شعر ناصر ثابت
سأخرجُ منكِ
لكي تخرجي يا حبيبةُ مني
ويخرجَ هذا الفَراشُ الربيعيُّ من شفتينا
سنأخذُ حِصَّتنا المستحيلةَ من كعكةِ الحبِّ
سوفُ نعدُّ لموعدنا ما يليقُ به من كلامٍ
يطيرُ بلا أجنحةْ
الى قمر مُلهمٍ وفتيّ
وسوفَ نسيرُ كما يفعلُ الشعرُ
فوقَ الفراغِ الذي قُدَّ من سُحُبٍ كالرحيل البهيّ
خُلقنا
لكي نرتقي بالغرام
ونعبرَ نهرَ الأساطير في مركبٍ من سفورْ
لنشربَ بعضَ الهواءِ المثلَّجِ
في قدحٍ من حريرْ
خُلقنا
لكي نتسلى بهذا التساؤلِ:
“ماذا سيحدثُ لو طارتِ الشمسُ
واحترقت مثلنا في خطوط العبير؟”
خُلقنا
لكي نعبرَ الأرض من شرقها الليلكيِّ
الى غربها المشتهى
على جسدٍ مُغرمٍ بالنشورْ
فقولي لمن سقطَ البحرُ منه
وظنَّ الرياحينَ مُلكاً لأحزانه الأزليةِ
مثلي
بربكَ، بعدَ انهيارِ الصحاري العظيمةِ
كيف ستلمسُ غيثَ التجلي؟
نوافذنا لا تُطلُّ على غابة الشعرِ
والشعر أرهقه منطقُ الإنحيازِ الى الأنبياءْ
لذلك قلتُ لمن يَشربونَ الكؤوسَ على جثةِ الأدب العربيِّ الحديثِ
خُذوا وقتكم
فالسماءُ لكمْ
وأُبَّهةُ الإنسيابِ لكم
وما في الحضور المُزَّيفِ من خُيَلاءْ
***
من الصعبِ ان أتذكرَ
كيف نشأنا بلا سبب بين قمح الجنون؟
وكيفَ حَلُمنا بما نحنُ في قلبه الآن منذ مِئات السنين؟
وماذا رسمنا على بعضِ جُدراننا حين كُنا صغارا
لنخلقَ قُنبلةَ الياسمين؟
ومن هوَ ذاك الإله الذي كان يَسرقُ بعضَ قصائدنا
لينثرها في دروبٍ سيعبرها الفاتحون؟
وأين زرعنا منازلنا
عندما رقصت لحظةُ العشقِ
أولَ أيامها في سماءٍ من الزيزفون؟
متى زارنا ساحلُ المتوسطِ
حتى يُعلمنا كيفَ نكسرُ ثلجَ السكون؟
من الصعبِ أن أتذكرَ شيئا
فماذا إذن سوف يُكتب عن موتنا الأرجواني؟
هل سوفَ تبكي علينا الفراشاتُ؟
أم سو
فَ نخرجُ من عالمِ الشعر دونَ عناءٍ كدمعِ العيون؟
فَ نخرجُ من عالمِ الشعر دونَ عناءٍ كدمعِ العيون؟
لماذا تُعيدين ربطَ العناوين بالذكرياتْ؟
وهل يخرجُ النبضُ من كوكبٍ غارق في التمرُّدِ؟ هل تذكرينْ
تَعَلُّقنا الحلوَ بالسفرِ الجسديِّ؟ وهل تذكرينْ
مساءً كتبناهُ بين الغيومِ؟ وهل تذكرينْ
نشيجا سمعناهُ مثل اشتياقِ المدينة للفجرِ
ينمو على جبلٍ ويطيرُ كرائحة الياسمينْ
أعيدُ الى الحبِّ إيمانَه بالخلودْ
أعيدُ له باقة من مواعيدِنا
وأعيدُ له نكهةَ الإضطراب المعطرِ من ذكريات البداياتِ
أمدحهُ بالقصائدِ حتى يُكرِّرَ كلَّ حكياتنا
ويزودها بالوعودْ
وأمدحهُ بعصافيرنا الذهبيةِ
بالأقحوان المتبلِ بالماءِ
بالزنجبيلِ الذي يشربُ الخمرَ.. مثل النشيدْ
أُعيدُ الى الحبِّ شكلَ سَفرجلة مُزَّةٍ، وأعيدْ
له ما أضاعَ على حافةِ الجِسْرِ من سندسِ الكلماتِ، أعيدْ
له صوتنا كاملاً، وأعودْ
الى أرضِه دونما رغبةٍ في ارتكابِ التفاصيلِ
حتى أغيرَ وجه الوجودْ
الى قدرٍ مُغرمٍ بالندى
وكنتِ تنامينَ مثلَ الورودْ
على وقعِ صوتي
وترتكبينَ الطفولةََ دونَ التفاتٍ إلى سُحُبٍ كالمسافاتِ
منفوشةٍ بين سنبلتينا
على وقعِ صوتي
تنامين مثلَ الورودْ
وتقتحمينَ الفراغَ الى عالمٍ مُفعمٍ بالرؤى والوعودْ
وتبتسمين
فأشعرُ اني أقطفُ مِشمِشةَ الحُبِّ من شفتيكِ
وأشعرُ أني أعدُّ السماءَ لشيءٍ جديدْ
أعدُّ العصافيرَ والأقحوانَ لشيءٍ جديدْ
أدوِّنُ قصتيَ العبثيةَ
معْ جسدٍ يتشظّى
لعليَ يوماً أغيِّرُ شكلَ الوجودْ
أقولُ: احترقتُ بحبكِ مثل الفراشاتِ
واغتسلتْ لُغتي بالرعودْ
وما زال في القلبِ مُتسعٌ للمزيدْ
وما زال طفلُ الغرامِ يئنُّ حزيناً
فهل ترجعُ الذكرياتُ؟ وهل تقبلينْ
بجسرِ القصيدةِ، يوصل ما بينَ خارطتينا؟ وهل تسمحينْ
لروحيَ ان تتعمدَ من شبقِ السُّحبِ الأنثوية؟ هل تسمعينْ
سكونَ المرايا يُكبِّلُ واقعنا بالغِناءِ.. كما تحلمين؟
فما زالَ في القلبِ مُتَّسعٌ للمزيدْ
وما زالَ في القلبِ مُتَّسعٌ للجنونْ
2009-02-15
كاليفورنيا