فى واحدة من أهم الندوات السياسية التى عقدت فى مصر مؤخرا ومع بداية موسمه الثقافى الجديد عقد مركز يافا للدراسات والأبحاث بالقاهرة ندوة هامة بالأمس تحت عنوان [سقوط المبادرة: الأسانيد السياسية والقانونية لعدم جدوى مبادرة السلام السعودية بعد مجازر غزة] تحدث فيها رموز العمل السياسى والاستراتيجى العربى ، وشاركت فيها العديد من الفاعليات الإعلامية والقانونية، وخلصت الندوة إلى جملة من التوصيات والنتائج المهمة كان أبرزها:
أولا: إن ما سمى بمبادرة السلام العربية التى طرحها ولى العهد السعودى (الملك الحالى) عام 2002 كانت بالأساس فكرة أمريكية / إسرائيلية مضمونا وأهدافا حيث وضعها الكاتب الأمريكى اليهودى المعروف / توماس فريد مان، وقدمها للمخابرات السعودية من خلال بندر بن سلطان الذى كان سفيرا لبلاده فى واشنطن والمعروف بعلاقاته الوثيقة مع المخابرات الأمريكية، وقام (الملك عبد الله بن عبد العزيز) بتبنيها تصورا منه أن ذلك سيزيد من الرضا الأمريكى عليه وعلى بلاده بعد أن أثارهم مشاركة 15 إسلامى سعودى من تنظيم القاعدة فى أحداث واشنطن ونيويورك عام 2001.
ثانيا: أكد المشاركون فى الندوة أن إصرار السعودية على التمسك بهذه المبادرة وترويجها إعلاميا رغم المجازر الصهيونية ضد المسلمين منذ إطلاقها عام 2002 لهو إهانة بالأساس لمقدسات مكة التى يشرفون عليها، فضلا عن كونه إهانة للفلسطينيين ولدمائهم الطاهرة فلقد ارتكبت إسرائيل طيلة الفترة منذ 2002 (عام إطلاق المبادرة) وحتى اليوم 2009 المجازر التالية (مجزرة جنين 2002 – اغتيال أحمد ياسين والرنتيسى والمئات من القادة الفلسطينيين 2004، 2005 – الحرب العدوانية على لبنان 2006- الحصار القاتل على الشعب الفلسطينى 2007، 2008- العدوان على غزة يناير 2009) إن هذه المجازر والاعتداءات كانت بمثابة رد عملى على أوهام الملك عبد الله والفريق المتصهين فى السعودية، ورغم ذلك أصروا عليها وتمسكوا بها وهو الأمر الذى يؤكد أن هدفهم وغايتهم ليست الحقوق الفلسطينية والعربية بل هو خدمة إسرائيل وأمريكا والعمل من أجل مساندة احتلالهم للبلاد العربية وفى مقدمتها القدس وهذه هى فى الواقع الفضيحة التاريخية للنظام السعودى منذ إنشاء مملكتهم عام 1932 وهى تتجدد كل حين من خلال سياسات محددة كان أحدثها وأخطرها هى هذه المبادرة للسلام التى أكسبت إسرائيل مشروعية وقبولا رغم مجازرها وإجرامها التاريخين.
ثالثا: طالب المشاركون فى الندوة ، بحتمية العمل العربى الرسمى والشعبى لاسقاط هذه المبادرة التى أضحت (مبادرة خيانة) وليست (مبادرة سلام) ، مبادرة لخدمة العدو وليست مبادرة لنصرة الشقيق، ومن العار الاستمرار فى الدعوة إليها خاصة بعد صعود اليمين الصهيونى إلى الحكم فى إسرائيل كرد عملى على تهاون وضعف، وتخاذل أنظمة الاعتدال (الأدق لفظا هو أنظمة الاعتدال) العربى، والتأكيد على أن الطريق الصحيح والوحيد لاستعادة الحقوق العربية فى فلسطين واسترداد القدس وعودة اللاجئين؛ هو طريق المقاومة بمعناها الشامل (السياسى- الثقافى- الاقتصادى- العسكرى) وأن بأيدى العرب عشرات الأوراق للضغط على أمريكا وإسرائيل فى مقدمتها ورقتى النفط والمقاومة والتى فى إمكانها تحطيم العدو ومحاصرته إن ارادوا وإن تخلى البعض منهم وفى مقدمته (النظام السعودى) عن نهج الخيانة والتسوية مع العدو الصهيونى الأمريكى.
* جاء ذلك فى الندوة الهامة التى قدمت فيها ستة أبحاث رئيسية للباحثين (أ. عبد القادر ياسين – أ. وليد الغمرى- أ. محمود جابر- د. فتحى حسين- أ. إيهاب شوقى- أ. محمد قاياتى) وتحدث فيها محاضرا ومعقبا لفيف من السياسيين والإعلاميين والخبراء الاستراتيجيين، من أبرزهم السفير محمود كريم (أول سفير مصرى لدى السلطة الوطنية الفلسطينية فى بداية التسعينات) – أ. عبد القادر ياسين (المؤرخ والكاتب الفلسطينى المعروف) – أ. أحمد عز الدين (الكاتب القومى البارز)- لواء د. أحمد الزيادى (الخبير الاستراتيجى)- أ. فاروق العشرى (أمين التثقيف بالحزب الناصرى) – د. عبد الرحمن القاعودى (أستاذ الشريعة بالأزهر)- أ. خالد محى الدين (الباحث السياسى)- د. ناهد سليمان (ناشطة سياسية)- د. عواطف أبو شادى (أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية)- د. عبد الصمد الشرقاوى (مفكر سياسى)- د. شريف عبد الرحمن (كلية الإعلام جامعة القاهرة)- د. على أبو الخير (باحث وإعلامى)- والعديد من السياسيين والإعلاميين المصريين والعرب وأدار الحوار د. رفعت سيد أحمد ( المدير العام لمركز يافا للدراسات والأبحاث بالقاهرة) .