د. وسام جواد
عجائب الدُنيا ليست بِسَبعةٍ بل أكثر, تخلبُ الألباب في الشكل والمَنظر, وتشغل البال في المضمون والجوهر, بعضها من الأهرام والجنائن أكبر, وبَعضها من تمثال رودوس أصغر,ومن سورالصين في الطول أقصر, ومن رحلاتِ السندبادِ السَبع أخطر, ومن أروع أساطير الشعوبِ أشهَر, ومن أبدع المعلقاتِ السَبع أشعَر, وعَددُها في عالمِنا العَربي يَكبر, حَيثُ الجيوش في الحروبِ لا تُقهَر, والقادة في الدكتاتوريةِ أعنف من هتلر, وفي القسْوَةِ أشدّ من هِملر, وفي الحيلةِ من رومِل أمهَر, وفي الحَرق من نيرون أقدر, وفي الخيانةِ أنذل من أنور, وفي السَفالةِ من حُسني أحقر, وفي الضحالةِ من سعود أقذر, وفي الخداع من الثعلبِ أمْكَر, وفي الغدر من الذئبِ أغدَر, وفي الحِقدِ من الناقةِ أصبَر, وفي الحيطةِ من القنفذِ أحذر, سُيوفهم من بيض الهندِ أبتر, على القريبِ تنزلُ كالمُنكر, والى الغريبِ تُهدى ولا تُشهَر, واليكم بَعضا من عجائبٍ لم تُذكر :
يدّعي مَن تحالف مع الإمبريالية, ووقع معها بنود إتفاقية, بأن على القوى العراقية, أن تلعب أدوارا رئيسية, في تمثيل فصول مسرحية, عُرضَت على الآياتِ والمَرجعية, وعلى المعممين والقوى الرجعية, ودُعي لحضورها جياع العلمانية, ببطاقاتِ تموين ودخول مجانية, نظرا لعدم توفر الإمكانية, وأخذا بأسباب واعتبارات إنسانية, وقد سميت بـ “العملية السياسية”, جَرّت أحزابا ومنظمات دينية, والتحقت بها أطراف يمينية, تربت على الحقد والشوفينية, وعناصر تروج للدولة العبرية, ولانفتاح على الدول الغربية, ولانبطاح تحت ذرائع غبية, تبجحت بها فئات حزبية, وصفت مقاومة الغزاة بالإرهابية, في ندوات ومهرجانات خطابية, وبررت تدخل القوات الأجنبية, وزعمت أن قوات الغزو الهمجية, ستخرج لا بفعل المقاومه الوطنية, بل بفضل مسرحيتهم السياسية..! فيا للإنحراف عن التعاليم الأساسية, لفكر لينين وما أتت به الماركسية, ويا لسرعة التلون والنفاق بأرقام قياسية ..
مللنا سماع الأصوات الناعبة, واسطوانة سياسة الحزب الصائبة, وترديد ورفع الشعارات الكاذبة, والخروج في مظاهرات صاخبة, وكفرنا بقيادة للحقائق قالبة, ولِما صَبّ كأس الخيانة شاربة, وبعَرض الجدار للمبادئ ضاربة, وعن تحمل مسؤولياتها هاربة, والى الجحيم حتما ذاهبة, ولأذيال الخيبة والفشل ساحبة, فالجُموع على أمثالها شاطبة, وفي السير حتى النهاية راغبة, ولِنازلاتِ الزمان والدهر حاسِبة, بوعي وتفكير ونظرة ثاقبة, لن يعكر صفوها أية شائبة, وفجرها قادم وشمسُ البُغاةِ غاربة ..
لقد سقط الإتحادُ وانهار الجدار, وبقي الفكرُ وعاشَ اليَسار, يداوي الجراح بعد انفجار, دَمّرَ صرحا قيلَ عنه جبار, فهرب الجبانُ دون انتظار, وانحرف البعض عن المسار, وساوم وتحالف واختلق الأعذار, وتابع الأبرارُ رحلة الإبحار, بعز وشموخ وإباء واقتدار, نحو هدف تحيط به الأخطار, بمركب يلاطمه الموج ويدفعه التيار, الى ساحل دمره الإعصار, وعصفت به الريح والأمطار, فكان لابد من الأستمرار, والجرأة في اتخاذِ القرار, لرفض ما خبئت يد الأقدار, فإما الوصولُ وإما الاندحار ..
لا عَجَبَ إن غرقت السفنٌ في البحار, واذا تصَحّرَت الأرضُ وجفت الأنهار, واذا تحولت الى رماد حمم من نار, واذا فشل القائدُ في تحقيق انتصار, واذا زرع البعضُ وقطفَ الغير الثِمار, واذا لم يلتق الأحباب بعد طول إنتظار, لكن العجب لبعض مَن حُِسبوا على اليسار, وسكتوا على العدوان وأيدوا فرض الحصار, ومن هربوا قبل المعارك وما أطلقوا النار, وسلموا دار السلام في وضَح النهار, والعجب أن يَطلبَ البعضُ لهم ردَ إعتبار, قبل أن يَطلبَ مِنهم تقديمَ إعتذار. والعجب مِمن باع الوطنَ ببارق الدولار, وما هَمهُ مَصيرَ الشعبِ والأهل والدار, ولا أنبهُ الضمير والشعور بالذنب والعار, وإني لسائل المولى والخالق الجبار, أما كان لهذا العبد غير هذا الخيار ؟, أليسَ حَريا وقف التحالفِ مع الأشرار, ورص الصفوف في جبهة الأحرار, قبل مرور الوقت وعبور القطار ؟, فاطلالة الفجر تبشر بقدوم النهار , والعراق باق وأعمارُ الطغاةِ قصار ..