ذ.محمد زمران
بحثت طويلا .. قبل أن أتناول هذا الموضوع، لأجد على الأقل سببا واحدا .. ومبررا في نفس الوقت، يدفع قناة تلفزية تحترم أذواق مشاهديها الذين يدفعون المقابل على ما يشاهدونه عبرها، والتي من حقهم عليها خدمتهم على أحسن وجه، فلم أفلح في ذلك.
ربما يتساءل القراء عن سر هذه المقدمة وهم في حيرة من أمرهم، لهذا أحيلهم سريعا على القولة التالية: ” إذا ظهر السبب بطل العجب ” والحديث يعود هنا على القناة التلفزية الأولى المغربية التي لازالت في عصر التكنلوجيا الحديثة فاتحة أبوابها على مصراعيها لتستقبل كل من هب ودب، وكل من ( طنطن عليه رأسه) وأوحى إليه شيطانه بأنه فنان كوميدي، رغم أن الكوميديا كما هو متعارف عليه نوع من أنواع التمثيل، وهي فن شعبي قريب من الجماهير، بحيث تكون مواضيعها من صميم الحياة العامة لهذه الجماهير وهمومها واهتماماتها، وهي السلاح الضعيف في مواجهة الطغاة والفساد، وقد استخدم الأدباء قديما فن السخرية ليربوا في الناس ملكة النقد، ويوقظون فيهم الوعي بأخطائهم، ويعالجون عن طريقه أوجه القصور والسلبية في أمور حياتهم، فهم بها يدفعون المتلقي إلى الضحك والسخرية من كل ما يخالف الطبيعة الإنسانية السويّة، فيتهكمون من المغرور، والمغفل، والجاهل، ويستهزؤون من البخيل، والجبان، ويمكنها أيضاً بأن تكون تلك النكت التي يقولها الناس لبعضهم البعض، أو القصص المضحكة التي عمل على حكيها الأولون، والتي تجعل الموجوع من ألمه يضحك ويعيش واقعه بضحكة تخفف عنه آلامه، ولكن نجد الآن أن بعضهم فرضوا على المتلقي المغربي ماأسموه ب. الثنائي، وأقل مايمكن أن يقال عن هذا الأخيرأنه يعكر الجو العام للمشاهدين، وذلك من جراء ما يسمعونه من كلام، وما يشاهدونه من حركات هي بعيدة كل البعد عن الكوميديا أو الفكاهة الهادفة، وقريبة جدا من الكلام والحركات الزنقوية الرخيصة.
ومما يزيد الطين بلة هو أن بعض معدي البرامج بالقناة المشار إليها أعلاه، يسمحون لأنفسهم بتضخيم الأشياء، ويعطون للذين أنا بصدد الحديث عنهم إطارا أكبر من حجمهم، كتسميتهم على سبيل المثال ب. نجوم الكوميديا والفنانين الكبار وأسماء أخرى يضيق المجال لذكرها، وبهذا يفسحون لهم المجال لإفساد أذواق المشاهدين، وإلا فما معنى أن تتفضل القناة بالعمل على إدراج وصلة اشهارية بصفة مستمرة لحث الشباب على الالتحاق ببرنامج كوميديا لهذه السنة، تعمل من خلالها على السماح للثنائي (ادريس والمهدي) الذي لانعلم الشيء الذي يجمعه مع الفكاهة، – اللهم إلا لحاجة في نفوس أعضاء – (لجنة التحكيم) التي قلت فيها سابقا – قليل- مما تستحق، أجل تكرر (القناة) ظهور الثنائي الذي سئم النظارة من رؤيته لعدم تجربته وكفاءته في ميدان الفكاهة، حتى أن أحد الظرفاء جاد بتعليق له قائلا: ” التلفزة كتتعلم الحسانة في روس المغاربة “ إذن أي فن أتى به هذا الثنائي المبتدأ غير التهريج (وصداع الراس) وإحراج أفراد العائلات واستفزازهم، كلما طل عليهم من الشاشة الصغيرة.
فحبذا لو فرضت إدارة القناة الأولى بعض الشروط التي من شأنها أن تحد من تهورات بعض المحسوبين على الميدان الفني ظلما وعدوانا، وبعض المهرجين لتعفي مشاهديها من اللقطات التي لاتفيد، وتترفع بذلك عن عرض ما يخدش الحياء العام، وزرع التفرقة بين أفراد الأسرالمحافظة، وتحاول ماستطاعت جذب أنظار المزيد من المشاهدين الذين حسب ما يتضح يوما عن يوم بدؤوا يعزفون عن متابعة برامجها، خشية اصطدامهم بمشاهد لاتمت للفرجة بصلة.
وجدير بالإشارة .. أنه لما انتقدت سابقا لجنة التحكيم التي أشرفت على انتقاء ( الكوميديين المزعومين)، خلال الدورة الأولى من برنامج كوميديا، الذي يعد المعنيان بالأمر من خريجيه ياحسرة..! فقد توصلت بسيل من رسائل اللوم من بعضهم ( فنانون .. وجمهور القراء ) وهاقد حان الوقت للرد عليهم، لذا .. أجدني انتهز هذه الفرصة لأقول لكل أولائك الذين وجهوا بالأمس اللوم، وأولائك الذين تحملوا المشاق لإرسال رسائل خطية .. وأخرى قصيرة عبر هاتفي المحمول، تحمل في طياتها كل أنواع القسوة .. يعيبون علي التحامل على لجنة التحكيم وعلى المتبارين، أننا ياسادة لانستطيع أبدا مهما حاولنا أن نتصور ازدهار فن من الفنون دون أن يكون هناك نقد .. وفن الكوميديا خاصة أشد حاجة إلى النقد من غيره، لأن الشخصية في التمثيل من السمات البارزة للممثل أو الفكاهي .. وضمانة مضافة لنجاحه وتأثيره على المتلقي، وانعدام الشخصية في الكوميدي يحوله إلى مومياء تتحرك، بل الى مجرد أصنام بدون وعي ولااحساس، وأوصاف كهذه لامحالة تنطبق على سعادة (الثنائي) الذي حشر في الميدان الفني دون سابق إعلام، وقديما قيل.. للخلود في الوسط الفني وتصدر سجل التاريخ، 
60;يتوجب على أهل الفن ببلادنا أن لاينسوا كشف الحساب .. ومراجعة الذات من حين إلى آخر، وهكذا نكون جميعا قد حاسبنا أنفسنا قبل أن يحاسبنا الزمن على كل تقصير.. لأن حساب الزمن شيء عسير، والفنان الذكي هو الذي يستطيع أن يقدم العمل المناسب في الوقت المناسب، ورحم اللـه من عرف قدر نفسه.
60;يتوجب على أهل الفن ببلادنا أن لاينسوا كشف الحساب .. ومراجعة الذات من حين إلى آخر، وهكذا نكون جميعا قد حاسبنا أنفسنا قبل أن يحاسبنا الزمن على كل تقصير.. لأن حساب الزمن شيء عسير، والفنان الذكي هو الذي يستطيع أن يقدم العمل المناسب في الوقت المناسب، ورحم اللـه من عرف قدر نفسه.