العلاقات بين قناة ‘الجزيرة’ والرئيس الفلسطيني محمود عباس لم تكن جيدة على الاطلاق، وازدادت سوءا في العامين الماضيين على وجه التحديد عندما اتهم الرئيس عباس القناة بالانحياز الى حركة ‘حماس’، ومنع دخولها الى مقره في مدينة رام الله، وتردد انه اوعز لجناح في حركة ‘فتح’ باصدار بيان ضدها وصفها بانها ‘جزيرة الفتنة’.
وحسب صحيفة القدس العربي، فإن الرئيس عباس زار الدوحة مساء الاربعاء الماضي، والتقى اميرها في اليوم التالي، وهو ليس غريبا عليها، فقد قضى فترة طويلة من حياته مدرسا في احدى مدارسها، واقام فيها عدد من ابنائه، خاصة ابنه البكر مازن الذي انخرط في اعمال تجارية، ولكنه انتقل الى الرفيق الاعلى قبل سنوات.
صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في السلطة رافق رئيسه في هذه الزيارة، ودعته ‘الجزيرة’ ليكون ضيفا في برنامجها ‘حصاد اليوم’ للتعليق على مسألة الحوار الفلسطيني الداخلي واستئنافه، علاوة على مسائل اخرى. الدكتور عريقات اقترح على مدير عام المحطة وضاح خنفر ان يرتب لقاء ‘مصالحة’ و’مصارحة’ بين المحطة والرئيس عباس، فرحب الاخير بالفكرة فورا. توجه وفد من قناة ‘الجزيرة’ يضم السيد خنفر ورئيس التحرير احمد الشيخ، وعددا من مقدمي البرامج بينهم محمد كريشان الى مقر اقامة الرئيس الفلسطيني بناء على الترتيب المذكور.
الرئيس عباس كان ‘عابسا’ معظم فترة اللقاء الذي استمر اكثر من ساعة في جناحه بالفندق، حيث كان يرافقه ايضا احد ابنائه، وبادر اللقاء بالهجوم على ‘الجزيرة’ واتهامها بانها منحازة للاخوان المسلمين وحركة ‘حماس’.
السيد خنفر رد بان هذا الكلام غير صحيح، فالقناة بثت 59 مقابلة لمسؤولين في السلطة وحركة ‘فتح’ طوال الاسابيع الثلاثة من عمر العدوان الاسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، هذا غير المؤتمرات الصحافية وغيرها.
الرئيس عباس اعترف بان المحطة قامت بجهد كبير تشكر عليه اثناء عدوان اسرائيل على غزة، ولكنه يتحدث عن الامور بشكل عام، وقال انها لا تتحدث عن اعضاء ‘فتح’ الذين ‘ينطخون’ في ركبهم. فرد عليه احمد الشيخ بالقول ان المحطة عملت اكثر من تقرير حول هذه الانتهاكات، كما خصصت حلقة من برنامج ‘ما وراء الخبر’ عن الموضوع نفسه.
الرئيس عباس عاد الى الهجوم مرة ثالثة او رابعة، وقال انتم في الجزيرة تضفون الشرعية على حكومة ‘حماس’ في غزة، ولا تقولون عنها ‘الحكومة المقالة’، فرد عليه السيد خنفر بان ‘الجزيرة’ هي صاحبة ‘اختراع’ التعبير الاخير، واول من استخدمته حتى قبل تلفزيون فلسطين الرسمي التابع للسلطة.
السيد احمد الشيخ قال للرئيس عباس معقبا انك، اي الرئيس، لا تشاهد ‘الجزيرة’ وبرامجها فيما يبدو، فرد عليه الرئيس عباس بانه لا يشاهدها فعلا، ويرفض ان يعطيها اي مقابلات، فقال له اذن مبروك عليك القنوات الاخرى.
محمد كريشان مقدم البرامج المعروف في ‘الجزيرة’ اراد ان يوسع دائرة الحوار، وقال للرئيس عباس بلغة دمثة، بان الرئيس ياسر عرفات كان يشارك في جميع اللقاءات التي تعقد بشأن فلسطين، فكيف تقاطع مؤتمر قمة الدوحة حتى لو كان اجتماعا لعدد من الرؤساء العرب، فالتزم الرئيس عباس الصمت ورفض الاجابة.
حاول زميل آخر من الجزيرة ان يعرج بالحديث عن قادة حركة ‘حماس’ وبالتحديد خالد مشعل وموسى ابو مرزوق وآخرين، واسباب رفضه مقابلتهم، فرد بعصبية انه لا يقابل هؤلاء، ويترك مقابلتهم لصائب عريقات او غيره، اي انهم بمعنى آخر ليسوا بمستواه مثلما فهم الحاضرون.
الهدف الاول من اللقاء اي ‘المصارحة’ تحقق فعلا، فقد كان اللقاء صريحا وتعرف الجانبان على آراء ومآخذ بعضهما البعض، ولكن الشق الثاني اي ‘المصالحة’ فلم يتحقق ، فقد استمر الرئيس عباس على عناده في مقاطعة قناة ‘الجزيرة’ حيث رفض اعطاءها لقاء خاصا، ولم يعد برفع الحظر عن دخول اطقمها الى مقر المقاطعة في رام الله.
السيد خنفر همس الى احد زملائه بان اللقاء نجح على الاقل في ‘كسر الجليد’، انتظارا لجولة اخرى ربما اثناء قمة الدوحة المقبلة!