كشف “المستور” حماقة كبيرة يقع فيها الزوجان وتشكل منعطفاً حاداً في علاقتهما فيما بعد، وليس إنجازاً رائعاً أن أحد الزوجين يبحث عن أخطاء الآخر خاصة في الماضي، فبدافع الفضول تريد الزوجة فتح سرداب الأسرار في فترة ما قبل الارتباط، والزوج بدافع “الفلانتينية” أو من باب التخلص من “الزن” يعك ويرغي، والنتيجة تنقلب المودة إلي فتور، والحب إلى نفور، ثم يتهاوي جدار الثقة ويحل الشك ضيفاً دائماً ولربما اندس بينهما في الفراش.
ولا يشفع للزوج سنوات طيبة ونظيفة قضاها مع زوجته، كما لا يشفع ما بينهما من أطفال ، ولربما ولضغط المصلحين من الأهل أو الأصحاب المخلصين سامحته ظاهراً جبراً للخاطر، ويظل هاجس وقوع زوجها في الخطيئة مثلما حدث في سن المراهقة أو ما بعدها يلاحقها مثل الشبح، كلما نظرت في عينه أو فتحت خزانة ملابسه أو اشتمت عطره.
وتتفاقم المشاكل على أتفه الأسباب وتثور الزوجة على أهون شئ، وينقلب عش الزوجية بين عشية الاعترافات وضحاها إلى “جوانتانامو” لا يمكن الاستمرار بين أسواره التي تمددت في قلب الزوجة مثل سور الصين العظيم حتى ينتهى الأمر إلى طلب الطلاق أو التلميح به.
أزواج تحت المراقبة..!
عزيزي الزوج إن الساتر لعيبه قد استحى من الله ومن الخلق، ولهذا هو حسن الظن بربه يرجو المغفرة، وأما الذي يهتك ستر الله عنه فهو غير مراقب لله، ولم يستح من أحد، فهو بعيد عن التوبة، وعن المغفرة.
وقبل أن تهتك ستر الله عليك وتنخرط في سيمفونية من الحمق جرك إليها فضول زوجتك، اسأل نفسك أولاً ما العائد من وراء فضح نفسك أمامها، وهل من الأفضل أن تحكي ما قد ارتكبته من أخطاء وأنت ضعيف الإيمان؟!
بالطبع لا نقرك على ذلك ونرفع في وجهك شارة “قف ” قبل أن تفعل وتقع الفأس في الرأس، يقول حبيب الله صلوات ربي وسلامه عليه فيما أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة:” كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من الجهار أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله تعالى فيقول : عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه”، وعلى الزوج أن يستر نفسه فإذا وقع في ذنب وستره الله ألا يهتك ستر الله عنه، بل عليه أن يتوب ويتم ستر الله عليه ويطبق شفتيه جيداً .
وهل تظن عزيزي الزوج الأحمق أن ما تحكيه يرفع من رصيدك وفحولتك أمامها، أو يحولك إلى “فلانتينو” عصرك و”دنجوان” المجموعة الشمسية؟!، بالطبع كل ذلك هراء وضرب من سخف طفولي لا يعود عليك إلا بالشر، تماماً مثل الذي حضر العفريت وجهل كيف يصرفه..!
الأفضل لك عزيزي الزوج أن لا تفعل ذلك على الأقل حتى تبقى نظرة زوجتك إليك جيدة, ومع ذلك فحتى لو صارحتها واعترفت بأخطائك أو بخطاياك كلها قبل الزواج ، فإن المرأة لا يقلقها
ماضيك بقدر ما يقلقها أن تعيد الكرة ثانية، ولسان حالها يقول:” ومن يضمن انك لن تفعل” وتظل تكرر ما ورثته عن مجتمعها “ذيل الـ….عمره ما يعتدل ولو علقوا فيه قالب”.
ولربما تسامحك زوجتك فيما مضى من حياتك ، إلا إنها ستضعك تحت المراقبة وفي دائرة الاشتباه لتدمر كل شيء فوق رأسك الوديع إذا شكت أنك قد ارتكبت ولو خطئاً بسيطاً فيما بعد ذلك..فتأمل يا “فلانتينو” يرحمك الله..!
وللزوجة عتاب
تقول الحكمة ” من فتش القمامة..ستضره ريحها” وها أنتِ قمتِ بارتكاب خطأ كبير حين دفعت زوجك إلى كرسي الاعتراف ، وهل تظنين أن هذا إنجازاً يحسب لكِ؟!، فكري ولو قليلاً في مرارة ما بعد الاعتراف.
أخطاء الرجل مثل البصلة إذا قشرتيها ستدمع عيناك، ومع أن الصراحة من أهم ركائز العلاقة الزوجية الناجحة، إلا أن كشف هذه الأخطاء على وجه التحديد أثناء مسيرة الحياة الزوجية يجعلك تشعرين بأن زوجك قد خدعك عن سابق إصرار وتصميم.
وليس من العقل أن تهترئ صورة زوجك أمام نفسه أولاً ثم أمامك بمحض إرادتك، هذا الإهتراء سيؤدي في النهاية إلى جبل من الجليد يحل في قلبيكما ومن العسير أن يرتحل .
وقبل أن تحمليه على الاعتراف تذكري نصيحة الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه: “من ابتلي من هذه القاذورات بشيء فليستتر بستر الله.. “، وعليه يجب أن تمنعي نفسك عن هذا الفضول الذي لا يأتي بخير، واعترفي أنك أخطأت في حق زوجك حين دفعتيه إلى كشف ما ستره الله.
تخيلي الآن أنك واقفة في حضرة الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه، وقد نهاك ناصحاً نصيحة الوالد المشفق بالامتناع عن تعقب أخطاء زوجك في الماضي، بل ومنعه إن حاول أن يحكي لك شيئاً من حماقات طويت وعفا الله عنها في الدنيا.
ولك أسوق هذه القصة فقد روى وكيع في الزهد عن أبي الشعثاء قال كان شرحبيل بن السمط على جيش فقال: إنكم نزلتم أرضاً فيها نساء وشراب، فمن أصاب منكم حداً فليأتنا حتى نطهِّره، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فكتب له: لا أم لك تأمر قوماً ستر الله عليهم أن يهتكوا ستر الله عليهم..!
ولهذا كان من هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه إذا جاءه من يقر على نفسه بذنب أعرض عنه حتى يكرر السؤال، ثم يلقنه الحجة في رفع الحد عنه، فقال لمن جاءه وهو يقر على نفسه بالزنى :”لعلك قبلت، لعلك غمزت”، وقال لمن شهد على نفسه بالسرقة :”لا أخالك سارقا” ونحوها، علَّه أن يذهب فيتوب ويستر على نفسه فيتوب الله عليه.
والزوج شأنه شأن أي رجل معرض في حياته للخطأ والزلل، فلو طالبناه بفضح كل خطيئة في حياته لاستمرأ الخطأ وقل حياؤه، ولهذا كان من ستر الله للعبد أنه إذا فعل المعصية واسترجع، تاب الله عليه وستره في الدنيا وذكّره بها يوم القيامة ثم يعفو عنه.
ومن المعلوم أن المحب يتغاضى عن زلات المحبوب ويتجاهلها حتى لا تنطفئ جذوة الحب، وهذا يعني أن الزوجة التي تبحث عن أخطاء زوجها هي في الأصل لا تحبه بشكل صحيح، لأنها تحبه حباً غير رحيم..حب استيفاء وليس حب وفاء.
أيتها الزوجة عليك نسيان كل ما سمعته من زوجك، وعليك وعليه أيضاً التوقف عن كل ما يكشف عيوبكما لبعضكما البعض.
أغلقوا صفحة الماضي
ليس زوجك الوحيد الذي أخطأ، لكنه كان الوحيد الذي اعترف فانظري إلى نصف الكوب المملوء، واعتبري اعترافه توبة ثانية عن غلطة قديمة وهو قد أخبرك من باب الحديث عن ماض انتهى، ولو أنه لا يزال على معصيته لما أخبرك فلا تخسريه وأغلقي الماضي.
وهذا بعض ما يؤدي إليه كشف “المستور” بين الزوجين:
– يحوِّل العلاقة من تراحم وحب إلى تحد وبغض.
– يوسع دائرة الشكوك مما يهدد استقرار الأسرة .
– يؤسس مشاعر سلبية بين الزوجين.
– يفتح باب المعايرة بين الزوجين عند كل مشكلة.
– يسقط الهيبة ويجرئ الزوجين على بعضهما.
– يفتح باب الغيرة الزائدة نتيجة عدم الثقة ويسبب الطلاق.
– يدعم سوء الظن بين الزوجين .
– يجرئ الرجل على المجاهرة بالمعصية ومعاودتها في العلن.
—
أسامة عبد الرحيم
صحفي مصري
Osama Abdul-Rahim
Egyptian Journalist
0020105276035