد الفعل عليها.
المستوى الثاني: ويتعلق طبعا بالجانب الامريكي
سأضع امام القرّاء الاعزاء الحقائق التالية التي ننتهي منها الى ان محنة اميركا الاقتصادية اعمق واخطر مما يتصور البعض:
*ولاية كاليفورنيا تجبر موظفيها على طرد جزئي ليومين في الشهر.
*مقاطعة RIVERSIDE على ابواب تسريح ما يزيد على 25000 معلم ابتدائية.
*اعلنت شركة GMC افلاسها شبه التام.
* اعلنت المخابرات المركزية الامريكية عن تغيير اولوياتها من مراقبة القاعدة بما تشتمله العملية من متطلبات مالية الى كيفية تفادى الازمة الاقتصادية وفقا لراديو (NATIONAL PUPLIC RADIO)
* الاعلان عن ان مبلغ تنشيط الاقتصاد الذي اقره الكونجرس قبل ايام وه
و 780 بليون دولار لا يفي بمتطلبات التنشيط وما هو الاّ جزء يسير من القوة المالية المطلوبة لايقاف حالة التداعي وعبور الازمة المالية FINANCIAL CRISES.
ما ننتهي به هنا ان الازمة الاقتصادية حقيقية وليست مفتعلة كما قلنا وقال سوانا عندما ارغم بوش السفاح وادارته للاعلان عنها للتملص من المسؤولية ولكي ينتقموا من الشعب الامريكي الذي قدروا خطأ انه سيسندهم في مسيرتهم التي تضع الكيان الصهيوني وحماية امنه ووجوده فوق حاجات ومصالح اميركا. ان الازمة الاقتصادية الخانقة في اميركا وتداعياتها العالمية هي نتيجة معروفة وليست نتيجة استنتاجية عن خسائر اميركا في العراق اولا وافغانستان ثانيا. وان الادارة الامريكية وعلى راسها اوباما يدركون جيدا ويعرفون اين يكمن الحل.
وعلى الجميع ان يدرك ان اميركا قد جاءت الى العراق لكي تبقى, غير انها ايضا قد اسست هذه سياسة البقاء على معلومات وارضيات ثبت لها الآن انها خاطئة بل وكارثية. ان قرار الاحتلال الطويل الامد قد اصطدم بوقائع وحقائق غير تلك التي وضعتها المخابرات امام ادارة بوش بل لقد كان حساب الحقل غير حساب البيدر تماما والطرف الذي قلب كل الحسابات هي المقاومة العراقية التي لم يضعها عملاء اميركا ومخابراتها في الحساب.
واخيرا نقول لمن يعتقد ان اعلام المقاومة الذي خاطب اوباما بانه ليس خاطئا في مخاطبته بالضرورة .. لان الطرف الذي ستتفاوض معه المقاومة المنتصرة باذن الله هو اوباما وادارته بعد ان تصل اميركا الى قرار عجزها القطعي النهائي، ثم ان مئات الافواه والاقلام كانت تتبجح بعدم وجود مقاومة ولا تمثيل سياسي لها .. وعليه فان الاعلان عن استعداد من اسقط اميركا في محنتها عن نفسه وكياناته السياسية هو من باب استغلال فرصة الاعلان تزامنا مع استلام الادارة الجديدة وليس لغرض القاء السلاح او تقدير الامور بشكل خاطئ وان كان هناك جيش او اثنين قد اتعبها المسير فانها لن تغير شيئا من قوة المقاومة التي تبلغ جيوشها الان اكثر من سبعين جيشا. ثم علينا ان لا ننسى الاختراق المخابراتي الامريكي الفارسي هنا وهناك ومعه يجب ان لا نؤسس على كل تصريح او بيان من هذه الجهة او تلك. ونرى ايضا ان على اقلام المقاومة ان لا تتوقف كثيرا امام المطبخ الاردني. ونحن نستغرب ممن يتحدث عن قواعد امريكية محصنة بعد الانسحاب لاننا نعرف ان ارض العراق لن تكون محصنة امام الغزاة حتى لو وضعت حولها جبال وليس كتلا كونكريتية فقط. وتحصين المنطقة الخضراء اكبر دليل على كلامنا هذا.
في هذه الاثناء ندعو فصائل المقاومة الى التوحد لانه تمثيل للعراق الموحد المنتصر والى توسيع عملياتها النوعية وصولا الى معارك التحرير الكبرى التي ندري ان صدور النشامى وعقولهم تتطلع بشغف وحب عراقي عروبي مسلم اليها. وان غدا لناظره لقريب.